بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
الشيء السائد حاليا وفي ظل الاوضاع السيئة التي تمر بالسياحة التي كانت صناعة الامل في مصر والمتمثلة في الانفلات الامني والسياسي وما يعود اليه من عدم استقرار.. نجد المنشآت والانشطة العاملة في هذا المجال تدخل في معارك كفاح من اجل الاستمرار والحفاظ علي وجودها.
لقد اصبح امرا طبيعيا ومنذ الـ 15 شهرا الماضية والتي اعقبت ثورة 25 يناير التي جسدت بمبادئها آمالا كبيرة لمصر.. ان تتعرض هذه الصناعة الواعدة الي هزات وكوارث نتيجة الفوضي وعدم الانضباط في كل اوجه الحياة المصرية. المحصلة المحققة لكل هذا الذي يحدث هو خسارة بمليارات الدولارات للدخل القومي ومؤشرات بالبدء في قطع ارزاق الملايين الذين يعملون في المجالات السياحية المختلفة.
المشكلة ليست في ممارسة حق التظاهر والتعبير وانما المشكلة الحقيقية تتمثل في تصاعد التسيب وغياب الانضباط الذي يجد فيها السائح اوضاعا غير صحية للاستمتاع بمقومات مصر الثقافية والطبيعية.
وسط هذا المناخ الملبد بالغيوم وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستقبل يأتي تحرك بعض المنشآت المتصل عملها بالنشاط السياحي بشكل رئيسي جريا وراء طاقة أمل في الخروج من دائرة المجهول التي أصبحت تحاصر مصر بشكل عام والسياحة بشكل خاص. تمثل جانب من هذا التحرك منذ اسبوعين في استئناف مصر لرحلاتها الجوية الي اليابان بعد توقف استمر اكثر من عام. وكما هو معروف فقد مثل هذا الخط الجوي عصب الحركة السياحية بين اليابان ومصر علي مدي السنوات الماضية باعتباره كان الوسيلة المباشرة الوحيدة التي تربط القاهرة بالعاصمة اليابانية طوكيو. وكما هو معروف وبناء علي الدراسات الاقتصادية فقد كان هذا الخط يلقي رواجا كبيرا باعتبار ان اليابانيين يفضلون الرحلات المباشرة سواء لزيارة مصر او لاستخدامها كنقطة ارتكاز للتحرك من القاهرة الي افريقيا ودول الشرق الاوسط . كانت هناك آمال كبيرة قبل ايقاف هذا الخط في ان يساهم في تصاعد اعداد السياح والمسافرين اليابانيين.
علي أمل امكانية استئناف هذا النجاح الذي كانت احداث الثورة سببا في ايقافه جري الاحتفال بتسيير أول رحلة من جديد حيث كان وزير السياحة منير فخري عبدالنور علي متنها لبحث سبل تنشيط حركة السياحة من اليابان والتي كانت متوقفة. جري خلال هذه الزيارة القصيرة الالتقاء بعدد من منظمي الرحلات اليابانيين كما اتيحت الفرصة لبحث رفع حظر سفر اليابانيين الي مصر والذي كان قد نصح به بيان لخارجيتهم. جاءت مبادرة مصر للطيران علي ضوء ما كان يبدو حول امكانية استقرار الاوضاع السياسية من خلال بدء اجراءات خطوات بناء الدولة المصرية الجديدة والتي يجسدها محاولات وضع الدستور والانتهاء من الانتخابات الرئاسية.
وكما يقولون »فليس كل ما يتمناه المرء يدركه« وهو الامر الذي تمثل في القلاقل السياسية التي استهدفت الا تمر هذه الفترة بسلام وعلي اساس الاحتكام الي الاعلان الدستوري والقوانين السائدة. لم يمض ايام علي اول رحلة الي طوكيو بعد هذا التوقف الطويل حتي شهدت شوارع القاهرة وبعض المحافظات عددا من المظاهرات الفوضوية الهوجائية التي تطالب بتطويع القوانين حسبما تريد. كان من نتيجة ذلك صدامات ومشاكل وعمليات تعطيل للمسيرة الديمقراطية. وزاد الطين بلة ما تشهده البلاد من ارتفاع في حدة الصراعات علي السلطة تهدد بصدامات لا تحمد عقباها. كل هذه الامور اصبحت تمثل سوء حظ للمبادرة الطيبة التي اقدمت عليها مصر للطيران لصالح السياحة باعتبار ان الاسواق الاسيوية كانت تمثل املا في الارتفاع بمعدلات الحركة السياحية الوافدة الي مصر.
إن ما أخشاه حاليا ان تنعكس هذه التطورات علي كل خطوط الربط بين القاهرة وكل العواصم الاسيوية وفي مقدمتها الصين التي تعتمد حاليا علي حركة التبادل التجاري النشطة بين البلدين. وقد كان هناك امل في ان يكون لمصر نصيب وافر من حركة السياحة الصينية المتنامية الي الخارج والتي بلغت عشرات الملايين من السياح. كل الدلائل ومع استمرار حالة الفوضي وغياب المسئولية الوطنية تعطي مؤشرا سلبيا حول هذه التوقعات وهو ما ينبيء باعادة وقف خط طوكيو من جديد ليمثل بذلك ضربة موجعة اخري لصناعتي السياحة والطيران والاقتصاد القومي.
هل من مغيث لصناعة الامل ولمصر للطيران المرفق الوطني للنقل الجوي الذي حقق خسائر تقدربأكثر من 2 مليار جنيه خلال عام 2011. ليس هناك ما يقال امام هذه الاوضاع المأساوية سوي ارحموا مصر أيها المصريون.. انها لا تستحق ما يجري علي أرضها.. وأملنا في المولي عز وجل ان يخرجها من عثرتها آمين يارب العالمين.