بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
ارجو الا يتم تحميل ازمة المعتمرين المصريين فوق ما تحتمل وعلي غير حقيقتها. يجب ألا تكون هذه الازمة التي كانت متوقعة مجالا لمحاولة الصيد في الماء العكر وتحويلها الي خلاف سياسي لا هدف من ورائه سوي الاضرار بالمصالح العليا لكل من البلدين الشقيقين مصر والسعودية. نعم.. كانت هناك اخطاء ادارية سواء من المسئولين عن تسفير المعتمرين من جدة أو من المسئولين عن شركة الطيران السعودية. لابد ان نعترف بان اعداد هؤلاء المعتمرين هذا العام قد زادت بشكل كبير عما هو مقرر بنسبة تجاوزت الـ ٠٤٪.. كان مقررا ان يكون العدد في حدود ٠٠٥ ألف معتمر ولكن الذي حدث ان فاق الـ ٠٠٧ ألف معتمر. هذا التجاوز في الاعداد لم تقابله اجراءات واستعدادات تجنبا لما حدث.
> > >
لقد ظهرت بوادر هذه الازمة مع عملية منح التأشيرات حيث ظهرت مشكلة في توفير »الاستيكرات« اللازمة وهو ما ادي الي تأخير انهاء الاجراءات. كان لابد من الرجوع الي السلطات المركزية في السعودية للحصول علي الاعداد اللازمة خاصة بالنسبة لمعتمري القاهرة. وساهم في هذه المشكلة ان اجراءات بدء رحلات العمرة والاستعداد لها قد جاءت متأخرة نتيجة لأحداث ثورة ٥٢ يناير. لحل المشكلة لجأت القنصلية السعودية العامة الي الحصول علي فائض الاستيكرات من القنصلية السعودية في السويس في محاولة لسد النقص حتي يصل المدد من السعودية. كان من المفروض ان يتم تحذير كل من الطيران السعودي وسلطات مطار جدة من هذا التزايد في الاعداد لاتخاذ ما يلزم من اجراءات لمواجهة الموقف.
رغم ظهور هذه المؤشرات السلبية الا انه كان هناك احساس بعدم المبالاة تجاه متطلبات عمليات الترحيل مع اقتراب عمرة رمضان من نهايتها. هذا الأمر دفع سمو الأمير خالد بن فيصل أمير مكة بأصدار تعليماته بالتحقيق فيما جري من وقائع.
> > >
لقد ادركت السلطات السعودية ضخامة هذه الاخطاء ولكن جري ذلك بعد ان وقعت الواقعة وحدث التكدس والذي تسبب فيه بشكل اساسي عدم توفير الرحلات اللازمة من الطائرات لمواجهة التزاحم علي مغادرة جدة في وقت قليل قبل اجازة العيد. لم يضع المسئولون عن الطيران السعودي هذا الوضع في الحسبان وتعاملوا مع المشكلة دون مراعاة للمعاناة وما يتعرض له المعتمرون من تعنت خاصة من جانب مجموعات من العاملين.. وبالطبع فانه لا يمكن القول بانه كان هناك سوء نية واتجاه إلي تعمد سوء المعاملة وان كان ذلك لا يعفي من الحساب والمساءلة لكل من لم يقم بواجبه وفقا لما يرضاه الله والضمير.
> > >
من ناحية اخري لقد كان طبيعيا ان ينال مطار القاهرة من الحب جانبا نتيجة ما هو معروف عن المعتمرين المصريين وبهذه الاعداد الضخمة من اصطحاب حقائب كثيرة معهم عند العودة وهو ما يترتب عليه حدوث مشاكل بشأن اوزانها.. كان من نتيجة ذلك ان اصبح مطار القاهرة- تحت رحمة تكدس عشرات الآلاف- جزءا من المشكلة . ولعل مازاد من تفاقم الموقف عدم قدرة الطائرات السعودية علي نقل الحجاج وحقائبهم في وقت واحد. ادي ذلك الي تخلف آلاف الحقائب في مطار جدة وهو الامر الذي دفع المعتمرين وبحكم العادة الي عدم مغادرة المطار حتي يحصلوا علي حقائبهم بما تحمله من هدايا ذات قيمة وغير ذات قيمة. وقد تدخل وزير الطيران المدني المصري لانقاذ الموقف بإرسال طائرتي شحن إلي جدة فامتا بنقل ٠٥١ طن من الحقائب المتخلفة.
> > >
من ناحية اخري فإن ما حدث يدعو الي ان نقول »امسكوا الخشب« بالنسبة لمصر للطيران.. حيث انها استطاعت تقديم موسم عمرة ممتاز وبدون مشاكل وهو ما جعل المعتمرين علي الطيران السعودي يندمون علي اختيارها لهذه الرحلة المباركة.
كل هذه التطورات المتلاحقة وما صاحبها من مآس وصراخ ارتبطت بعودة المعتمرين في الايام الاخيرة من رمضان وتواكبها مع زنقة التواجد في العيد بالوطن. من المؤكد ان المحنة التي مر بها معتمرو مصر الذين استخدموا الطيران السعودي لابد وان تدعو الي ان تكون سلبياتها تحت الدراسة . وان يكون هناك اجتماعات بين وزيري الطيران والسياحة المصريين لبحث ملابسات الازمة.. وارجو الاسراع بعقد اجتماعات أخري مع الجانب السعودي لطرح كل السلبيات ووسائل مواجهتها مستقبلا .