دبى " المسلة " … أصدر مؤخراً مركز آسيا والمحيط الهادئ للطيران "كابا" تقريراً عن مجموعة طيران الجزيرة وأدائها المالي والتشغيلي وما حققته من نتائج قوية خلال عامين فقط منذ اتباعها لاستراتيجية عمل جديدة ما أسمتها بخطة "العودة إلى الربحية". وجاء في التقرير أن "طيران الجزيرة" استطاعت أن تحوّل الخسائر التي تكبدتها في عامي 2009 و2010 إلى أرباح قياسية، وحددت لها مساراً واضحاً لمستقبل مستقر، وذلك بعد عامين خضعت فيهما إلى أحد أكثر برامج العودة إلى الربحية وإعادة الهيكلة شمولية في القطاع. ولفت التقرير إلى الأثر الإيجابي الذي خلفه الاستحواذ على شركة "سحاب لتأجير الطائرات" التي تتمتع بهامش ربح مرتفع والتي ساهمت بنسبة 52% في أرباح المجموعة في 2011.
ويقول التقرير أن بعد توسع وتطوير طيران الجزيرة منذ إنطلاق عملياتها في أكتوبر 2005، اضطرّت طيران الجزيرة إلى التخلي عن قاعدة عملياتها الثانية الكائنة في دبي، وواجهت في الوقت ذاته تحديات في السوق المحلي بسبب زيادة المقاعد المتوافرة في السوق مقابل الطاقة الاستيعابية لسوق السفر الذي أثر بالتالي في انخفاض معدلات إشغال المقاعد ونسبة العائد على المقعد. فخلال 2009، بلغت نسبة المقاعد الشاغرة في الكويت 44% إجمالياً فيما ارتفعت هذه النسبة إلى 51% في 2010.
في أوائل عام 2010، يذكر التقرير بأن طيران الجزيرة كانت قد تكبدت خسائر خلال ستة فصول مالية من أصل ثمانية.
وجه جديد: تكاليف منخفضة وعوائد عالية:
من جهة أخرى، لفت تحليل " كابا" إلى أن "طيران الجزيرة" وبعد أن تكبد الخسائر والتشغيل ضمن وضع تجاري هش نسبياً، باشرت المجموعة بمراجعة جذرية لنظرتها المستقبلية وعملياتها التشغيلية. فخفضت من طاقتها الاستيعابية من جهة، وقلصت حجم أسطولها للنقل التجاري من 11 طائرة إلى خمس فقط إضافة إلى تخفيض فريق عملها بنسبة 30% بما يتناسب مع حجم عملياتها. وأعيد استغلال الطاقة الاستيعابية الفائضة في الأسطول من خلال ذراع تأجير الطائرات، "سحاب" التي تم الاستحواذ عليها بالكامل في بداية 2010، مما ساهم بتوفير تدفقات نقدية مستقرة ومباشرة للمجموعة.
وأضاف "كابا" في تقريره أن طيران الجزيرة قامت بمراجعة شبكة وجهاتها بحيث تتضمن الوجهات الأكثر طلباً في الشرق الأوسط وتوقف التشغيل إلى الوجهات غير المربحة، ليصبح عدد الوجهات التي تخدمها الشركة اليوم ثمانية عشرة وجهة تبعد بمسافات طيران قصيرة تستغرق ساعتين من الكويت إلى الوجهة المقصودة. كما تم تخفيض نسبة استخدام الطائرات للتركيز على توفير مواقيت رحلات أكثر تناسباً مع جميع شرائح المسافرين وخاصة المسافرين من رجال الأعمال. كما قامت طيران الجزيرة بمراجعة طلبها لدى شركة "إيرباص" لتلغي 25 طائرة من أصل 40 طائرة من طراز إيرباص A320، وهو دليل إضافي على إستراتيجيتها التي تركز على تحقيق الربحية قبل المضي في النمو.
وتعليقاً على ذلك، وصف الرئيس التنفيذي للشركة، السيد/ ستيفان بيتشلر خلال حديث مع مركز "كابا" نموذج عمل "الجزيرة" التجاري على أنه "ذو تكاليف منخفضة، وعوائد عالية"، مشيراً إلى أن الشركة انتهجت طريقاً تقدم من خلاله خدمات تلائم مسافريها، وتزيد من عوائدها في الوقت ذاته. ويقول عن هذه الإستراتيجية أنها أكثر استدامةً من مجرد توفير قاعدة ذات تكلفة منخفضة فقط، إذ يرى بيتشلر أنه "من الممكن دخول منافس ذو تكاليف منخفضة في أي وقت، هكذا تعمل الأسواق".
جدير ذكره أن بيتشلر سيتحدث في قمة الطيران القادمة التي ستقام في اسطنبول من الفترة 19 إلى 20 إبريل، للتحدث عن تطور نموذج عمل طيران الجزيرة.
وقامت طيران الجزيرة بتطوير نموذج عملها من نموذج يعتمد على التكاليف المنخفضة إلى نموذج معزز يوفر مميزات إضافية للمسافرين مثل زيادة وزن الأمتعة المسموح به مجاناً، ومقصورة درجة الأعمال التي تتبع الطراز الأوروبي بحيث يصبح المقعد المتوسط مساحة عمل، وهو الذي أكده الرئيس التنفيذي للشركة، السيد/ ستيفان بيتشلر في حديث لمركز "كابا" عندما قال أن نموذج العمل الجديد جاء استجابة إلى السوق الذي تستهدفه طيران الجزيرة، مضيفاً بأن هذا السوق ينجذب إلى المنتج أكثر منه السعر، لأن الحساسية للسعر ليست بذاك القوية. فشركات الطيران الاقتصادية الأخرى العاملة في الخليج تستهدف بشكل كبير جداً العمالة الوافدة في تلك الدول.
علاوة على ذلك، يقول بيتشلر بأن تقديم منتج ذات قيمة مضافة أتاح لطيران الجزيرة فرصة دخول سوق القاهرة، وعلى الرغم من الاضطرابات الذي سادت العام الماضي في مصر، فإن العوائد تواصل النمو والأرباح زادت.
وفي هذا الصدد أشار التقرير إلى أن العائد للمقعد لطيران الجزيرة قد ارتفع بنحو 46% في عام 2011، وتضاعف خلال الفصول الستة منذ أن بدأت المجموعة بتنفيذ خطة "العودة إلى الربحية" في منتصف عام 2010.
ولفت تحليل " كابا" إلى أن ارتفاع نسبة العائد في طيران الجزيرة ارتبط بعدد من العوامل المتعلقة بالشركة. أولها تخفيض حجم الأسطول من طائرات إيرباص A320 الذي تشغّله لنقل المسافرين بهدف إدارة الطاقة الاستيعابية للشركة بشكل صارم. إلى جانب هذا أيضاً، تحسين شبكة الوجهات التي تخدمها ليس فقط من خلال تقليص الوجهات غير المربحة بل أيضاً بإعادة جدولة الرحلات لتوفر مواقيت مناسبة للمسافرين وذلك على حساب نسبة استخدام الطائرات والطاقم. هذا وأشارت الشركة في وقت سابق إلى تفوقها في نسبة إلتزامها بمواعيد السفر التي تفوقت على نسبة 95% في 2011، والذي تقول الشركة بأنه من أفضل النسب في الشرق الأوسط، وهو ما يجذب أكثر الفئة المربحة من المسافرين من رجال الأعمال.
أرباح قوية:
من جانب آخر، لفت التقرير إلى أنه وفي الربع الثالث من 2010 – أي أقل من ستة أشهر على البدء بتنفيذ خطة "العودة إلى الربحية"، عادت طيران الجزيرة لتسجيل الأرباح، حيث بلغ صافي ما حققته 4.4 مليون دينار كويتي، وهو أفضل ربع تشغيلي في تاريخها. ومن ذلك الحين، أشار التقرير إلى أن طيران الجزيرة سجلت أرباحاً متتالية خلال الفصول الستة التي تبعت، لتسجل في عام 2011 أرباحاً صافية قياسياً لعام كامل بلغت 10.7 مليون دينار كويتي.
في غضون ذلك، أضاف التقرير أن ومع تخفيض حجم المقاعد التي توفرها طيران الجزيرة في عام 2010 وتخفيض إضافي بنسبة 28% في عام 2011، تراجع عدد عدد المسافرين على متنها بنسبة 12% فقط، وهو دليل على عدد المقاعد الذي يفوق بحجم كبير القدرة الاستيعابية الحقيقية للسوق. أما عوامل الحمولة فارتفعت بنسبة 7.2 نقطة مئوية لتصل إلى 65.2%، وهو رقم تنوي طيران الجزيرة تعزيزه. وذكرت طيران الجزيرة أيضاً عن تراجع الثقة في السوق المحلي بعد انهيار "الوطنية".
تعليقاً على ذلك، يقول تحليل "كابا" أن انسحاب "الوطنية" من السوق بصورة سريعة، أتاح للجزيرة تعديل عروضها وأسعارها فوراً، مما ساعدها على تعزيز عوائدها. وتسعى طيران الجزيرة أيضاً إلى الهيمنة على الحصة السوقية في معظم وجهاتها المقصودة، ما يمكّنها من توفير أسعار تنافسية أكثر.
من جهة أخرى، يرى التقرير أن نمو العائد بشكل ملحوظ يعود إلى عوامل أخرى أضافتها الشركة على منتجها وخدماتها. وفيما تبقى طيران الجزيرة طيران منخفض التكاليف، فقد رأت حاجة مثل معظم مشغلي الطيران الاقتصادي إلى تطوير نموذج عملها بحيث يتيح لها تعزيز العوائد. ولهذا أضافت طيران الجزيرة لائحة طعام جديدة متغيرة شهرياً، وزادت الوزن المجاني عند تسجيل الأمتعة للمسافرين على درجة رجال الأعمال والدرجة السياحية، كما أضافت برنامج مكافآت "جزيرتي" للمسافرين المعتادين، وعززت من بيئة تقنية المعلومات لتواكب رغبات العملاء، ولتكون الشركة الأولى في الكويت التي تطرح خدمة إصدار بطاقات صعود الطائرة عبر الإنترنت، في وقت تخطط أيضاً إلى توفير خدمة الحجز عبر الموبايل.
على صعيد آخر، لفت التقرير إلى قضية احتواء التكلفة التي ظلت هدفاً أمام طيران الجزيرة. فبينما خفضت الطاقة الاستيعابية بنسبة 28% في 2011، قلصت أيضاً التكاليف التشغيلية غير الوقود بشكل كبير. ورغم ذلك، زادت أسعار الوقود المرتفع التكلفة على طيران الجزيرة بمعدل 4.5 مليون دينار كويتي، الأمر الذي دفع التكاليف الإجمالية في تلك الفترة إلى الارتفاع بنسبة 3.3 % لتبلغ 43 مليون دينار.
ولا تملك طيران الجزيرة سياسة تحوّط، ولم تشر إلى نيتها تطبيق واحدة، فهي تعتمد بدلاً من ذلك على فرض رسوم إضافية على الوقود ضمن سعر التذكرة لموازنة أسعار النفط المرتفعة. في 2011، ارتفعت تكاليف وقود طائرة "الجزيرة" بمعدل 37%. هذا ويشكل الوقود 35% من التكاليف السنوية.
لهذا قررت الشركة تقليص بعض التداعيات السلبية عليها عبر فرض رسوم إضافية على الوقود، إضافة إلى الاستفادة من ميزة خصم 10% على وقود الطائرات الذي توفره الكويت. فالشركة تتزود في الكويت بأكثر من 90% من وقودها، مما يشير إلى أنها تغادر الكويت وهي مزودة بوقود كاف لرحلة عودتها لتتجنب دفع رسوم أجنبية أعلى.
في سياق آخر، استطاعت طيران الجزيرة أن تحقق نتائج تشغيلية بلغت 14.9 مليون دينار في 2011 مقارنة مع 1.1 مليون دينار في 2010. وحولت صافي نتائجها من خسارة بمعدل 2.8 مليون دينار في 2010 إلى صافي أرباح بقيمة 10.6 مليون دينار بما في ذلك مكاسب الضريبة التي بلغت 529 ألف دينار.
الاستحواذ على ذراع تأجير الطائرات، "سحاب" :
أشار تحليل " كابا" إلى أن الاستحواذ على شركة سحاب لتأجير الطائرات عزز خطة "العودة إلى الربحية" للمجموعة. ووصف رئيس مجلس إدارة الشركة السيد/ مروان بودي عملية الاستحواذ بقوله أنها "اندماج تجاري مثالي"، بحيث يوفر عوائد ثابتة وتدفقات نقدية وأرباح قوية على المجموعة. أما الرئيس المالي، السيد/ دونالد هابارد، فقال أن طيران الجزيرة وشركة "سحاب" يحققان أرباحاً جيدة عند كل مستوى، ويساهمان معاً في النتائج النهائية للأرباح.
