اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

من أجل سياحة بديلة بتونس

تونس "المسلة". نور الدين السالمي … التأسيس لاقتصاد وطني مقدرات غير مستغلة تجليات الأزمة في السياحة من أجل سياحة بديلة االتأسيس لاقتصاد وطنيإذا سلمنا بأن الثورة في تونس قد بلغت نقطة اللا عودة وبأن المسار الإصلاحي ماض قدما لا محالة، فإن الوقت قد حان للتأسيس لاقتصاد وطني. بناء على هذا فإن من الضروري الاهتمام بمسألة السياحة التي تمثل ركيزة من ركائز الاقتصاد التونسي.

لن نخوض هنا في مدى صلاحية خيارات العشريات السابقة بقدر ما نصبو إلى تقديم قراءة نقدية ومقترحات قد تساهم في إصلاح وضع مهترئ وتقديم رؤية لسياحة بديلة من أجل تنمية حقيقية ومستديمة عوضا عن نمو متعثر وغير مدروس.

تشير كل الإحصائيات والدراسات إلى تطور متواصل ومتسارع لعدد السياح في العالم. فمن 25 مليون سائح سنة 1950 بلغ العدد 900 مليون سنة 2010 ومن المنتظر أن يبلغ هذا الرقم مليارا وستمائة ألف سنة 2020 ومليارا وتسعمائة ألف سنة 2030. كما يمتاز هذا القطاع بمعدل نمو هو الأعلى عالميا إذ ﺒﻠﻎ6,7% ﺴﻨﺔ 2010 ويمثل 30% من صادرات الخدمات العالمية. لا يختلف اثنان حول أهمية السياحة بالنسبة للاقتصاد التونسي الذي طور هذا القطاع منذ فجر الاستقلال وأولاه أهمية كبرى وراهن عليه. فبغض النظر عن مدى جدوى هذا الخيار ومردود هذا الرهان فإنه أقل ما يمكن قوله الآن إن السياحة تمثل قطاعا حيويا بامتياز إذ تساهم بـ6.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتغطي حوالي 60% من العجز التجاري وتوفر أكثر من 350 ألف فرصة عمل مباشر وغير مباشر. مقدرات غير مستغلة عديدة هي العوامل التي تدفعنا للتعامل بجدية مع مسألة السياحة في تونس. فبالإضافة إلى الاستثمارات التي رصدتلهذا القطاع والتي وجب النظر في مردودها خاصة في بناء الفنادق تعتبر تونس من الدول التي أريد لها أن تكون سياحية بامتياز إذ من المؤسف واللا معقول أن يتردى واقع السياحة فيها إلى ما هو عليه. ليس من المبالغة القول إن من النادر وجود بلد بمساحة تونس له من الثراء والتنوع السياحي ما يملكه هذا البلد الصغير إذ توجد فيه الشواطئ الرملية والصحراء والجبال والغابات والمحميات والجزر وكثافة عالية من المواقع الأثرية والتاريخية.

إضافة إلى التنوع في المشهد والمخزون الحضاري والموروث الثقافي تحظى تونس بموقع جغرافي متميز خاصة لقربها من الأسواق الأوروبيّة، ومناخ متوسطي معتدل وشعب منفتح ومضياف. لكن من المفارقات أن أغلب المؤشرات تبقى هزيلة بل وفي تراجع. إذ إنّ معدّل نسبة الإيواء داخل الفنادق للـ240 ألف سرير المتوفرة سنة 2010 تناهز 50%، كما أن متوسط مدة إقامة السائح الأجنبي لنفس السنة هو خمس ليال ونيف وأن معدّل ما ينفقه لا يتجاوز 360 دولارا وهو ما لا يتجاوز ثلث ما ينفقه السائح في المغرب وتركيا ومصر. تجليات الأزمة في السياحةعديدة هي تجليات الأزمة في السياحة التونسية. أولا يعاني القطاع من هيمنة وتغوّل وكالات السفريات الأجنبية وخاصة الأوروبية والتي تمارس كل أنواع الضغط والابتزاز على جميع مقدمي الخدمات في تونس ابتداء من المطعم الصغير وصولا إلى الخطوط الجوية التونسية ووزارة السياحة. "

السياحة تمثل قطاعا حيويا بامتياز لتونس إذ تساهم بـ6.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتغطي حوالي 60% من العجز التجاري وتوفر أكثر من 350 ألف فرصة عمل مباشر وغير مباشر"كما تبقى المديونية من أكبر المعضلات التي هوت بالمردود والجودة خاصة بالنسبة للفنادق، إذ لا يقل عن 120 وحدة فندقية من أصل 800 تعاني من تراكم ديون قد أصبح من المستحيل على العشرات من هذه الفنادق تسديدهها. لهذين العاملين انعكاسات عدة ساهمت في تقهقر كل مؤشرات المردود والجودة تقريبا. فهوامش الربح الضئيلة جدا والمنافسة بالأسعار ما زادت الوضع إلا اهتراء: أجور منخفضة، وعمالة موسمية، ونسبة إيواء ضعيفة، وخدمات رديئة. كما أن هذه المعيقات الهيكلية حالت دون تكوين العاملين والإطارات في القطاع وأضعفت منظومة الجودة فيه كما أنه أضحى من غير المؤمل تنويع المنتج وإثراؤه أو التوجه نحو الابتكار والتوظيف الحقيقي للمخزون الحضاري والموروث التاريخي للبلاد. هذا الوضع يدفع للتساؤل عن دور سلطة الإشراف. فالأطراف الفاعلة في مسار السياحة التونسية هي الديوان الوطني للسياحة الجامعة التونسية للفنادق والجامعة التونسية لوكالات الأسفار لكن لا نتجنى على أحد إذا قلنا إن سياسة هذه الأطراف ما تزيد الوضع إلا اهتراء وذلك للتأثير والدور الذي يلعبه بعض المستثمرين في القطاع المقربين من السلطة والعائلات المالكة في النظام البائد. وجدير بالإشارة عدم وجود إستراتيجية وطنية حقيقية تمكن القطاع من السير نحو الأفضل. فبرامج التسويق والدعاية مثلا غير مدروسة وتنبئ بسطحية وعدم دراية أصحاب القرار، وذلك لأن السواد الأعظم منهؤلاء منذ التسعينيات إلى يومنا هذا رغم الثورة هو أقرب للسمسرة والاسترزاق والفساد منه للكفاءة والمصلحة الوطنية.

من أجل سياحة بديلةكان أثر ثورة 14 يناير بالغا على السياحة التونسية وذلك لسببين رئيسيين لا يتفاوتان في الأهمية. أولهما أن قطاع السياحة يبقى من أكثر القطاعات حساسية للأوضاع الأمنية والصحية والمناخية والبيئية والاقتصادية. فربيع الثورات العربية الذي انطلق من تونس تلاه غياب السائح الأوروبي وعزوف السائح الجزائري والليبي. أما السبب الثاني فيكمن في فساد التصرف في القطاع السياحي في تونس من الأساس. فتراكم الإشكالات جعل جسم القطاع السقيم والمتهاوي غير قادر على تحمل أي صدمة وعرضه للانكسار تبعا لأي صدمة أيا كان مأتاها. لكن كما هو حال كل الثورات الشعبية، لثورة 14 يناير بركات على تونس. فخلافا لما يسوّق له البعض، إما لقصرنظر أو لجهل أو لغاية الارتداد، نجزم أن الثورة لحظة فارقة وفرصة تاريخية للتأسيس لسياحة وطنية بديلة. من أجل ذلك يمكننا تقديم بعض المقترحات الكفيلة برسم بعض معالم طريق النجاة. ابتداء يجب أن تتوقف الحكومة المؤقتة عن السلبية والانهزامية والعويل وجلد الذات وأن تتحمّل مسؤوليتها تجاه القطاع، فعوض أن تذكرنا كلما حانت لها الفرصة أن كل المؤشرات والأرقام في تراجع مستمر كان عليها أن تتذكر أن مهمتها العاجلة هي وقف النزيف والتفكير في حلول لتفادي الأسوأ.

