بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
لابد أن نعترف بأن الاعلان عن إعادة تسيير الرحلات النيلية الطويلة من القاهرة وحتي الأقصر وأسوان قد أشاع إحساسا بالفرحة والتفاؤل- افقدته علي مدي الـ٥١ شهرا الماضية- السياحة.. صناعة الأمل ومن ورائها الملايين من المواطنين الذين يجدون رزقهم في أنشطتها المختلفة..
أهمية هذه الخطوة تعود إلي ان استئناف هذه الرحلات يأتي بعد توقف دام ٥١ عاما متوالية!! هذا الإجراء كان قد تم اتخاذه في حينه لأسباب أمنية في وقت شهدت صناعة فنادق النيل العائمة ارتفاعا كبيرا في أعدادها وصلت إلي ما يقرب من ٠٠٣ وحدة تم بناؤها لمواجهة رواج الاقبال علي هذه الرحلات. توقف هذا النشاط ذو العائد المرتفع كانت له تداعياته تجسدت في خسارة اقتصادنا القومي للعائد الكبير الذي كان يتحقق. من ناحية أخري فقد ترتب علي ذلك تجميد استثمارات بمليارات الجنيهات تم انفاقها في هذه المشروعات.
يُضاف إلي ذلك قطع أرزاق مئات الألوف من أبناء الصعيد الذين ولا جدال كان لهم نصيب كبير من العائد الذي كان يتحقق متمثلا في فرص عمل وترويج لكثير من الخدمات والمنتجات المحلية بكل المناطق التي كانت تمر بها هذه السفن الفندقية.
كما هو معروف فقد كانت هناك عملية شد وجذب حول هذه القضية وما تمثله من أهمية كبيرة لصناعة السياحة المصرية خاصة بعد ان أصبحت ركيزة أساسية للاقتصاد القومي. كان يجري تداول الحديث عن استئناف هذه الرحلات طوال الـ٥١ سنة الماضية ولكنها كانت دوما تنتهي إلي لا شئ.. وفي يوم الأحد الماضي التقيت وزير السياحة منير فخري عبدالنور لتبادل الحديث حول مستقبل صناعة الأمل. وجدته أسير حالة من الفرح والسعادة.. ومن خلال الحوار الذي دار فهمت منه ان رئيس الوزراء الدكتور الجنزوري وافق علي عقد اجتماع وزاري في »يوم الاثنين« بناء علي طلب وإلحاح منه لبحث معوقات عدم استئناف الرحلات النيلية الطويلة.
كان مستبشرا خيرا حول امكانية عودة هذه الرحلات التي تحظي باهتمام واقبال الشركات السياحية العالمية التي تتعامل مع مصر وتطلق عليها »رحلات الأحلام«.. ان السياح يعيشون علي ظهر هذه السفن علي مدي أكثر من أربعة أيام وسط المناظر الطبيعية في رحلة الذهاب يتمتعون بالشمس والطقس الرائع وزيارة آثار مصر الحضارية المنتشرة في القري والمدن علي طول مجري النيل الخالد.
وتم الاجتماع المنتظر الذي حسم فيه رئيس الوزراء الموقف من خلال تحقيق التوافق بين الوزراء المعنيين علي استئناف هذه الرحلات النيلية ابتداء من شهر مايو القادم ضمانا للانتهاء من تجهيزات المراسي لاستقبالها. بالطبع فقد كان لموافقة الأمن ممثلا في اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية القول الفاصل في تحقيق هذا الأمل والذي سيكون له مردود نفسي ايجابي بالنسبة لكل من لهم علاقة بمهنة السياحة في الداخل والخارج. ان تأثير هذه الخطوة المهمة لا تقتصر علي عائدها الاقتصادي والاجتماعي وإنما تمتد وبشكل غير مباشر إلي مناخ الأمن والأمان الذي يجب ان يسود ربوع مصر.
ولقد كان لتأكيدات وزير الري المهندس هشام قنديل الذي تواجد في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد الاجماع بحضور فايزة أبوالنجا ووزير السياحة.. بأنه سيتم اتخاذ الترتيبات اللازمة لتوفير المياه اللازمة علي طول مجري النيل بما يتناسب مع غاطس الفنادق العائمة. الالتزام بهذا الوعد يجنب هذه الفنادق التعرض لأي مشاكل. أضاف بأن مهمة تطهير المجري ستتولاها وزارة النقل إلي جانب مسئولية ضمان حظر التلوث ومتابعة عوامل الأمان في هذه الفنادق العائمة.
من البديهي إلا يمر هذا الانجاز العظيم لصالح صناعة الأمل دون الاشادة بتجاوب الوزراء المعنيين مع حسم وحزم الدكتور الجنزوري. وفي هذا المجال لا يفوتني ووفقا للمعلومات المتوافرة من متابعتي لهذه القضية علي مدي سنوات ان أشيد بمثابرة وحماس وزير السياحة منير فخري عبدالنور من أجل استئناف هذه الرحلات النيلية وهو الامر الذي انتهي بنجاحه في عبور العراقيل والمعوقات التي كانت سببا في فشل جهود كل وزراء السياحة السابقين.
ليس سرا أن أقول أنه كان وراء هذا النجاح روح المرونة والعلاقات الطيبة المتبادلة بين الوزراء وابداء روح التعاون من خلال صندوق السياحة للمساعدة في توفير كل الاحتياجات اللازمة لبعض الوزارات خاصة الداخلية والبيئة. وفي النهاية جاء صدور القرار الذي طال انتظاره بعودة رحلات الأحلام ليستمتع سياح العالم بأجواء النيل الخالد الساحرة ويعيشون مع تاريخ مصر الممتد لآلاف السنين.