الكويت "المسلة"…أصدرت شركة المركز المالي الكويتي " المركز" مؤخراً نسخة محدثة عن مجموعة تقاريرها التي تغطي البنية التحتية وتشمل: الكهرباء، المطارات، الموانئ البحرية، الطرق والطرق السريعة، المياه وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي هذا التقرير، تتناول شركة المركز موضوع المطارات في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث طاقتها الاستيعابية ،والتحديات ،والمشاريع ،و التوقعات المستقبلية.
وقال التقرير الذى نشرته " مياشر " اليوم أن ارتفاع أسعار النفط والدعم الحكومي المستمر ساهم بتحويل بعض شركات الطيران الخليجية مثل طيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، وشركة الاتحاد للطيران إلى شركات عالمية. ونجحت بعض حكومات المنطقة في بناء نموذج لمركز طيران عالمي، الذي يعد نقطة عبور لملايين المسافرين من انطلاقهم وحتى وجهتهم المقصودة. وبالفعل نمت حركة المسافرين في دول التعاون عند معدل نمو سنوي مركب يصل إلى 10% وذلك خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2010، وهي أعلى بكثير من نمو حركة السفر العالمية للفترة ذاتها والتي تراوحت بين 1% و3%.
من جهتها، استدعت حركة المسافرين ذات النمو السريع ضرورة تنفيذ عمليات توسعة ضخمة في المطارات الحالية لتتوافق مع حجم الطلب. وقامت الإمارات على وجه الخصوص بالسعي وراء هذا النموذج خلال العقد الماضي، وقفزت بالتالي بسرعة إلى مستوى التصنيفات العالمية، إذ بلغ عدد المسافرين في العام الماضي 48 مسافرا، لتملك دبي اليوم خامس أكبر مطار في العالم. ومع ذلك، إلا أن أبوظبي وقطر تسعيان كلا منهما لتكون مركزا ومحورا للمنطقة.
لكن تقرير المركز يقول أن القصة لا تتعلق بطموحات عالمية فقط، وإنما بتوفير ما يلزم لإشباع الطلب المحلي. فاستخدام الطاقة الاستيعابية الحالية في دول التعاون والمقصود بها عدد المسافرين إلى الطاقة الاستيعابية وصل إلى أكثر من 115 %. مع أن البحرين اليوم تعاني من ضعف الطاقة الاستيعابية وتراجع النسبة بصورة حادة، رغم ما حققته في 2010 عندما ضاعفت هذه القدرة. أما الإمارات التي شهدت عمليات توسعة ضخمة خلال السنوات الأخيرة، فتعد الدولة الخليجية الوحيدة التي تعمل بوجود بعض الاحتياطيات. فاستخدام الطاقة الاستيعابية يصل إلى 84% بسبب استكمال توسعات مطار دبي، الذي نمت طاقته الاستيعابية من 22 مليون مسافر سنويا إلى 60 مليون ، في وقت تشير التوقعات إلى أن العدد سيزيد إلى 90 مليون مسافر بحلول عام 2020.
وبناء على ما سبق، كثفّت الحكومات الخليجية من استثماراتها الرامية إلى تحديث وتوسيع المطارات لتلبية الطلب المحلي ولتحقيق استراتيجيتها المستقبلية. هذه الاستثمارات تصل تقريبا إلى 104 مليارات دولار في غضون الأعوام القليلة المقبلة، وتتركز بشكل أساسي في الإمارات، إذ إن حصة كبيرة من هذا المبلغ، تم رصده لصالح مطار آل مكتوم الذي تقدر تكلفته بنحو 50 مليار دولار، ومن المفترض استكماله في غضون عام 2020.
يقول التقرير أن عوامل عديدة ساهمت في تعزيز هذا النمو المرتفع من بينها الطلبات الجديدة على الطائرات، والسياحة، والإنفاق الحكومي، وشركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة، وتحرير قطاع النقل الجوي، وغيرها من العوامل المساعدة الأخرى. وبناء على ذلك تم إطلاق برامج توسعية ضخمة تتعلق بالبنية التحتية للمطارات وبتوسيع أساطيل الطيران في الوقت ذاته.
وتتوقع شركة إيرباص أن يتضاعف حجم أسطول الطائرات في الشرق الأوسط ثلاث مرات في 2028. كما تتوقع شركة بوينغ أن تطلب شركات طيران المنطقة 2,340 طائرة بحلول عام 2029، لتصبح القيمة الإجمالية لهذه الطلبات 390 مليار دولار. كذلك تتوقع بوينغ أن تنمو صناعة الطيران في المنطقة ليصبح متوسط نموها سنويا 7.1% خلال الأعوام العشرين المقبلة.علاوة على ذلك، من المتوقع أن تكون 43% من الطائرات التي سيتم تسليمها من ذات البدن العريض (wide-bodies)، وهو ما يؤكد على الاتجاه الذي ستلعبه الشرق الأوسط ودورها المتزايد في صناعة الطيران العالمية ( المسافات الطويلة).
في غضون ذلك، تملك كل من دبي والكويت وقطر على الأقل مشروع بناء مطار واحد مستقبلا. أما عمان فلديها مشروعين اثنين يتعلقان بتوسعة مطاري مسقط وصلالة، في حين بدأت السعودية بتوسعة مطاري المدينة وجدة. أما البحرين، فكانت شرعت في توسعة مبناها الحالي إلا أنها ألغت المشروع المتعلق بالمبنيين الجديدين.
وكانت منظمة النقل الجوي الدولي" أياتا" خفضت من الأرباح المتوقعة لسنة 2011 المتعلقة بشركات الطيران في الشرق الأوسط من 800 مليون دولار إلى 100 مليون دولار. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الاضطرابات المندلعة في دول كالبحرين ، واليمن، ومصر، والأردن، وغيرها. ومع ذلك، تستثني هذه التوقعات شركات الطيران الرئيسية مثل الخطوط الجوية القطرية، والاتحاد للطيران على اعتبار أن هذه الشركات غير المدرجة لا تنشر نتائجها.
وحالياً، هناك 37 مطارا مدنيا رئيسيا في منطقة دول التعاون. في السعودية والإمارات وحدهما هناك أكثر من 30 مطار. فالمملكة لديها 4 مطارات دولية و22 مطارا محليا، وتشكل مطاراتها الدولية 85% من حركة المسافرين.
من جهة أخرى، تطرق التقرير إلى التحديات التي تواجه المطارات في المنطقة، ويرى أنها تتمثل في اعتمادها الكبير على شركات الطيران وبلدانها الأم. فالمسافرون لا يختارون المطارات وإنما الوجهات. ومع ذلك، هذا الضعف الواضح لا يشكل شيئا يذكر في دول التعاون على اعتبار أن شركات الطيران الإقليمية الرئيسية هي في الغالب شركات طيران مركزية تحمل فيما يطلق عليه " ركاب الحرية السادسة" والمقصود بها هنا حق نقل الشركة للمسافرين أو البريد أو الشحن الجوي من بلد إلى آخر عبر مطاراتها وفق اتفاقيات موقعة بين الدول. وتنقل الشركة فقط المسافرين من خلال المطار وتغيير الطائرة ( وليس شركة الطيران كما جرت العادة). وبالتالي، تصبح الخدمات ، والراحة ، والعمليات الفعالة للمطار الرئيسي من العوامل الرئيسية للمسافرين عند اختيار شركة الطيران.
ولهذا ليس من المفاجئ كما يقول تقرير المركز أن أكثر الدول المتقدمة في دول التعاون تقوم ببناء مطارات ضخمة تنافس بها المطارات الأوروبية وتعزز من شركاتها المحلية وتطورها الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، يمكن إقناع هؤلاء المسافرين بالإقامة ليلة أو اثنتين في دول التعاون، وهو ما يساهم بدوره في رفع الاقتصاد المحلي. ومن المهم جدا في هذا السياق، أن تنفذ هيئة السياحة أو هيئات الهجرة برامج سياحية مرنة ، والعمل عن كثب مع شركات الطيران، لإنجاح هذه الأهداف.
من جهة أخرى، يقول التقرير أن نموذج المركز التجاري ناجح جداً أيضا، ليس أقلها سببا اقتصاديات الحجم. على سبيل المثال، 20 رحلة إلى وجهات مختلفة في آسيا يمكن أن تحلق من رحلة واحدة من الغرب( أوروبا أو أميركا )، وبالعكس بحيث يلعب المركز دورا كنطقة تبديل.
في غضون2020، ستبلغ الطاقة الاستيعابية لكل من طيران الإمارات والقطرية والاتحاد 200 مليون مسافر تقريبا، اي أربعة أضعاف طاقتها الحالية. وفي 2015، ستصل الطاقة الاستعابية السنوية لمطارات دبي والدوحة وأبوظبي 190 مليون مسافر. أما مطار دبي الجديد فسيكون قادرا على استقبال 70 مليون مسافر. هذه الرقم الضخم يأخذ بعين الاعتبار السكان المؤلفين من بضعة ملايين بمن فيهم العمالة الزائرة. أما السوق المستهدف فهو المواطنين العالميين. إذ ضاعف مطار دبي حجمه في السنوات القليلة. وها هي أبوظبي وقطر تسير وفق النسق ذاته.
من جهة أخرى، يقول التقرير أن الدول التي تملك مشاريع ومطارات أقل ضخامة( وبالتالي شركات طيران ومسافرين أقل) تواجه في الوقت الحالي حالة ازدحام واختناق. وهناك أنماط مختلفة للازدحام. فازدحام المدرج لا يعد مشكلة كبيرة في دول التعاون ، وإنما يتعلق الأمر في الغالب بمساحة المبنى كما في الكويت، أو بمساحة المبنى ومساحة مواقف الطائرات معا كما في البحرين. ولا شك أن المطارات المزدحمة جداً كما في دبي، حيث تم تحسين جميع موارد المطار بما في ذلك المدرجات، قد تم توسيعه إلى أقصى مدى. وبالتالي، تماما كالمطارات الأوروبية المزدحمة، نادرا ما تحصل مشكلة في حق الهبوط خلال فترات الذروة.
من جهة أخرى، تعد نسبة نمو الشحن والمسافرين في دول التعاون البالغة 10% إلى 11% مؤثرة جدا خاصة أنها حدثت خلال عقد شهد أزمتين كبيرتين( هجمات الحادي عشر من سبتمبر والأزمة المالية في عامي 2008 و2009). ويرى التقرير أن دبي وأبوظبي وقطر شهدتا أداء ممتازا. في حين شهدت سلطنة عُمان نموا عاليا في نسبة المسافرين، وقطفت دون شك ثمار مزايا استراتيجيتها السياحية. أما السعودية فشهدت أقل معدلات النمو حتى الآن، ولو أنها جاءت من قاعدة نمو عالية جداً. فحركة المسافرين في دبي تفوقت الآن على السعودية، رغم الأزمة المالية الفعلية في دبي. وهو ما يُظهِر أن تجارة السفر الجوي ناجحة ومرنة للغاية.
من جهة أخرى، تحلق دبي وحدها عالياً فيما يتعلق بحجم الشحن في مطارها وتتفوق على جاراتها. إذ استطاعت أن تضاعف حجم الشحن مقارنة مع أي مطار خليجي آخر في 2002, واليوم، زادت هذا الحجم خمسة أضعاف. وفي 2010، استطاعت دبي وحدها أن تتفوق على بقية مطارات دول التعاون الأخرى مجتمعة فيما يتعلق بالشحن.