هذا وتملك "سحاب لتأجير الطائرات" 12 طائرة منتشرة في أنحاء العالم، ست منها مع شركة طيران الجزيرة، وأربع مع شركة فيرجن أميركا، وطائرة مع شركة الخطوط الجوية السريلانكية. وسيبقى أسطول "سحاب" الذي تقوم بتأجيره لغير طيران الجزيرة مكون من ستة طائرات في 2012، وسيتم إضافة طائرتين إلى الأسطول في 2013، ليصبح المجموع ثماني طائرات.
هذا وتم استبدال طائرة قديمة كانت تشغّلها طيران الجزيرة بأخرى حديثة تم تسلمها في مارس 2012.
العودة إلى النمو:
أشار تقرير " كابا" إلى أن خطة "العودة إلى الربحية" انتهت رسمياً اليوم، بعد أن حققت أهدافها المرجوة وأعادت طيران الجزيرة إلى وضع مالي متين، مع عوائد مستقرة وثابتة وأرباح منتظمة. في بداية العام، أطلقت"الجزيرة" بخطة استراتيجية رئيسية (STAMP)، وهي برنامج يمتد على ثلاث سنوات للحفاظ على الربحية وتحقيق النمو المطلوب في الوقت ذاته.
وبناء على الخطة الاستراتيجية الجديدة، ستحافظ طيران الجزيرة على شبكة وجهاتها المكونة من 18 وجهة من الوجهات الأكثر طلباً والأكثر ربحية، وفي الوقت ذاته زيادة معدل إشغال المقاعد.
من جهة أخرى، تهدف طيران الجزيرة إلى تحقيق معدل حمولة يصل متوسطها نسبة 66% في 2012 ونسبة 67 % في 2013، و68% في 2014، أي أفضل بكثير من السابق لكنه أقل من المعدل الوسطي في المنطقة، فعلى سبيل المثال شركة العربية للطيران الذي بلغ متوسط الحمولة لديها 82% في 2011، و83% في 2010.
على صعيد آخر، قال التقرير أن نمو أسطول طيران الجزيرة سيكون محافظ فقد تسلمت الناقلة التجارية طائرتها السادسة من من طراز إيرباص A320 في الآونة الأخيرة، وهي الوحيدة التي يتم تسلمها هذا العام هذا العام. وستتسلم الشركة طائرة واحدة أخرى خلال السنوات الثلاث على عمل الاستراتيجية الجديدة.
في سياق ثان، لفت التقرير إلى أن الميزانية العمومية لشركة طيران الجزيرة أقوى من السابق، إذ انخفض معدل الدين الخارجي إلى حقوق المساهمين من 5.9:1 في 2010 إلى 3.2:1 في 2011. في حين زادت احتياطات النقد والودائع إلى 16 مليون دينار كويتي، بينما تحسن رأس المال العامل إلى 12 مليون دينار. وبانتظار إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس المال والتي تم تأجيلها كما أنها لا زالت خاضعة لموافقة التنظيمية الأخيرة، إضافة إلى تحسن الميزانية العمومية، تعتقد الشركة أن رسملتها جيدة بما يكفي للمستقبل.
وفي حين أن "سحاب لتأجير الطائرات" تشكل أكثر من نصف أرباح المجموعة، وهامش أرباحها أعلى، إلا أن الناقلة التجارية طيران الجزيرة تتوقع أن تساهم هي الأخرى في الحصة الأسد من الأرباح مستقبلاً.
يتوقع التقرير أن تحقق طيران الجزيرة نمواً معتدلاً في النصف الأول من 2012، على أن يزداد الطلب في الربع الثالث من هذا العام، ومن ثم تحقيق بعض النمو من خدمات التأجير في الربع الأخير من 2012. وتتطلع الشركة إلى استمرار عوائدها أو زيادتها. وستستمر بالتركيز على إدارة التكاليف بشكل صارم، لكن من دون وضع برامج تحوّط أمام ارتفاع أسعار الوقود الأمر الذي يراه المركز محط قلق، على الرغم من أن الحكومة تؤثر على أسعار الوقود.