الأقصر / محمد الصغير
يحيط الغموض بمصير المشروع الذي كانت قد تبنته وأعلنت عنه منظمة اليونسكو لحماية و" إحياء قرية حسن فتحي " التاريخية غرب مدينة الأقصر حيث كان مقررا البدء بتنفيذ المشروع وإحياء معالم القرية ومبانيها وتحويلها إلى مركز دولي لتراث منطقة الشرق الأوسط خلال الشهر الماضي . لكن مستقبل المشروع بدا غامضا في ظل الأحداث المتلاحقة لثورة الخامس والعشرين من يناير.
وتسبب الغموض الذي أحاط بمستقبل المشروع في ارتفاع الأصوات المطالبة لحكومة الدكتور عصام شرف بالإسراع في إنقاذ ما تبقى من معالم قرية حسن فتحي المقامة غرب مدينة الأقصر قبل فوات الأوان وقال ميشيل إبراهيم رزق الباحث المصري والناشط في اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية أن ما تبقى من معالم القرية بات في خطر ويحتاج إلى تحرك وطني عاجل للحفاظ على معالم يفد الآلاف من السياح ودارسي فنون العمارة في العالم لزيارتها وأن منزل حسن فتحي الذي بناه وأقام به المعماري المصري العالمي حسن فتحي بقرية القرنة الجديدة غرب الأقصر والذي يعد تراثا معماريا لمصر وللإنسانية جمعاء بات مهددا بالزوال بعد أن تآكلت جدرانه وتشققت أسقفه ومالت حوائطه ونال منه الإهمال.
وكشفت هدى خليل منسقة حركة سيدات من أجل التنمية أن منزل المعماري المصري العالمي حسن فتحي وقصر ثقافته باتا مهددان بالانهيار فيما تحول سوق القرية إلى ورشة لصيانة السيارات المملوكة للمحافظة وتحول مسجد القرية إلى مقر ادارى لإدارة الأوقاف في مدينة القرنة كما بات المسجد مهددا بالانهيار بعد أن تآكلت جدرانه ونال منه الإهمال أيضا كشفا عن تعرض معالم المسجد وخاصة دورات المياه وغرفه وملحقاته الداخلية .
وترجع قصة إقامة قرية حسن فتحي غرب مدينة الأقصر إلى أنه كان يوجد مايزيد على السبعة آلاف مواطن كانوا يعيشون في منطقة القرنة الأثرية الغنية بمئات المقابر الفرعونية وقد احتشدوا في خمس مجموعات من البيوت المبنية فوق وحول هذه المقابر وكان من الطبيعي أن تحدث عشرات من السرقات لمحتويات تلك المقابر الفرعونية لعل أكثرها تهورا سرقة نقش صخري –مشهور – ومصنف بالكامل من أحد القبور الفرعونية بعدها قفزت فكرة ترحيل سكان القرية لمكان آخر إلى أذهان عدد من المسئولين الذين قاموا بالاتصال بحسن فتحي لبدء مشروع القرنة
الجديدة تسبقه سمعة كبيرة وإنجازات منها تصميمه لبيوت الملكية الزراعية والهلال الأحمر ,وقد تأثر المسئولون بامكانات مادة البناء التي استخدمها ورخص تكاليف إقامتها .
لم يتجاهل حسن فتحي التراث المعماري الخاص بالقرنة القد يمة ,عمل على وجود أبراج الحمام –مثلا- و"المزيرة"مكان توضع فيه جرة المياه "الزير"والأقبية التي توفر ظلالا قاتمة ,وأضاف إلى هذه التنظيمات حلى مفرغة أشبه بمشربيات من الطوب اللبن لتعمل كمرشح طبيعي للهواء.
يذكر أن المعماري المصري الراحل الدكتور حسن فتحي هو أحد ابرز وجوه الهندسة المعمارية العالمية الحديثة وصاحب رؤية خاصة اقتربت من النظرية المتكاملة في التفاعل مع البيئة المحيطة وجمعت تصميماته بين الجمال الفني واقتصاد التكاليف وكان اعتماده على الخامات المحلية في البناء فكان الطمي –الطين – هو المادة الخام الأساسية لقدرته على احتواء قسوة التغيرات المناخية صيفا وشتاءا كما حرص على إضافة القباب والأقبية ذات التهوية الجيد ة في مبانيه ورغم نشأة حسن فتحي في أسرة ثرية فقد كرس كل عبقريته وفنه وحياته في العمل على أن يتمكن أفقر الفقراء في الريف من الحصول على مسكن صحي رخيص مع الحرص على أن يكون هذا المسكن متينا وواسعا وفوق ذلك جميلا.
ولم تكن هذه الأفكار مجرد أحلام رومانسية نظرية بعيدة عن التطبيق الواقعي ,فقد تكن للمهند س حسن فتحي إثبات صحة نظرياته عمليا في عدة نماذج أقامها وأثارت الإعجاب في داخل مصر وخارجها .