حجاج الصعيد عادوا من أداء الفريضة المقدسة غاضبين. وجه الحجاج برقيات عاجلة لرئيس الوزراء، بعضها تم إرسالها بالفاكس وهم لا يزالون في السعودية، يتضررون من إهمال بعثة الحج الرسمية لهم. يقول حجاج القرعة إنهم أقاموا في أماكن بعيدة عن الحرم المكي وأن مشرفي الرحلات ميزوا أنفسهم وزوجاتهم بالسكن المريح وتركوا باقي الحجاج يقطنون في أماكن سيئة. ولم تسلم البعثة الطبية من التقصير الذي أصاب بعثات الحج،فيقول الحجاج ان الأطباء كانوا يصرفون أدوية الأنفلونزا لكافة المرضي بغض النظر عن نوع المرض، مما أدي الي وفاة حاج من محافظة سوهاج دون انقاذه بالدواء السليم.
** شكاوي حجاج القرعة لم تختلف كثيراً عن المسافرين مع شركات سياحية التي تتكلف رحلة البعض منها نحو 80 ألف جنيه في الحج وربعها في العمرات.
وبدلاً من أن يحاسب وزير السياحة المسئولين عن التقصير، مد لهم مدة الإقامة في السعودية حتي 16 يناير الجاري. وبذلك سيهنأون مع زوجاتهم بالإقامة المجانية وبدلات سفر تدفع من أموال الحجاج.
هذا التصرف وما شابهه جعل النائب المخضرم محمد خليل قويطة يقدم طلب إحاطة لمجلس الشعب يذكر فيه: »الغريب والمريب، أن الكل يعلم بأن هذه الشركات تورطت في النصب علي زوار بيت الله الحرام، ومع ذلك تسمح لهم وزارة السياحة بتكرار تنظيم ما يسمي برحلات أداء العمرة والحج دون وقفة للمحاسبة والجزاء والكل يتساءل أين المسئولون بوزارة السياحة، وكيف تسمح لهم ضمائرهم بتكرار ذلك دون أن تعاقب أو تشطب هذه الشركات من سجلات الوزارة.. والكل يتساءل: هل هانت كرامة المصريين الي هذا الحد، ألا يوجد من يثأر لهم؟«.
** ورغم عدم الكشف عن عوار في تنظيم رحلات الجمعيات الأهلية، إلا أن ذلك لم يتم لأن الأمور سارت علي ما يرام، بل في الغالب لأن الناس لم تجد من ينقل صوتها للبعثة الرسمية أو أجهزة الإعلام.
فهناك اتفاق غير مكتوب بين ممثلي بعثات الحج ألا يدس طرف أنفه في عمل الآخر، وألا تنقل العيوب الي طاولة المباحثات الرسمية سواء مع رئيس البعثة أو أجهزة الإعلام. فالكل يريد أن يعيش في هدوء حتي يضمن تكرار الزيارة.. وفي السفر للحج بخاصة، أكثر من سبع فوائد، لأعضاء البعثات.
** لعل هذا الاتفاق غير المكتوب هو الذي أوقع الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون البرلمانية وأمير الحج لهذا العام في شرك ميليشيات بعثات الحج. فالرجل يا ولداه لم يجد من يعاونه علي طريق المشاعر حتي تاه وسط العدد الهائل من الحجاج والمخيمات المشابهة.
وسبق أن حذرت الدكتور شهاب قبل سفره من الوقوع في براثن ميليشيات الحج فإذا به يصطدم بأشرسهم علي الملأ.
فقد تفوه سفير مصر في الرياض محمد قاسم بكلام غير مقبول في وجه رجل لا يمثل شخصه الجليل فقط، وإنما يمثل رئيس الجمهورية باعتباره أمير الحج لهذا العام، وهو يمثل في نفس الوقت الشعب المصري كله.
وبدلاً من أن يعين السفير أمير الحج علي عمله الشاق، الذي تأخر عن اتمامه علي وجه الدقة مكرهاً، فإذا به ينكره وينكر معرفته له بأنه مبعوث الرئيس والشعب بأسره.
** كانت الناس تنتظر بعد هذا الصدام الذي فضحته وسائل الإعلام، أن تقصف رقبة السفير الذي أهان شعبه وأساء إلي رئيسه الأعلي، وقد كنت من المتوقعين غير ذلك، ووقع ما حدثت به نفسي وبعض الناس، فالأمر لم يخرج عن إطار توجيه من وزير الخارجية لسفيرنا في الرياض بأن يسهل عودة الحجاج المصريين من الأراضي المقدسة، وبذلك انتهت القصة عند هذا الحد، فلا الشعب له قيمة ولا هيبة الرئيس تصان من ميليشيات بعثة الحج، التي تكرس خدمات الدولة وأموالها لخدمة أقاربهم وعائلاتهم فقط.
** أعتقد بعد هذه الجولة لن يحزن حجاج الصعيد فهم في نهاية الأمر كتب عليهم القتال من اجل العيش المر والشقاء في حياتهم ببلد لا يشاركون في إدارته.. وكفاهم جزاءاً أنهم يؤدون الحج بمشقة، لعل الفرج يأتيهم عما قريب.. أو ينعمون بخيرات الله، في الجنة..
وللحديث بقية