Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

غزة تدفن خمسة آلاف سنة من التاريخ تحت الرمال للحفاظ عليها

خان يونس / نضال المغربي

يتوارى تاريخ رائع يعود لخمسة آلاف سنة تحت رمال قطاع غزة ويمتد من شخصية شمشون المذكورة في الانجيل الى الجنرال البريطاني ادموند اللنبي.وتوالى على القطاع ذي التربة الرملية المسطحة والواقع على الشاطيء الجنوبي الشرقي للبحر المتوسط حكم المصريين القدماء وقدماء الفلسطينيين والرومان والبيزنطيين والصليبيين.
 

وحاصر الاسكندر الاكبر مدينة غزة كما زارها الامبراطور هادريان. وهاجم المغول غزة وغزتها الجيوش الاسلامية قبل 1400 سنة. وكانت غزة جزءا من الامبراطورية العثمانية ومعسكرا لنابليون بونابرت ومسرحا للقتال في الحرب العالمية الاولى.. لكن علم الاثار في القطاع غير مزدهر.

وقال حسن أبو حلبية من وزارة السياحة والاثار في غزة ان الطريقة الوحيدة للحفاظ على الاثار التي يكتشفونها هو دفنها لحين توفر المعدات الملائمة.وأضاف أن الفلسطينيين في غزة يفتقرون الى القدرة والدعم والمواد الملائمة للحفاظ على المواقع الاثرية وانهم يدفنوها للحفاظ عليها من الدمار.

وحول الفلسطيني وليد العقاد وهو عالم اثار هاوي منزله الى متحف للقطع الاثرية ووضع في الغرف أسلحة قديمة ومجموعة من الجرار المصنوعة من الفخار التي تعود الى قرون من الزمان.وعرض العقاد مصباحا مصنوعا من الفخار يعمل بالزيت ويعود الى عصر الاغريق في عام 93 قبل الميلاد كما عرض مصباحا اخر يعود لعصر الرومان في عام 293 قبل الميلاد.. كما عرض العقاد في منزله حربة تعود الى زمن العثمانيين .

وتزين لوحات من الرخام وسيوف وعملات جدران وفناء منزل العقاد في مدينة خان يونس وبجانبها لافتة كتبت عليها عبارة " مرحبا بكم في متحف العقاد الثقافي للتراث والاثار."وظل العقاد البالغ من العمر 54 عاما يبحث وينقب لمدة 30 عاما في مناطق خطيرة بالقرب من الحدود شديدة التحصين مع اسرائيل. وأنهت اسرائيل احتلالها الذي استمر 38 عاما للقطاع وانسحبت منه في 2005 لكنها مازالت تفرض حصارا على القطاع.

وتضم الاثار المعروضة في منزل العقاد قطعا تنتمي للحضارتين الاسلامية والمسيحية قبل أكثر من ألفي عام. وانتشلت هذه القطع من مواقع الكنائس والمقابر القديمة.وقال العقاد انه انتشل هذه الاثار للحفاظ على التاريخ الفلسطيني وانه أراد انقاذه من التعرض للاهدار أو التشويه. وأضاف وهو يعرض مدفعا يعلوه الصدأ قال انه استولى عليه من قوات اسرائيلية أنه حاول انقاذ ما يمكن انقاذه.

لكن حماس رجل واحد للامر لا يمكن أن يكفي للحفاظ على ما لا يزال مدفونا في القطاع المكدس بالسكان الذي يعيش فيه 1.5 مليون فلسطيني لديهم من مشكلات الحياة ما يشغل بالهم قبل التاريخ القديم.
وفي قرية الزوايدة الواقعة على بعد 15 كيلومترا عن مدينة غزة تكافح وزارة السياحة والاثار للحفاظ على موقع دير القديس هيلاريون لكنها تصطدم بقلة المعرفة ونقص الادوات.

ويقع الدير بالقرب من مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة ويعود تاريخه الى عام 329 قبل الميلاد عندما عاد القديس هيلاريون من مصر الى غزة بعدما درس عند القديس انطونيوس. ويضم الدير عدة أبنية يحطيها جدار ومن بينها كنيستان ومدفن وجورن للمعمودية وغرف للطعام.واكتشف الدير أول مرة عام 1992 لكن أعمال الاستكشاف مضت ببطء. وتوقف التنقيب في الموقع عدة مرات وكان يجب دفنه في الرمال لحمايته.ويشرف على أعمال التنقيب خبراء فرنسيون يقومون بزيارات موسمية للاستكشاف والاشراف على العمل لكن أبو حلبية قال انهم يأخذون معهم معداتهم عندما يغادرون.

وقال فاضل العلتول المسؤول عن عمل الخبراء الفرنسيين ان عالمي اثار فرنسيين بدأ زيارة غزة في التسعينات من القرن العشرين لكنهما حولا اهتمامهما الان الى دول عربية أخرى.وأضاف أن منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" والمدرسة الانجيلية الاثرية الفرنسية في القدس تساعدان على الاعداد لانشاء متحف في غزة بتمويل من سويسرا لكن لم يتم الاتفاق على ميعاد نهائي لبدء العمل فيه.

وفي تلك الاثناء يفعل طلاب في غزة ما بوسعهم لاستمرار أعمال التنقيب عن الاثار لكن حقائق الحياة تقف حائلا دون ذلك.ومنذ سيطرة حركة المقاومة الاسلامية "حماس" على القطاع في عام 2007 دفعت غزة ثمن العداء بين الحركة واسرائيل.

ومن المفارقة أن غزة قد تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى للحصول على شكل من أشكال الاستقلال بعد تاريخ من الغزو والاحتلال. لكن بالنسبة للامم المتحدة فان احكام اسرائيل قبضتها على القطاع برا وجوا وبحرا يعني أنه مازال محتلا من الناحية العملية وهو أمر تنفيه اسرائيل بشدة.

وتسقط صواريخ وقذائف مورتر من قطاع غزة على بلدات اسرائيلية وترد عليها اسرائيل بالغارات الجوية ونيران الدبابات في حرب أعصاب لا تنتهي تحولت الى حرب فعلية في أواخر عام 2008 وأوائل 2009 ليندلع الصراع من جديد مطلع هذا الاسبوع.. ولا تلاءم هذه الظروف خبراء الاثار.

ويتهم أبو حلبية اسرائيل بالاستيلاء على قطع أثرية اكتشفوها أثناء فترة احتلالهم لغزة ويقول انهم وضعوها في متحفين باسرائيل بينهما متحف روكفيلر للاثار في القدس والذي يضم كنزا من المكتشفات من العصر الحجري الى القرن الثامن عشر الميلادي.وقال أبو حلبية ان مسؤولي وزارة السياحة والاثار التقوا ممثلين عن مؤسسات دولية عديدة وحثوهم على المساعدة في استعادة القطع الاثرية والاثار التي تم الاستيلاء عليها من قطاع غزة.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله