تمتلك الرقة كل المقومات التي تجعلها مدينة سياحية من خلال سياحة الآثار والثقافة والتراث عبر مئات المواقع المنتشرة في ربوعها التي تحكي عشرة ألاف عام من تاريخ البشرية و الحضارات التي تعاقبت على هذه المنطقة ومازالت آثارها شاهدة على عظمتها وقال فيصل الحسن مدير السياحة إن الكنوز السياحية التي تمتلكها المحافظة وموقعها الوسط بين المحافظات وبوابتها الحدودية في تل أبيض مع تركيا ستصبح صناعة مهمة مع إمكانية استثمار ملايين الدولارات وبالتالي تأمين المئات من فرص العمل.
وأضاف الحسن: هناك تزايد ملحوظ في عدد الزوار وخاصة في المناطق المجاورة لضفاف بحيرة الأسد وقلعة جعبر وكذلك عبر بوابة تل أبيض الحدودية حيث ازداد عدد القادمين عبر هذه البوابة خلال عام 2008 إلى 100 بالمئة مقارنة مع عدد القادمين في عام 2007 و بلغ عدد القادمين عبر البوابة خلال النصف الأول من هذا العام 47773 في حين بلغ عدد المغادرين خلال الفترة نفسها 49308 لافتاً إلى أن هذه الأرقام تشكل زيادة أكثر من 100 بالمئة عن الأرقام للفترة نفسها من العام 2008 حيث بلغ عدد القادمين 23461 في حين بلغ عدد المغادرين 24217 .
ومن المتوقع أن يزداد عدد القادمين خلال السنوات القادمة الأمر الذي يتطلب معه زيادة الطاقة الاستيعابية و الحاجة للإسراع بوضع المنشات السياحية قيد التنفيذ موضع الاستثمار التي يزيد عددها على 30 منشأة مبيت و إطعام لتصبح المحافظة أكثر من منطقة عبور للسائحين. وحول دور المؤتمرات السياحية و الاستثمارية في جذب الاستثمار السياحي للمحافظة أوضح مدير السياحة أنه في إطار خطة التنمية الإقليمية في المنطقة الشرقية قامت مديرية السياحة بإعداد كامل الدراسات المطلوبة وقدمت كل التسهيلات للمشاريع التي عرضت في مؤتمر الاستثمار للمنطقة الشرقية عام 2008 و ملتقى سوق الاستثمار السياحي الخامس عام 2009 لإنجاح هذه الخطة و جذب الاستثمارات التي من شأنها أن تفعل واقع السياحة إلى الحدود المطلوبة.
وقد تم فعلياً اقتراح خطة عمل مع برنامج تنفيذي و جدول زمني حول منتجي السياحة البيئية و النهرية القسم الشمالي الشرقي لمنطقة بحيرة الأسد منتج نهر الفرات للسياحة النهرية خلال عام 2009 و لغاية عام 2012.
وبالنسبة لقرار تحديد حرم بحيرة الأسد قال الحسن إنه بموجب القرار رقم 274 تاريخ 21- 6- 2009 المتضمن الموافقة على اعتماد الحرم الذي تم انجازه من قبل وزارتي الري والسياحة وتخصيص أراضي أملاك الدولة في الجزء غير الحراجي من محيط البحيرة لصالح وزارة السياحة واستثمار الجزء الحراجي منها في مجال السياحة البيئية بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وفق الأنظمة النافذة وهذا القرار ذو أهمية بالغة لكونه يزيل إحدى عقبات الاستثمار الرئيسية في منطقة البحيرة حيث تم تقليص الحرم في المواقع السياحية المدروسة إلى 50 متراً بعد أن كان 500 متر مع المحافظة على الناحية البيئية للبحيرة ومحيطها بتطبيق شروط بيئية صارمة تمنع إلقاء النفايات في البحيرة حتى بعد معالجتها واستخدام المياه المعالجة في إرواء الأشجار الحراجية فقط.
وحول السياحة الشعبية والدور المنتظر لها أشار الحسن إلى أن السياحة الشعبية تحتل حيزاً كبيراً من دائرة الاهتمام واقترحت اللجنة السياحية تحويل المحلق الداخلي لسور الرقة الأثري إلى سوق تراثي للمهن اليدوية والشرقيات إلا أن هذا الاقتراح اصطدم برؤية مجلس المدينة وأصحاب المحال الصناعية في المنطقة والتي تسيء للمنظر العام للسور أحد أهم معالم الرقة الأثرية.
وأكد الحسن أن السياحة الدينية تعد من أهم مرتكزات السياحة في المحافظة والأكثر جذباً للسياح والمصطافين لاحتوائها على بناء مقام الصحابي الجليل عمار بن ياسر ومقام أويس القرني وغيرهم مبيناً أن الأماكن الدينية تشهد حالة من الجذب السياحي الحقيقي على مستوى المحافظة ولاسيما في أيام العطل والأعياد سواء منها السياحة الداخلية أو الخارجية.
ودعا إلى استغلال الإمكانات المتاحة التي تتمتع بها المحافظة التي يجرى فيها نهر الفرات وتحتضن بحيرة الأسد إحدى أنقى البحيرات في العالم وتتوزع على طول مجرى النهر من البحيرة وحتى دخوله للحدود الإدارية لمحافظة دير الزور أكثر من 19 حويجة نهرية “الجزر الفراتية” أشهرها جزيرة عايد محمية الثورة البيئية والدور الذي تلعبه هذه الجزر في السياحة إذا ما استغلت الاستغلال الأمثل عبر حمايتها من التعديات وإقامة المنشات السياحية والمقاهي والفنادق والمطاعم الشعبية على ضفتي النهر والبحيرة والاهتمام بالشواطئ الرملية وتنظيم سباقات الزوارق النهرية والرحلات الترفيهية بين الجزر على غرار رحلة من توتول إلى ماري التي تحاول إحياء هذا الممر المائي القديم وزيادة الاهتمام بالنهر وبجزره الجميلة وحمايتها.
وأضاف مدير السياحة أنه في هذا العام سيتم افتتاح فندقين ثلاث نجوم الأول بطاقة 106 أسرة و 396 كرسي إطعام والثاني على ضفاف نهر الفرات بطاقة 50 سريرا و326 كرسي إطعام بالإضافة إلى افتتاح مطعم من سوية ثلاث نجوم في مدينة الرقة بطاقة 226 كرسي إطعام. يشار إلى أن الرقة تمتاز بكنوز قل نظيرها ومنها أول مسكن في التاريخ في موقع مريبط الذي يعود بتاريخه إلى الألف التاسع قبل الميلاد ومملكة توتول في تل البيعة والتي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد واجتذبت أنظار الكسندر المقدوني فأسس فيها مدينة نقفوريوم في عام 244 ق م وفي عام 466 ميلادي عرفت الرقة بمدينة ليونتوبولس في عهد الإمبراطور البيزنطي ليون.
وبلغت المدينة أوج ازدهارها خلال الحكم العباسي حيث أمر الخليفة أبو جعفر المنصور ببناء مدينة الرافقة والتي هي اليوم المدينة القديمة من الرقة. وفي عهد الخليفة الرشيد أصبحت عاصمة الدولة ولا تزال شواهد ذلك العصر ماثلة للعيان إلى يومنا هذا ومنها أسوار الرقة وباب بغداد والقصور العباسية وجامع المنصور وقلعة جعبر إضافة إلى العديد من التلول الأثرية المنتشرة في أرجاء المحافظة وخاصة على جانبي نهر البليخ.
عن سانا