لا عذر للحكومة المؤقتة في موقفها السلبي وانعدام جديتها لتدارك الموقف بإجراءات سريعة ومدروسة. كما أنه لا يخفى على أحد أن النظام البائد أبدع في تزييف الحقائق وتمادى بلا خجل ولا حياء في التلاعب بالأرقام مدعيا بكل صفاقة أن المنوال الذي رسمه لتونس هو منوال عالمي يحتذى، لذلك من الضروري إيلاء المعلومة العلمية الدقيقة والمحدثة الأهمية القصوى، إذ إنه لا معنى لدراسات ولجان بحث ومختبرات ومراصد إذا كانت المعلومة مغلوطة ومزيفة. بعد توفير المعلومة الصحيحة والإرادة الصادقة من الأهمية بمكان العكوف على رسم إستراتيجية وطنية للسياحة التونسية، إستراتيجية بمنأى عن وجوه النظام المخلوع ويشرك فيها كل المتدخلين في القطاع. فإلى جانب ديوان السياحة وجامعتي الفنادق ووكالات الأسفار من البديهي إشراك الخبراء والأكاديميين وممثلي أصحاب المطاعم وممثلي وكالات تأجير السيارات والوزارات المعنية (النقل، والتجهيز، والبيئة، والتنمية… ) إشراك الجميع شرط من شروط إعادة تنظيم القطاع وتأهيله وأساس لإرساء نظام شبكي مندمج. لا مناص من رسم خيارات عامة ووضع خارطة طريق وطنية للسياحة التونسية.

فهذا هو الحد الأدنى لنوفق إلى دعم حقيقي للقدرة التنافسية لتونس كوجهة سياحية، ونحفز الطلب سواء الآتي من الأسواق الخارجية أو الاستهلاك داخل الفنادق أو خارجها, وننوع العرض بتشجيع أنواع السياسة المختلفة. "

لا مناص من رسم خيارات عامة ووضع خارطة طريق وطنية للسياحة التونسية"أخيرا من القرارات التي يجب اتخاذها على عجل:- تشجيع الابتكار والتجديد كإنشاء صندوق لدعم المشاريع الإبداعية في السياحة على غرار العديد من الدول. – الوقف الفوري لبناء الفنادق على السواحل حتى نتمكن من تنويع المنتج وعدم الارتكاز على السياحة الشاطئية التي تمثل حوالي 95% من طاقة الاستيعاب. – تشجيع المنتجات الواعدة كالسياحة الطبية والسياحة الاستشفائية والسياحة الأثرية وسياحة الثورة وسياحة الصيد والسياحة الصحراوية. – تشجيع الاستثمار في المناطق الداخلية وإعداد دليل خاص بكل جهة وبالمواقع اُلأثرية. – استغلال أفضل الوسائل وتكنولوجيات الاتصال وحضور جيد على شبكة الإنترنت في مستوى ثروة وثورة البلاد. – إيلاء السياحة المناسبتية والسياحة المرتكزة على المغامرة مكانة أهم. – الانتباه إلى الكلفة الاجتماعية للسياحة ومكافحة العري والفساد الأخلاقي وذلك بالتركيز على نوعيات راقية من السياح وتشجيع منتجات مختلفة عن البحر والشمس. – إيجاد حل جذري لمديونية القطاع وذلك بتصنيف: الفنادق المدينة: يجب التفويت في الوحدات التي يستحيل عليها تسديد ديونها إلى المستثمرين أو إشراك المدينين في رأس المال والتصرف كما يمكن تحويلها إلى وحدات تكوين أو إلى دور شباب. أما التي من الممكن تسديد ديونها فيجب إحداث لجنة رقابة من الخبراء والمتصرفين المدققين لإعطاء الأولوية القصوى لتسديد الديون في أسرع الآجال

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled