اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

نجوم في سماء السياحة (1)د. عبد القادر حاتم ..الأب الروحي

• أقنع عبد الناصر بإنشاء 45 فندقاً فكانت بداية المسيرة
• حاتم نفض الغبار عن جوهرة السياحة واستحق تسجيل اسمه بالموسوعة الدولية في كمبردج
• أول من أنشأ التليفزيون وآمن مبكراً بأهمية السياحة في دفع التنمية
أول ما يخطر على البال عندما تجئ سيرة الدكتور”عبد القادر حاتم” هو التليفزيون! فقد أخذ الرجل على عاتقه هذه المهمة الصعبة من الألف إلى الياء، واستطاع في وقت قياسي أن ينفذ مشروع إنشاء التليفزيون في مصر، وبذلك يكون الدكتور”حاتم” هو الأب الشرعي للإعلام، وللتليفزيون المصري، وتشاء الأقدار لهذا الأب أن يصبح فيما بعد الأب الروحي للسياحة المصرية، وعلى الرغم من أن الدكتور “عبد القادر حاتم” رجل عسكري في المقام الأول إلا أنه كان خبيراً محترفاً في مجالات السياسة والإعلام والاقتصاد.
ولد الدكتور” حاتم” في الإسكندرية في 3 سبتمبر من عام 1918، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1939ثم حصل على دبلوم الاقتصاد السياسي من لندن في عام 1947، وفي عام 1954 حصل على ماجستير في العلوم السياسية، وبعدها حصل على الدكتوراه في الإعلام في عام 1960.
وقد تولى العديد من المناصب بعد قيام الثورة، فكان مستشاراً للرئيس “جمال عبد الناصر” ومديراً لمكتبه، كما أصبح نائب رئيس الوزراء للإعلام والثقافة والسياحة، ورئيساً للوزراء في عهد الرئيس السادات، ومساعداً له، وفي عهد الرئيس مبارك قام الدكتور”حاتم” بإنشاء المجالس القومية المتخصصة، وأصبح أول رئيس لها.
وإلى جانب ذلك عمل الدكتور” حاتم” كأستاذ متفرغ في كلية الإعلام بجامعتي القاهرة، والأزهر، كما عمل كأستاذ زائر في جامعات ” كمبردج” و” أُكسفورد” و” درهام” و “لندن”، وله اثنا عشر مؤلفاً باللغة العربية، وسبعة بالإنجليزية، كما تولى رئاسة تحرير جريدة الأهرام لمدة عام.
كان الدكتور”حاتم” هو أول من أنشأ التليفزيون في مصر، كما كان أول وزير للإعلام في عهد “جمال عبد الناصر”، وكانت قصة إنشاء التليفزيون واحدة من قصص الكفاح التي كتب كلماتها الدكتور”عبد القادر حاتم”.
وتعود بدايات هذه القصة إلى الفترة من عام 1956، وحتى عام 1959، ففي أعقاب العدوان الثلاثي على مصر نشبت معارك كثيرة، وضارية مع الإعلام الاستعماري البريطاني الفرنسي الإسرائيلي قادتها الإذاعة المصرية.
كان الإرسال الإذاعي يصل بالكاد إلى القاهرة، وبعض المحافظات المجاورة، فبذلت جهود مضنية لكي تخرج الإذاعة المصرية إلى العالم، وتخاطبه بأربع وثلاثين لغة، وكان النجاح الذي حققته الإذاعة المصرية في مواجهة الإذاعات الأجنبية المعادية دافعاً للتفكير في إنشاء التليفزيون.
وتم تكليف الدكتور “حاتم” بتنفيذ المشروع، وراح يسابق الزمن حيث كانت كل التقديرات تشير إلى أن تنفيذ المشروع يحتاج إلى 18 شهراً على الأقل لكنه استطاع أن ينفذه في ستة أشهر فقط، وعندما بدأ الإرسال رسمياً في عام 1960 ظهرت عدة مشكلات فنية وغير فنية، لكن الدكتور “حاتم” استطاع أن يهزمها جميعاً بالضربة القاضية، ويحقق لمصر ريادتها الإعلامية.

كان الدكتور حاتم بطبيعته رجل إعلام من الطراز الأول، وقد ظهرت مواهبه الإعلامية مبكراً في حرب 56 19عندما كان المتحدث الرسمي للحكومة والمسئول عن الإعلام ضد العدوان الثلاثي، وتكفيه شهادة الأعداء، فبعد انتهاء الحرب قال “بن جوريون” رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت أن الإعلام المصري نجح في هزيمتنا، أما “إيدن” رئيس وزراء بريطانيا فقال إن الحكومة البريطانية أنفقت 25 مليون جنيه إسترليني للدعاية ضد مصر لكن الإعلام المصري تفوق علينا! ولم يكن هناك ما يعبر عن النجاح الذي حققه الدكتور”حاتم” في مجال الإعلام أكثر من صورة؛ صورة رسم ملامحها كل العاملين في جهاز التليفزيون، فعندما اختير مرة أخرى ليتولى مسئولية وزارة الإعلام في عهد الرئيس “السادات”، وقف هؤلاء العاملون لاستقباله على باب التليفزيون، وحملوه على الأعناق حتى مكتبه في الدور التاسع.
ولم يكن هناك رجل له مثل مواصفات الدكتور”حاتم” لكي يحمله الرئيس “السادات” مسئولية الجبهة الداخلية لمصر خلال حرب أكتوبر، وهكذا أصبح الرجل رئيس وزراء حرب أكتوبر.
كان الرئيس “السادات” هو رئيس الوزراء في الفترة من عام 1972، وحتى عام 1973، وكان يعلم أنه مقبل على معركة تحتاج كل جهده، وكل تركيزه، فراح يبحث عمن يحمله مسئولية الوزارة، والجبهة الداخلية كلها، وعلى الفور وقع اختياره على الدكتور”عبد القادر حاتم” الذي لم يتردد في تحمل المسئولية الجديدة رغم ابتعاده عن العمل السياسي ست سنوات كاملة، ومن اللحظة الأولى التي تولى فيها المسئولية أدرك أن مهمته صعبة.
وخلال الحرب حرص الدكتور”عبد القادر حاتم” على أن تكون النبرة الإعلامية هادئة، ومتزنة في إطار سياسة إعلامية استطاعت أن تجعل البيانات العسكرية مجالاً لذكر الحقائق دون مبالغة، كما نجح في جعل وسائل الإعلام تتوجه إلى الجماهير وفق منهج إعلامي مناسب لكل جمهور، ففي توجهها إلى الشعب المصري كان مضمون الرسالة الإعلامية يستهدف رفع الروح المعنوية للشعب والجيش، وتدعيم ثقة المواطن في قياداته، وفي سائر مؤسسات الدولة.
وفي توجه وسائل الإعلام إلى الأمة العربية كان مضمون الرسالة الإعلامية حشد الجماهير العربية، وتدعيم التضامن العربي، وإطلاع الرأي العام العربي على حقائق الموقف أولاً بأول.
وفي توجهها للرأي العام الدولي استهدفت وسائل الإعلام المصري كسب تأييد العالم واحترامه.
وهكذا كان الدكتور “عبد القادر حاتم” الأب الشرعي للإعلام المصري تماماً كما كان الأب الروحي للسياحة المصرية، حيث تولى الدكتور حاتم مسئولية وزارة الثقافة والسياحة في عهد الرئيس “جمال عبد الناصر”، ومنذ اللحظة الأولى ظهرت براعته في هذا المجال واستطاع أن يبرز كمفكر اقتصادي.

كانت السياحة أيامها من الأنشطة البعيدة كل البعد عن فكر، ورؤية الحكومة المصرية، وكان كل ما تدره من عائد لا يتجاوز 14 مليون جنيه، لكن الدكتور حاتم المفكر الاقتصادي، وصاحب الرؤية الواسعة كان يدرك أن السياحة يمكن أن تنمو وتساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية.
استطاع الدكتور حاتم إقناع الرئيس “جمال عبد الناصر” بأن تقوم مصر بإنشاء 45 فندقاً جديداً، وعرض عليه مشروعاً لاستغلال ساحل البحر الأحمر سياحياً، واختار مدينة الغردقة لتكون عاصمة هذا المشروع السياحي.
ومضى الدكتور حاتم في تنفيذ العديد من المشروعات السياحية المختلفة، فأنشأ كلية للسياحة، والفندقة، واستورد مائة أتوبيس سياحي مكيف، وأدخل الشركات الأمريكية، والفرنسية، والإنجليزية المتخصصة في مجال الفندقة لإدارة الفنادق المصرية التي تم إنشاؤها.
وارتفعت عائدات السياحة من 14 مليون إلى مائة مليون! ولم يكن ارتفاع عائدات السياحة في الواقع هو الفائدة الوحيدة التي جنتها السياحة المصرية، فقد كانت الفنادق التي تم بناؤها، والأتوبيسات السياحية التي تم استيرادها، والمشروعات التي تم طرحها هي نقطة الانطلاق الأولى للسياحة المصرية.
لقد كانت السياحة المصرية مثل جوهرة ثمينة مدفونة تحت التراب، وكانت في حاجة إلى من يزيل عنها ذلك الغبار ليتجلى ضوءها ولمعانها، وكان الدكتور “عبد القادر حاتم” هو ذلك الرجل الذي أزال عن جوهرة السياحة الغبار الذي كان عالقاً بها من آلاف السنين، ولم يكن غريباً فيما بعد أن تضم الموسوعة الدولية الخاصة بكبار المفكرين والتي تصدر في”كمبردج” بإنجلترا اسم الدكتور”عبد القادر حاتم” كواحد من خمسمائة مفكر عالمي أثروا بفكرهم في مجتمعاتهم.
لم يكن غريباً أن يحصل الدكتور”عبد القادر حاتم” على مثل هذا التقدير والتكريم العالمي بعد كل ما حققه من نجاح، وبعد كل ما قدمه للإعلام المصري والسياحة المصرية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled