الكتاب والجمال والفن، كلمات ثلاث من بحر عناوين التصقت باسم بيروت ليجتمع اليها السهر الذي يحلو في لياليها ويحوّلها الى نهارات تفيض أنواراً ومرحاً وحياة. حياة أكثر ما تتجلى في صيف بيروت، ما يشكل تحدياً يبدأ بالعوامل الطبيعية ومنها حرارة الطقس ولا ينتهي عند الأحداث الأمنية والأزمات التي مرّت فيها تلك المدينة في محاولة لقتل الحياة فيها.
اليوم تبدو بيروت وكأنها غسلت عن وجهها التعب بعد انتهاء “قطوع” الانتخابات. الحياة عادت اليها بكلّ قوتها لتنبض في قلبها والأطراف، ومعها استعاد لبنان مكانته على رأس اللائحة السياحية في الشرق الأوسط، وبقيت بيروت على رأس لائحة 44 مدينة يجب زيارتها في العام 2009، كما كتبت “النيويورك تايمز” وثاني أكثر المدن المقصودة والمفعمة بالحياة وفق شركة “لونلي بلانيت” العالمية للسياحة.
عاصمة العواصم، من الكتاب الى الجمال والمهرجانات الفنية والثقافية، عناوين جاءت لتعطي المدينة رصيداً إضافياً، تغري به السياح العرب منهم والأجانب، فضلاً عن المغتربين. ليست وحدها التي تشهد حركة سياحية نشطة هذا العام، لكنها تظل قبلة السياح ومقصدهم، من بين عشرات المدن والبلدات اللبنانية.
الموسم السياحي يبدو نوعياً لهذا الصيف، قياساً الى السنوات الماضية وما تخلّلها من أحداث، بحسب الأمين العام لاتحاد نقابات المؤسسات السياحية في لبنان جان بيروتي ورئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي بول عريس، ولعل في نسب الحجوزات في الفنادق، والتي سجلت بين 60 و70 في المئة في الشهر الماضي والمرشحة للارتفاع الى أكثر من 90 في المئة بعد أيام قليلة خير مؤشر على هذه النوعية.
صيف لبنان هذه السنة لا يهدأ، لا ينام. فالعاصمة بيروت صنّفت عاصمة عالمية للسهر. هذه السنة استحوذت العاصمة على جميع الألقاب فكانت عاصمة الكتاب والسهر، والجمال، والثقافة والمهرجانات. هنا لا تجد للراحة مكاناً، بل أكثر من ذلك. صرت تبحث عن ساعات إضافية، تفيض عن الأربع والعشرين ساعة، لتستفيد من كامل النشاطات السياحية. يخونك تضارب بعض المواعيد. يوم واحد كفيل بأن يكون أياماً: بحر، وجبل، وسهرات، ونشاطات ومهرجانات. “هيدا لبنان” الذي لن تستطيع أن تغمض عينك فيه.
في هذا اللبنان الحصرية لمحبي الحياة فقط. يتمشون على الطرقات، يجلسون في المقاهي والمطاعم، ينتشون من جمال المنظر. مهرجان فرح يعمّ البلد. وفي قلب العاصمة تحديداً، تجتاح المنطقة موجة من السعادة تغلّف المكان. تحاصره، تريد التأكد من أنها طالت كل من حضر اليه. ضحكات على مدّها، هم أرادوا أن يعيشوا على هواهم، أرادوا أن يعبروا عن أنفسهم على طريقة بيروت بحريّة.
[ صخب الحياة
زحمة السير لم تعد تعرف أيام عطلة نهاية الأسبوع من غيرها، فالسائحون والمغتربون وحتى اللبنانيون مصرّون على استغلال الوقت. أغانٍ تصدح في المكان، صراخ أطفال وقهقهات شباب امتزجت جميعها لتشكل ضجيج المدينة. تركن السيارة وتنزل بحثاً عن مكان لعشاء، أو نرجيلة أو مشروب ينعشك من حرّ المكان. تحتار أين تجلس خصوصاً وأن الأماكن قد عجّت بروّادها ومحبيها. تحتاج الى الحظ في تلك اللحظة بالذات حتى تحظى بطاولة فارغة، وإلاّ ستضع النادلة اسمك على لائحة الانتظار لتتصل بك في وقت لاحق من النهار.
وسط كل هذا الضجيج، وعند زاوية أحد المقاهي تجد سيدة فسحة هدوء تخلقها لنفسها. هي اختارت الزحمة مهرباً لها نحو عالمها الخاص. تجلس على إحدى الكراسي الخشب، تطلب فنجان قهوة وقنينة مياه مع كوبين فارغين. ترتشف النكهة الايطالية، تتنفس وتتسلّل الرائحة الى أعماق روحها. تتنفس مجدداً. تسكب ماء في الكوبين، وتخرج ريشتها. لحظات هدوء نفسي اختارتها لفنها، لهوايتها. أرادت أن تعبر بطريقتها عن المشهد.
ساعات تمر وهي تبدع لوحات منوعة على ورق كرتون صغير، لا ينقصها سوى إطار يزينها لتصبح أثاثاً منزلياً. تسرح بين ريشاتها بألوان زاهية. أحمر، أخضر، أزرق، لتؤلف لوحة لبنانية بامتياز. منظر المارة من حولها هو ملهمها الأساسي، والمباني، وضحكات الأطفال تخلق جواً إبداعياً من دون تكبد أي عناء، قتنتقل بسلاسة الى ريشة الفنان ليعبر عنها. لوحة تبدو بسيطة أو عادية بمكوّناتها لكنها كفيلة بجذب عشرات الأنظار من حولها والصغار هذه المرة قبل الكبار.
عند الزاوية الأخرى للمقهى نفسه، تجلس عائلة لبنانية مصرية مؤلفة من ستة أشخاص. تزين الجلسة طفلة صغيرة بفستان أخضر يعكس جمال لون عينيها. حشرية الطفلة أغرتها الألوان، هربت من على كرسيها لتشارك الرسامة لحظة إبداعها. تتأمل حركة اليدين وتمازج الألوان. تبتسم للسيدة، تحضنها، وتهديها لوحة لبنانية. تتدخل جدّة الطفلة المصرية لتشكر الرسامة. وتبدأ رحلة تعارف بين حضارتي الفراعنة والفينيق. تطمئن الجدة من السيدة اللبنانية عن أوضاع البلد الأمنية، خوفاً من أي حادث قد يعكر صفو عطلة أرادوا أن يزينوا بها كامل صيفهم.
هي تؤكد أنهم انتظروا نتائج الانتخابات وفوراً قاموا بالحجز. تقول: “تابعنا انتخاباتكم وكأنها تخصنا”. تضحك. هي مهتمة بوضع لبنان كونه مكان العائلة المفضل لسياحة صيفية أو شتوية على السواء. والسبب بسيط: سحر لبنان الذي لا ينتهي. تقول: “في كل مرّة أزور بها لبنان، أشعر وكأنني زرت العالم بأكمله”. بالنسبة اليها بيروت تختصر أجمل العواصم، وهي التي قصدت أكثر من عاصمة عالمية، لكنها ببساطة لم تحظ بتلك الوجوه اللبنانية، ولم تسمع تلك اللهجة الرائعة. تحاول تقليدها، تخونها بعض الأحرف، وأخيراً تنطق بصعوبة بعبارة لبنانية: “انتو بتعقدوا”.
[ بلد العرب الثاني
تتابع سيرك في الوسط. تتأمل الوجوه. يخال اليك بأنك تعرفها. يبتسمون لك، يلقون التحية عليك. لا صلة بينك وبينهم سوى أنهم اختاروا أن يكونوا لبنانيين بطبيعتهم المألوفة، وهذا الود جزء من شخصيتهم. يقول محمد: “أجمل ما يميز هذا البلد هو ناسه”. ناهيك عن الطبيعة والطقس وغيرها. فمحمد، ابن المملكة العربية السعودية، لا يستطيع أن يتخيل لبنان من دون هذا الشعب. بالنسبة اليه العلاقة مع هذا البلد لم تعد مجرد زيارة سياحية، هو لم يعد يذكر عدد المرات التي زار فيها لبنان. يقول: “أعتقد أنني أقضي في لبنان نفس الوقت الذي أقضيه في بلدي”.
محمد يستغل أي عطلة، صغيرة كانت أم كبيرة، ليأتي خلالها الى بلده الثاني، كما يقول. وبالرغم من أنه زار برفقة أهله الكثير من العواصم والمدن العالمية، لكن “عشقي لهذا البلد، وعشقي لثقافته وجمال ناسه لا ينتهي، بل يتجدد مرة بعد مرة”. تكاد تدمع عيناه حين يأتي على ذكر الأحداث الأليمة التي حصلت في لبنان. يبرّر تأثره موضحاً: “عندما أقول بأنني أشعر هنا كأنني في بلدي الثاني، أقولها فعلاً لا مجاملة”. ولذا، تجده مصراً على زيارة لبنان، حتى في أحلك الظروف التي مرّت.. “إلا عندما يقطع طريق المطار. حينها، ليس باليد حيلة”.
[90% حجوزات متوقعة
الأحداث التي يتحدّث عنها محمد كانت أصابت القطاع السياحي بأضرار بالغة في السنوات الماضية. “لكن وحده المواطن اللبناني كان قادراً على أن يعيد للبلد مركزه السياحي من خلال وعيه ونضجه السياسي الذي خبرناه من خلال الانتخابات”، كما يقول الأمين العام لاتحاد نقابات المؤسسات السياحية في لبنان جان بيروتي. فالسنة هذه، برأيه،” سنة نوعية وعددية بالنسبة للسنوات الماضية، خصوصاً بعد سلسلة النكبات والأحداث الأليمة التي تعرض لها البلد”.
بيروتي الذي يرى تطوراً ملحوظاً في الحركة السياحية، يعتبر أن “الحديث عن مليون ونصف مليون سائح أمر مرهون بالأيام القليلة المقبلة. فهذه النسبة سوف تظهر بوادرها منتصف تموز”، متوقعاً أن “تصل نسبة الحجوزات إلى 90 في المئة بعدما سجلت 60 و70 في المئة في الشهر الماضي”.
العدد بالنسبة إليه ليس كبيراً، مقارنة بقبرص التي تستقطب سنوياً أكثر من سبعة ملايين سائح. “ولكننا بتنا كمتسابق يجري في ماراتون وهو مكسور الرجل. لذلك أصبحنا نتطلع الى هذا الرقم بدهشة، مع العلم بأننا نستطيع أن نحقّق أكثر منه إذا ما قصدنا ذلك”.
ويرى أنه “إذا فرض الواقع السياسي حاله على الجو العام ستسقط جميع هذه الأرقام، لذا يجب أخذ الحذر، والتعاطي مع القطاع السياحي كأولوية في الاقتصاد اللبناني وليس مجرد سلعة”.
من جهة أخرى، يعرب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي بول عريس، عن تفاؤله بالفترة المقبلة واصفاً الحركة الحالية بـ”الخجولة”. يقول: “قبل شهر من الانتخابات بدأت الحركة تقلّ بمعدل 30 الى 40 في المئة، ولكن مع شهر تموز بدأت الأرقام تتبدّل، فضلاً عن أن الكثير من المغتربين والعرب لم تبدأ إجازاتهم بعد”.
ويشير “الى أنه وبالرغم من المطبّات العديدة التي تعرض لها البلد خصوصاً منطقة الوسط فإنه شهد بعد إزالة الاعتصام افتتاح عدد كبير من المطاعم والملاهي والمقاهي، حتى بلغ عدد المطاعم الجديدة في بيروت وضواحيها أكثر من 400 مطعم، بحسب عريس.
وعن الأسعار يقول، “تم التعاون مع وزارة السياحة بهذا الشأن، وقد عمدت الى تعميم يلزم أصحاب المطاعم والمقاهي بوضع لائحة خاصة بالأسعار أمام المكان، مع مراعاة أزمة الغلاء. ويبقى أن تقوم الوزارة بمتابعة هذا الأمر ومراقبته”. أما عن ساعات السهر وما تعرضت له من تعديلات ومد وجزر خلال السنة المنصرمة، يجيب عريس “بيروت قرّرت أن لا تنام هذه السنة”.
[ موسيقى.. لناس البلد
وسط ساحة النجمة، يلتقي الجميع. أمواج من السعادة تطوف الأرجاء، تزيد على المكان حميمية ووداً تقرأهما في عيون المارة، وابتسامات تكيل مدى سعادتهم. ترى في العيون دعوات للفرح. الجميع مسحور بالمكان، مفتون بالطقس، مرتاح للأجواء. ببساطة، التأكد من أنهم يعيشون تفاصيل الحياة في بيروت. الأطفال يطلقون العنان لأنفسهم، فالمكان ملك لهم فقط. هم أحرار في ما يفعلون. لا شيء يعيقهم. دراجات هوائية، وسيارات صغيرة تسير على “البطاريات”، ماكينات ملوّنة صغيرة تطلق فقاعات من الصابون، طائرات فضائية وغيرها. هم لا يخافون شيئاً، يطلقون تلك الفقاعات على أي شخص يلفتهم، ويتبادلون الضحكات عالياً.
عند حافة الساعة، تجلس وصديقها على الأرض، تضع رأسها على كتفه، ويسرحان بأحلامهما. يرسلان قبلات في الهواء لأطفال شكلوا جزءاً من أحلامهم المستقبلية. يسمعون صوت موسيقى، ليست تابعة لأي مقهى أو مطعم من حولهم. هي أقرب بكثير. صوت غيتار يغريهم للبحث أكثر عن المصدر، خطوات قليلة تفصلهم عن شابين افترشا الأرض، احتضنا غيتاريهما وعزفا معاً.
يتجاوب رجال الأمن والجيش مع العرض المرتجل. يقتربون من الرصيف، وينصتون. ورويداً رويداً، تتسع دائرة المعجبين. ينضم شابان سوريان الى الجلسة. هذا الشابان جاءا مع مجموعة سياحية. يتمنيان من عازفي الغيتار أغنية محددة. يتمايل جميع الجالسين على صوت الأنغام المتراقصة مع نسمة صيف بيروتية.
[ الصيف أحلى
“الطقس، والطبيعة، والأناقة، كلها عناصر كفيلة بجذب آلاف العائلات الخليجية، وخصوصاً الجنس اللطيف منهم. “شلّة” من الصبايا الخليجيات بأناقتهن المعتادة من الماركات المشهورة يتمشين في الوسط. يرفعن قهقهات عالية تدلّ على سعادة مفرطة. لا يردن إضاعة تلك اللحظات. هنا لا مكان للخجل من ضحكة عالية، فالمكان بأسره ملك لكل شخص يمر به. فجأة يصرخن صرخة جماعية. إنها “بيروت” مرة أخرى لكنها جاءت هذه المرة من بائع الصور المتجول، الشهير في وسط البلد الذي اقترب منهن وأطلق العنان لصيحة “بيروت”. يعدن للضحك مجدداً على الموقف، يشاركهن الضحك جميع من لاحظ الأمر، فكثيرون هنا وقعوا في المقلب نفسه، ذات سهرة.
أعمار الصبايا تتراوح بين الرابعة عشر والثالثة والعشرين. هنّ صديقات وقريبات من الإمارات العريبة المتحدة. لم يأتين الى لبنان بزيارة، فهذا البلد بالنسبة اليهن ليس مجرد مكان سياحي وترفيهي. يتحدثن عن جمال لبنان الطبيعي، من البحر الى الجبل. يمتلكن منزلاً في حمانا لكن وسط بيروت يبقى بالنسبة اليهن قلب لبنان، كما تقول مهرا. تذكرها ميثا ببحمدون أيضاً حيث تقتل النسمات حرارة الصيف نهاراً،
أما السهر “ما بيحلا” إلاّ في وسط العاصمة. فترة إقامتهن هذه السنة تمتد حتى آخر شهر آب، ما يعني أنهن سيقضين بعض أيام رمضان في لبنان، تقول آمنة: “يعني كل عطلة الصيف ستكون هنا”. غرام الصبايا بالأمكنة، يضاف اليه غرام من نوع آخر تتحدثن عنه، هو مصفف الشعر. هنّ حريصات جداً على أن يظهرن بمظهر لائق متوّجاً بلمسة لبنانية مختلفة عن تلك التي للعام السابق. ينظرن الى الساعة. إنها الواحدة بعد منتصف الليل، يسرعن للاتصال بالسائق. تضحك مهرا: “سيمنعنا الأهل من السهر طوال هذا الأسبوع، خصوصاً أننا قطعنا منتصف الليل”.
[ الليل..حياة أخرى
بيروت تطعّمت هذه السنة بجميع الألوان والنكهات. جنسيات مختلفة تملأ المكان. تكشف عنها لوحات تسجيل السيارات، والعباءات، أو لون البشرة. عرب من كل البلدان يمرون في الوسط، يتناولون وجبة العشاء، ويتابعون طريقهم. بضع خطوات تفصلهم عن الحي ذي الطابع التراثي: “الجميزة”. حي يجمع في زواياه بين عراقة الأبنية السكنية وبين “سحر” السهر. تناقض يلفت كثيرين، ويستوقف عرباً وأجانب يريدون استكشاف حقيقة أجواء السهر في بيروت.
ليل بيروت للسهر، حيث لا وقت فيه للنوم، خصوصاً مع سلسلة ضخمة من المهرجانات والأحداث الموسيقية العالمية. أجواء ساهرة ساحرة ترضي جميع الأذواق. المطاعم، والموسيقى والرقص، وأحدث تكنولوجيا الصوتيات والمرئيات تستقطب عدداً من السياح الذين حجزوا خصيصاً للتمتع بمثل هذه اللحظات التي لا تنسى. يقول الشاب الأردني زياد “لا يمكن أن نفوّت علينا أحدث حفلات منسقي الأغاني العالميين، خصوصاً وأننا لا نحظى بمثل هذه السهرات في الأردن”.
زياد وأصدقاؤه لا يستطيعون تحمل كلفة البقاء في لبنان أكثر من يومين. هم غالباً ما يقومون بمثل هذه الرحلات كل ثلاثة أسابيع على أقل تقدير، لكنهم يشكون غلاء الأسعار تحديداً في الفنادق، “بس للأمانة بيروت بتستاهل”، يقول. في المقابل، لحظ أبو ماجد في حسابه كلفة الفندق، منذ فترة طويلة، فقام بالحجز المبكر: “عرفت بأن موسم بيروت لهذه السنة سيكون مزدحماً”. هو وعائلته المؤلفة من خمسة أشخاص جاؤوا الى لبنان لقضاء عشرين يوماً بين الجبل والبحر ووسط البد. سيعودون اليه مجدداً مع عيد الفطر، حيث سيحظون بطقس أيلول وهوائه العليل. علاقة أبو ماجد بلبنان ليست وليدة أشهر، بل سنوات تعاقبت عليها العائلة، يقول: “تربيت على حب لبنان”.
هذا النوع المميز من العشق يترجمه أكرم من مصر بثلاث كلمات: “جبران، بشري، وصخرة الروشة”. هي زيارته الأولى للبنان إلا أنها لن تكون الأخيرة. أكرم حضر الى هنا في رحلة عمل، ولم يسمح له ضيق الوقت بالذهاب الى مكان عشقه بمجرد القراءة عنه. لكنه يعزي نفسه بالتأكيد على زيارته في المرة المقبلة القريبة، وكذلك بزيارة صخرة الروشة لمرات ومرات. يقف على الكورنيش، يتأمل، يصرخ عالياًً “هذا هو السبب”. يستعرض علاقته بتاريخ لبنان والجغرافيا، ويستنتج “منظر كهذا كفيل بخلق هذا الكم من الشعراء، الكتاب، والجميلات وغيرهم ويبدأ بذكر أسماء: فيروز، جبران، معلوف…”.
ينظر يميناً وشمالاً يريد أن يخبر الجميع بأسماء عمالقة هذا البلد، يريد منهم أن يظهروا انبهارهم بالبلد كما فعل هو. يمسك بهاتفه يتصل بأحد الأصدقاء في مصر. يشمت به، ممازحاً: “أنا على البحر دي الوقت، والصخرة أمامي برضو”. يقفل الخط ويتابع افتتانه بالمكان هذه المرة بواسطة آلة التصوير: “الصورة دي حكبرها واعرضها في الصالون كذكرى من لبنان الجميل”.
جريدة المستقبل – سارة الشال