بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
يا بخت لندن بأهلها واستقرارها وأمنها . رغم المشاكل الاقتصادية ومظاهرات الاحتجاج علي الضرائب وارتفاع الأسعار فإن كل شئ يسير بنظام وانتظام وانضباط ودون خروج عن القانون ولا تعطيل للمرور أو المصالح الحكومية والخاصة . صحيح أن العاصمة البريطانية لم تشهد ولن تشهد ثورة مثل التي حدثت عندنا أو عند غيرنا حتي نقول إن هناك فرقاً في المشهد العام إلا أن ما يجري في لندن يمكن اعتباره بكل المقاييس وفي كل الظروف مظهرا نموذجيا يليق بتقليد دولة راسخة في الديمقراطية وممارسة الحرية وكشف عمليات الفساد فور وقوعها ودون النظر إلي مرتكبها وزيرا كان أو غفيرا.
<<<
في هذا المناخ الصحي كان من الطبيعي أن تجد صناعة السياحة البيئة المناسبة للنمو المتزايد وتقول الاحصائيات إن عدد السياح الذين زاروا بريطانيا قد وصل إلي ٥.٩٢ مليون . ويتميز سياح بريطانيا بطول فترة اقامتهم والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عن خمسة أيام . ونظرا لأن سياحة المشتريات من أهم أهداف هؤلاء السياح فإن معدلات انفاقهم عالية عن معدلات انفاق السياح في أي دولة أخري.
ونظرا لأهمية سياحة المشتريات فقد قامت السلطات البريطانية بتغيير النظم التي كانت سائدة والتي كانت تقضي بإغلاق المحلات التجارية في الساعة السادسة مساء بالاضافة إلي يوم الأحد بكامله.. ولكن وتجاوبا وتوافقا مع رغبات السياح والشركات والتجار . تم السماح بفتح المحلات حتي التاسعة مساء في المنطقة التجارية بوسط البلد وكذلك في بعض المولات الكبيرة التي تضم المحلات الشهيرة وليس هذا فحسب بل تم السماح أيضا بالعمل طوال يوم الأحد بعد ان كانت الفترة محدودة بعدة ساعات فقط.. ويقدر دخل بريطانيا من السياحة بأكثر من ٥٢ مليار دولار سنويا.. هذا النظام لا يطبق علي الضواحي حيث يتم اغلاق المحلات والأسواق في الساعة السادسة والنصف مساء.
<<<
وإذا كانت بريطانيا تستقبل ٩٢ مليون سائح فإنه في المقابل يخرج منها للسياحة في الخارج حاليا ٤٥ مليون سائح بنقص حوالي ٢١ مليون سائح عن السنوات السابقة نتيجة الأزمات المالية والمعيشية . هؤلاء السياح يتوجهون إلي اسبانيا وفرنسا واليونان وقبرص . نسبة كبيرة من هؤلاء السياح يفضلون الدول الشاطئية للاستمتاع بالبحر والشمس.
<<<
وفي السنوات الأخيرة شهدت مصر إقبالا غير مسبوق للسياح البريطانيين حيث تزايدت أعدادهم سنة عن سنة حتي وصل عام ٠١٠٢ إلي مليون و٠٠٤ ألف سائح. ونظرا لأحداث ثورة ٥٢ يناير وما صاحبها فإنه من المتوقع ووفقا لتقدير خالد رامي مدير المكتب السياحي المصري في لندن أن ينخفض هذا العدد بنسبة ٠٣٪ . وقال خالد رامي انه لو سارت الأمور بسلام وهدوء في الفترة القادمة فإنه من المنتظر ان يكون هناك اقبالا كبيرا علي مصر خلال موسم الشتاء.
<<<
ولعل أهم ما يتميز به السائح البريطاني أن حساسيته تجاه الاحداث والاضطرابات أقل بكثير من سياح كثير من الدول.. ومن الظواهر الجديرة بالملاحظة وبالتجربة العلمية ان رحلات الوافدين إلي مصر بعد الأحداث الارهابية التي كانت قد تعرضت لها لم تتوقف بعكس معظم سياح العالم.
ان لندن كما هي وكما عرفتها منذ أكثر من أربعين عاما لم تتغير علي العكس فإن طقسها مازال كما عرفته وقرأت عنه في الكتب متغيرا ومتقلبا حيث يمكنك ان تعايش فصول السنة الأربعة في يوم واحد.. ولكثير من الأسباب فإن مدينة الضباب تحظي دائما بالاقبال ويربطها بزوارها الود الدائم الذي يجعلهم مدمنين زيارتها.