السياحة هي ثروة لبنان الحقيقية، فلبنان ليس بلدا نفطيا، ولأجل ذلك يعتمد اقتصادها أساسا على موارد خزينته من السياحة بالدرجة الأولى، بحكم غناه بالمراكز السياحية الطبيعية وجودة مناخه ونفسية شعبه وكرمه، كلها عوامل سياحية، تضع لبنان في مصاف البلدان السياحية الأولى في الشرق الأوسط.
إذ تتميز لبنان بجو مناسب جدا للسياحة في فترة الصيف خاصة، الأمر الذي يشجع توافد السياح الخليجيين إليها بشكل كبير لعدّة اعتبارات أولها سهولة الحصول على التأشيرة للرعايا العرب الأجانب من المطار وبصفة مجانية ولمدة تصل الى ستة أشهر.
تعدّ لبنان من أجمل بلدان الشرق الأوسط على الاطلاق، إذ تمتلك طبيعة جبلية خلابة كما تمتاز باخضرار دائم نتيجة وفرة زراعة الأرز فيها، “رمز لبنان”، وهي من الأشجار المعمرة والتي تعيش في فصل الصيف والشتاء على حد سواء. كما أنها بلد ساحلي على طول حدودها -أي من الشمال الى الجنوب- وللبحر طبعا انعكاساته على تلطيف المناخ والناس.
أما الأماكن التي تجذب السياح اليها فهي أولا “مغارة جعيتا” وهي من عجائب الدنيا وتنقسم الى قسمين: المغارة العليا، ويمكن التجول فيها على الأقدام، حيث تم تخصيص ممرات لتمكن السائح من التجول بكل راحه وحريه ليستمتع بمناظرها الخلابة والتي يعجز وصفها.
أما المغارة السفلية فيكون التنقل فيها بواسطة القوارب الصغيرة، المعدة خصيصا للتنقل بين ثناياها، وهي تعتبر مكملة للمغارة العليا، وقد تم اكتشافها عام 1958 بعد تأهيلها على يد المهندس والفنان والنحات اللبناني غسان كلينك.
كما يوجد داخل مدينة بيروت “التلفريك” الذي يوفر للسائح متعة الصعود الى أعلى الجبل، ليشاهد العاصمة بيروت من فوق السحاب.
وتتوفر بالمدينة أيضا أكبر مجمع للمقاهي في البلدة المسمى بـ”أبو رمانة”، حيث المقاهي المتراصة والفخمة إلى جانب المطاعم الواقعة على شاطىء البحر التي تقدم للسائح أشهى وأرقى المأكولات الشامية.
إذ يتمتع المطبخ اللبناني بألوان غنية تعكس ألوان الطبيعة من شمس واخضرار وماء وأنواع متعددة تظهر حسن ضيافة الشعب اللبناني وذوقه الرفيع وكرمه. فالمطبخ اللبناني فريد من نوعه إذ يدمج بين المطبخ الأوروبي الفاخر ونكهة الشرق الشهية.
تبدأ وجبة الطعام عادة بالمازة وهي عبارة عن سلطات “تبوله أو فتوش” حمص، متبل، معجنات، ورق عنب، كبة الخ.. وبالمفهوم الحالي فإن المقبلات قد تغني عن مزيد من المأكولات. ويتألف الصحن الرئيسي من لحوم مشوية، دجاج أو سمك مع الرز أو الخبز.
يتبع ذلك الحلويات وما أكثرها في لبنان، فهي إما بقلاوة أو كنافة أو معمول أو كرابيج وما إلى ذلك من الحلويات اللبنانية الشهيرة وتقدم كل هذه الحلويات مع الفاكهة والمكسرات الطبيعية. بعد انتهاء الوجبة تقدم القهوة العربية السادة بالهال أو دونه ويقدم الشاي أيضاً.
فالمطبخ اللبناني هو بحد ذاته احتفالا بالحياة، مفعما بالنكهة وفريدا من نوعه.
كما توفر مدينة بيروت للنساء خاصة متعة التسوق بالأسواق العتيقة كسوق “الحمرا” و”السكليك” وأخرى فخمة كسوق “ايه بي سي” الذي يضم أفخم وأشهر الماركات العالمية.
أما ليل بيروت فهو ليل استثنائي، حيث السمر والسهر حتى الهزيع الأخير منه، فالعلب الليلية والنوادي الغنائية متوفرة وبشكل كبير بلبنان الفن والجمال والأزياء فعماد السياحة اللبنانية التسلية أولا وأخيرا، هذا دون أن ننسى الحديث عن أهم مهرجان صيفي ببلد الأرز، فمهرجان بعلبك الدولي السنوي هو في حد ذاته حالة سياحية خاصة بلبنان، إذ يقام كل سنة في معبدي “جوبيتر” و”باخوس” حيث يستقطب أهم وأشهر الفنانين العالميين لإحياء حفلات رائعة في أحد أجمل الأماكن الأثرية في العالم.
ومن المؤكد أن هذا المهرجان ينشّط الحركة الاقتصادية في المدينة بشكل كامل، حيث يستفيد أهل بعلبك من بيع التذكرات على مدخل القلعة خاصة العباءات والتحف الخشبية التي ترمز الى بعلبك، كما بإمكان الزائر تذوق الصفيحة البعلبكية الشهية، وهي عبارة عن لحم مغلف بعجينة صغيرة مربعة الشكل يشتهر بها البقاعيون عامة والبعلبكيون بشكل خاص.
ومن المزارات السياحية الهامة في لبنان والتي تجلب عددا كبيرا من السياح نجد صخرة الروشة أو صخرة الحب كما يحلو للبنانين تسميتها وهي معلم سياحي لبناني عبارة عن صخرتين كبيرتين قريبة من شاطئ منطقة الروشة في بحر بيروت الغربي. وتتكون من كتلة صخرية كبيرة هائلة مجوفة في الوسط. تبلغ قمة الصخرة ما يقارب الـ70 مترًا ومتوسط ارتفاع 25 مترًا وفي الإتجاه المقابل توجد صخرة مدببة مرتفعة متأثرة بعوامل التعرية الجوية.
كل هذه العوامل الطبيعية والتاريخية خاصة، على اعتبار أن تاريخ لبنان قديم قدم البشرية ومثل كل بلاد حيث ذكرت لبنان في أقدم الآثار المكتشفة في المنطقة. كما أن موقعه على ساحل البحر المتوسط وتوسطه الطرقات التجارية بين أوروبا وآسيا وأفريقيا جعله مرتاعا لثقافات عديدة وأعطته أهمية تاريخية. ومنذ القدم سكنته شعوب قدمت من الأراضي الداخلية ومن خلف البحار.
خلال توالي العصور، كما خضعت شعوب لبنان للسيطرة الخارجية لشعوب ودول أتت من كل الأصقاع. ومنهم الآشوريون والبابليون والفرس والإغريق والرومان والعرب والعثمانيون والفرنسيون وأخيراً السوريون، كل هذه الحضارات وتعاقبها جعلت من لبنان تعيش اليوم حراكا ثقافيا وفنيا فريدا من نوعه فلبنان الحالي له طابع ثقافي عربي مطعم بتأثير غربي، الأمر الذي جعل من لبنان محجا للسياح الأجانب والعرب خاصة منهم الخليجين.
لا يمكن الحديث عن السياحة اللبنانية دون الاشارة الى أن هذه الصورة الزاهية تعكس في جانب آخر مشاكل عديدة تحول دون استقرار الموارد المالية المتأتية من النشاط السياحي بلبنان، حيث عادة ما ترتبط سياحة لبنان بوضعها الأمني فإن كان التآلف والاستقرار توفّر الرخاء السياحي بها وإن انعدم أمنها أعدمت سياحتها.
ناهيك أنه إثر حرب تموز 2006 تكبدت السياحة اللبنانية خسائر قدّرت بمليارات الدولارات بسبب التوتر الذي تشهده الدولة وهو ما أدى إلى أن تحذر الدول الخليجية مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وقد ظل القطاع السياحي بلبنان خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة يعاني من وبال الحرب والاغتيالات والتفجيرات والخلافات السياسية العميقة والنزاعات الأهلية.
وكانت دول خليجية مثل السعودية والكويت والبحرين قد نصحت رعاياها بعدم السفر إلى لبنان. واتخذت الرياض خطوة إضافية في هذا الشأن الأسبوع الماضي حين نصحت مواطنيها بمغادرة الأراضي اللبنانية، الأمر الذي جعل من لبنان تفقد وعلى امتداد السنوات الثلاث الماضية نصف عائداتها من السياحة.
حيث اعتادت أن تجني مبلغ 4.5 مليار دولار سنويا من السياحة، إلا أن الحرب جعلت من هذا القطاع لا يوفّر للدولة سوى ما بين 1.5 و2 مليار دولار سنويا على امتداد الثلاث سنوات الماضية. على اعتبار أن العرب يمثلون خمس عدد الزائرين إلى لبنان سنويا.
المصدر : العرب اونلاين