Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

شركات السياحة المصرية تخالف بنود التعاقد مع المعتمرين

بقلم : خالد الخميسى

سيادة وزير السياحة، بعد التحية. أتصور أن وزارة السياحة بالإضافة إلى أجندتها الحالية المتخمة بالمهام الإدارية التى لا حصر لها لتنظيم العملية السياحية، يمكنها أن تلعب دورا مهما فى أمر أجده استراتيجيا، وهو دفع صناعة المطاعم المتخصصة فى الأكل المصرى. الغذاء وصناعته مرتبط ارتباطا وثيقا بالحضارة. فالمعابد والأهرامات والكنائس والمساجد والقصور ليست وحدها مظاهر هذه الحضارة المصرية. فالكشك الصعيدى والبحراوى والعيش البلدى والبتاو والمرحرح والملوخية بالأرانب فى الدلتا والملوخية بالجمبرى فى بورسعيد والسويس والفتة بأنواعها المصرية والممبار والمحاشى والمسقعة المصرية وووجبات المسمط المصرى وغيرها الكثير هى أيضا نتاج حضارتنا.

استطاعت إيطاليا تتويج المكرونة والبيتزا كسفراء لها فوق العادة، وانتشر المطبخ الصينى والهندى واليونانى والفرنسى فى كل أنحاء العالم. ولا داعى أن نتحدث عن الوجبات سريعة الإعداد الأمريكية الموجودة فى كل مدن العالم تحمل خصائص الثقافة الأمريكية. أين نحن من كل ذلك. لو سرت يا سيادة الوزير فى شوارع القاهرة الكبرى كشارع جامعة الدول العربية أو عباس العقاد أو الطيران وغيرها الكثير فلن تجد سوى مطاعم أوروبية وأمريكية ولو سرت فى شوارع نيويورك وباريس ولندن وبرلين فسوف تجد مطاعم من كل الجنسيات عدا المطعم المصرى. هذه المطاعم تشكل سفارات للوطن فى الأراضى الغريبة كما تشكل هذه الوجبات أدوات عبقرية لتنشيط السياحة إلى بلادها. بدلا من أن تنفق الوزارة ملايين الدولارات فى حملات ترويجية لا تحتاجها بلد الأهرامات فيمكن إنفاق هذه الملايين لخلق عصافير طائرة تحمل الهوية المصرية تصل إلى بطون العالم.

انتشر حديثا فى كل بلدان العالم المطعم النباتى والصحى الذى لا يقدم لحوما أو وجبات مركبة. وهل هناك أفضل من وجبات الفلاح المصرى فى هذا الخصوص. فالفلاح يأكل الجبن القريش والجرجير والبصل الأخضر والفجل والجعضيض (الجلاوين) والفول النابت والسريس (الشيكوريا) والكَبَر الذى يتم تخليله وينبت فى أثناء زراعة البرسيم، وهل هناك أطعم وأكثر فائدة من الخبيزة والرجلة نيئة أو مطبوخة والكوسة والبامية، وما تمثله هذه الوجبات من قيمة غذائية مهمة.

لمصر تاريخ مديد فى مطبخ متفرد، وكل منطقة فى مصر لها خصائصها فى وجباتها. من شرق مصر إلى الدلتا ومن بدو الصحراء إلى الصعيد. وهذا المطبخ هو ولا شك امتداد للمطبخ المصرى القديم (الفرعونى). وقد فاز منذ أيام كتاب «وصفات من المطبخ الفرعونى» للأستاذين ماجدة المهداوى وعمرو حسين بالجائزة الأولى فى فرع تاريخ الطهى فى الدورة الرابعة عشرة لمعرض كتب الطبخ «جورمون» والذى عقد فى باريس. وفى هذا الكتاب أمثلة لأشهر وصفات المطبخ المصرى الفرعونى. وأنقل هنا من الخبر المنشور فى صحيفة الأهرام أن «المصرى القديم عرف تنوعا فريدا فى مائدته وولائمه، والذى بقدر احتفائه بالموت احتفى بالحياة».

ينتظر السياح من سياحتهم الكثير ومن ضمن هذا الكثير هو التعرف على مطبخ الدولة التى يقومون بزيارتها. وإذا درسنا حالة إسبانيا على سبيل المثال فسوف نجد أن المطبخ الإسبانى له فى كل شارع مهم فى المدن الإسبانية مطعم أو أكثر، يقبل عليه السائحون للتعرف على خصائص هذا المطبخ. أما فى مصر فعلى الرغم من ثراء المطبخ المصرى فإن السائح الأجنبى لا يتعرف على أكلاتنا اللهم إلا وجبة الفول والطعمية وبالكاد. هو أمر مؤسف ألا نجد مطاعم فى مصرنا تقدم أشهى ما أنتجته العبقرية المصرية. تم افتتاح مطاعم كالمشربية وأبو السيد الذين يقدمون الوجبات المصرية، بالتأكيد هناك مطعم هنا وآخر هناك ولكنها الاستثناءات التى تثبت القاعدة. فكما نطالب بالحفاظ على لغتنا العربية فى الشوارع المصرية يجب أن نطالب بالحفاظ على هويتنا الغذائية. تقوم العديد من الدول بتسجيل براءة اختراع طريقة صنع وجبة بعينها مرتبطة بحضارة هذه الدولة. وقد استطاعت إسرائيل على سبيل المثال أن تؤكد للعالم أن الطعمية هى وجبة إسرائيلية. ومن يقدمون هذه الوجبة فى العديد من المدن الأمريكية والأوربية هى مطاعم تحمل الهوية الإسرائيلية.

يمكننا أن نغزو العالم بما نمتلكه من أكلات ومشروبات تحمل الجنسية والنكهة المصرية. اسم مصر يمكن أن يكون فى كل شارع فى مصرنا وفى كل العالم. تنتشر فى شوارع العالم العربات التى تقدم الأكلات السريعة والحلويات كالكريب الفرنسى أو الآيس الكريم والبونبونى وغيرها وكذلك العربات التى تقدم المشروبات، وهل يوجد أجمل من عربات الكشرى والحَوَوْشى ولقمة القاضى و(الزلابية) والتين الشوكى وغيرها. أما المشروبات المصرية فحدث ولا حرج فلدينا السوبيا والعرقسوس والتمر هندى والدوم والخروب والكركديه وغيرها.

يجب دراسة كيفية تشجيع هذه الصناعة وأعدك أن يكون لذلك أكبر الأثر على ترويج السياحة المصرية فى الخارج واستمتاع السائحون فى مصر بما نقدمه لهم من ثقافتنا وحضارتنا الغذائية. يجب دراسة هذه الوجبات لتطويرها لتتواءم مع الواقع العالمى اليوم ولو حدث ذلك سوف يكون مطبخنا هو أفضل سفرائنا على الإطلاق.

المصدر : الشروق


نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله