بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب المصريين السياحيين
كانت مصادفة جميلة ان تأتي الزيارة التي قام بها اعضاء جمعية الكتاب السياحيين المصريين لمحافظة دمياط ومصيفها الرائع رأس البر في نفس اليوم الذي تمت فيه زيارة الرئيس مبارك ضمن جولاته بمحافظات مصر لافتتاح المشروعات الجديدة لتشجيع الجهود التي تبذل لخدمة المواطنين. جاءت دعوة الكتاب السياحيين التي نقلها عن محافظ دمياط علي منصور عضو غرفة المنشآت السياحية وصاحب احد المشروعات الرائدة في المصيف بهدف مشاهدة اتمام هذه الانجازات وبدء تشغيلها لصالح اهالي المحافظة وزوارها.
كان من الطبيعي ومراعاة للانشغال في احداث هذه الزيارة التاريخية ان يأتي وصول الكتاب السياحيين بعد الظهر ليقوموا بجولة علي كل المشروعات السياحية التي افتتحها الرئيس مبارك والتي غّيرت تماما من صورة مصيف رأس البر باعتباره مقصدا سياحيا عريقا خاصة بالنسبة للسياحة الداخلية. وكما هو معروف فان هذا المصيف يتمتع بعبق تاريخي تعلمه اسر مصرية غفيرة بالاضافة إلي العديد من مشاهير المجتمع والفن والثقافة علي مدي سنوات طويلة.
مصيف رأس البر انفرد في الزمن الجميل بأماكن الاقامة التي هي عبارة عن عشش من القش.. كنت شاهدا علي هذه الصورة الجميلة في اخر زيارة قمت بها لهذا المصيف منذ ٥٢ عاما.. وعندما ذهبت اليه هذه المرة وجدت انه قد تغير تماما وان التطورات التي شهدها خاصة في فترة المحافظ الحالي الدكتور محمد فتحي البرادعي جعلت منه مصيفا حديثا بمعني هذه الكلمة. أن شهرته لا تدانيها شهرة بوقوعه في نقطة اللقاء بين نهر النيل عند مصبه وبين البحر المتوسط الذي يستقبل المياه القادمة من النهر العظيم.. لقد ابهرتنا منطقة اللسان التي تختلط فيها مياه النيل العذبة بمياه البحر المتوسط المالحة والتي كانت مرتعا لسمك السردين ابان الفيضانات قبل ان يتم السيطرة عليها من خلال السد العالي. هذه المنطقة التي تعد من المواقع الفريدة في العالم كله شهدت عمليات تطوير واسعة لتكون مزارا لزوار رأس البر في الصيف الذي يصل عددهم يوميا الي مليون زائر.. ان طاقة اماكن الاعاشة والاقامة في هذا المصيف تبلغ ٠٥٣ الف سرير ما بين فنادق يصل اعلاها إلي ثلاث درجات وما بين الفيللات والبيوت التي يقوم ابناء دمياط ورأس البر بتأجيرها لهؤلاء الزوار. واذا كانت الطاقة الاستيعابية في حدود ٠٥٣ الف سرير يوميا فان باقي الزوار ينتمون إلي سياح اليوم الواحد الذين يصلون صباحا ويغادرونها ليلا.
وفي لقاء عقد في الصالة المعدة علي الكوبري الحديدي التاريخي الذي كان مقاما علي نيل دمياط تحدث المحافظ الدكتور البرادعي ـــ الذي يذوب عشقا في المحافظة ويستخدم خياله العبقري في عمليات تطويرها ـــ عن قصة هذا الكوبري. قال ان المستندات التي تم العثور عليها تشير إلي انه كان مقاما علي نيل امبابة في القاهرة ونقل إلي دمياط بعد الاتجاه إلي اقامة كوبري جديد متسع ليستوعب حركة القطارات .. ان عمر هذا الكوبري أكثر من مائتي عام وهو يعد من الناحية الانشائية جزءا من التقدم الصناعي العالمي.
.jpg)
وقال المحافظ انه اكتشف عام ٣٠٠٢ وجود هذا الكوبري مفككا استعدادا التصرف فيه بالبيع خردة. استطاع بالاتصالات ان يوقف هذه العملية ويحصل علي منحة مليون دولار من المنح المخصصة للاعمال الثقافية بوزارة التعاون الاقتصادي ليقوم بعملية تطويره دون المساس بصورته الانشائية أو الشكلية ليعاد تركيبه في النيل بنفس زاوية موقعه القديم بمنطقة امبابة.. وقد شملت المنحة عملية اقامة قاعة اجتماعات وعرض تابعة لمكتبة مبارك وألحق به علي الشاطيء مسرح للفنون حيث استخدمت شرفاته للمتفرجين أو للعرض المسرحي.
ان كوبري دمياط التاريخي ـ امبابة سابقاـ قد تحول اسمه إلي جسر الحضارة بعد هذه العملية العبقرية التي قام بها المحافظ لتجعل منه مزارا سياحيا وموقعا ثقافيا فريدا.
»وللحديث بقية«
