دمشق – محمد سعيد
بدأت تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تطول وبشكل ملحوظ قطاع السياحة السورى من حيث حركة السياح فيه ونسبة إشغالات الفنادق وعدد المجموعات السياحية،وأعرب القائمون على هذا القطاع من أصحاب مكاتب سياحة وسفر وفنادق وحتى المعنيين في القطاع السياحي عن تخوفهم من تزايد تأثيرات الأزمة على السياحة وخاصة أن العام الحالي قد شهد تراجعا ملحوظا في نسبة الحجوزات في الفنادق ليس فقط في دمشق وحلب وإنما في أغلب المحافظات السورية.
والغت العديد من المجموعات السياحية حجوزاتها بعد أن أكدتها في مراحل سابقة هذا طبعاً يؤثر على عمل مكاتب السياحة والسفر وعلى الفنادق نفسها ومن ثم على القطاع السياحي بشكل عام، فإن كانت وجهات النظر بين المعنيين في وزارة السياحة وأصحاب الفعاليات السياحية قد تضاربت حول حجم التأثير فإن الجانبين أكدا أن الانعكاس الأولي قد تجلى بشكل واضح في انخفاض نسبة اشغالات الفنادق وتراجع قدوم المجموعات السياحية.
قال رئيس اتحاد غرف السياحة السورية السابق نشأت صناديقي إن نسبة اشغالات الفنادق في سورية انخفضت بشكل كبير خاصة لفنادق «الخمس نجوم» إلى جانب ذلك هناك العديد من الإلغاءات في المجموعات السياحية القادمة لسورية، كل ذلك جراء الأزمة المالية العالمية.
مؤكداً أن نسب الإشغال أو المؤشرات للحجوزات السياحية لا تتجاوز 30-35% من العدد المتعاقد عليه سابقاً ما يعطي مؤشراً واضحاً على تراجع الموسم السياحي القادم مضيفاً أن تداعيات الأزمة لم تقتصر على سورية فقط بل على جميع الدول، والسبب أن السائح القادم من أي بلد في العالم ستتأثر موارده المالية التي ادخرها خلال فترة معينة وأصبح يفضل أن يستثمر هذا المبلغ بما يعود بالفائدة عليه لا بالقيام بجولة سياحية.
وأضاف صناديقي لنكن واقعيين فإن عام 2009 سيكون عاماً صعباً وسيئاً فكبرى شركات الطيران العالمية مثل «الايرباص» بلغت خسائرها خلال الربع الأخير من عام 2008 نحو 680 مليون دولار هذا قياس على باقي الشركات مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تراجعاً أكبر في نسب الإشغالات الفندقية مطالباً في هذا المجال القائمين على القطاع السياحي في سورية بتطوير البنية التحتية للمواقع السياحية والدينية ووضع إستراتيجية ترويجية وتسويقية لاستقطاب عدد من السياح على مدار العام مع ضرورة التركيز على فتح أسواق جديدة للسياحة، والأهم من ذلك- حسب رأي صناديقي- تأهيل المنتج السياحي السوري وتشكيل هيئة متخصصة لدراسة الأسواق السياحية وتنشيط السياحة الداخلية التي من شأنها أن تؤمن تشغيل المناطق الجبلية والساحلية.
من جانبه قال مدير فندق ديدمان بدمشق حازم السباعي أن نسبة الإشغال الحالي بالفندق بلغت 75-80% بالمقابل شهدت فنادق المدن الأخرى تراجعاً في نسب الإشغال ما يدل على ظهور تأثيرات الأزمة المالية على قطاعي السياحة والسفر.
وبين السباعي أن عدم التأثر بالأزمة المالية ليس لأن الأزمة لم تطل سورية بل لأن ليس لدينا سوى عدد قليل من الفنادق وهذا أحد الأسباب الرئيسية لزيادة اشغالاتها مضيفاً أن المستثمرين وجراء الأزمة لجؤوا للبحث عن فرص استثمارية في مناطق أكثر ثقة الأمر الذي رفع من نشاط سياحة المؤتمرات في دمشق أي إن وسطي إشغال الفنادق بات لا يعتمد على السياحة الأوروبية التي نسبتها محدودة بل على حركة المؤتمرات والوفود القادمة إلى سورية، وعلى السياحة الداخلية التي تنشط خلال الصيف.
وأكد مدير عام فندق أمية بدمشق حسان سلوم وجود انخفاض ملحوظ وكبير في الحجوزات والاشغالات الفندقية يتراوح بين 50-60% والانخفاض تدريجي يبدأ من 5 نجوم إلى 4 نجوم، الخ.. مشيراً إلى أن العديد من مكاتب السياحة والسفر التي لديها حجوزات سياح ألغت حجوزاتها من الخارج نتيجة الأزمة المالية والتراجع هذا، يختلف ويتفاوت من دولة إلى أخرى تبعاً للمقومات السياحية المتوافرة، فمثلاً في مصر هناك تأثيرات كبيرة على القطاع السياحي غير أن السياحة في مصر متنوعة منها الصحية والعلاجية والأثرية والثقافية والترفيهية.
أما سورية فتعتمد بشكل كبير على السياحة الدينية والثقافية والحركة الأكبر هي حركة رجال الأعمال وبهذه الفترة انخفضت هذه الحركة نتيجة ظروف معينة لكن بالأحوال العادية هذه الحركة تعوض جزءاً من نقص عدد السياح.
وبين سلوم أن السياحة العربية البينية قد تعوض القليل من تأثيرات السياحة الدولية في حال تم العمل بها بشكل جيد، وبالعموم فإن شهري تشرين وشباط من الأشهر المنخفضة بالإشغالات ولكن في العام الحالي انخفضت بشكل أكبر وبذلك نستطيع التأكيد أن الأزمة المالية انعكست على السياحة.
ولفت سلوم إلى أن محافظات حمص وحماة واللاذقية تأثرت فيها نسب الإشغالات أكثر من محافظات دمشق وحلب رغم أن بعض الفنادق تحاول أن تخفض من أسعارها خاصة خلال الفترة القادمة لتزيد من حركة الترويج الدولية لفنادق 4 نجوم في المعارض الدولية وعن طريق الانترنت.
واعتقد سلوم أن لوزارة السياحة بعض الدراسات والاقتراحات التي من شأنها الحد من تأثيرات الأزمة قدر الإمكان لكن الأهم – برأيه – تخفيف الأعباء عن المؤسسات السياحية وهو ما نطالب به وخاصة تخفيض الضرائب ورسم الإنفاق الاستهلاكي حتى يتسنى لنا الخروج من الأزمة مشيراً إلى أن غرفة السياحة قد قدمت مقترحاً بهذا الخصوص للعمل به ولو بشكل مؤقت آخذة بعين الاعتبار كلف الطاقة والكهرباء والمياه والمازوت التي تضاعفت أسعارها بنسبة 5 – 6 أضعاف الأمر الذي جعل العديد من المؤسسات الفندقية لا تستطيع الوقوف على قدميها.
وطلب أيضاً بمضاعفة جهود الترويج الخارجي للسياحة سواء مع الدول العربية أو مع الشركات السياحية العالمية.
وقال رئيس اتحاد غرف السياحة رامي مارتيني إن الفنادق في سورية تعاني من الموسمية واختلاف كل محافظة عن غيرها فذروة الإشغال تكون في الربيع والخريف وباقي الفصول الأخرى تختلف الإشغالات فيها حسب المدينة وقد بلغت الإشغالات بهذه الفترة من 80 إلى 100% ونحن لدينا حاجة إلى الفنادق والغرف ففي فترة الذروة للقدوم السياحي تضطر بعض المكاتب السياحية للحجز في إدلب علماً أن الجولة قد تكون بحلب أو اللاذقية بسبب وجود إشغالات فحلب، بحاجة إلى أكثر من 5000 سرير إضافي وحتى اليوم لا يزال عدد الفنادق بسورية دون المطلوب.
وإذا توافرت هذه الغرف فحصة السوق تكبر خاصة في المواسم ومن الظلم مقارنة دمشق بغيرها من المحافظات لكونها العاصمة وبالنسبة لحلب وتدمر فهما تعتمدان على السياحة الثقافية وهما تعانيان من أزمة حادة في الموسم الحالي.
وبالنسبة لتأثيرات الأزمة العالمية – حسب رأي مارتيني – فهي لم تؤثر على حركة القدوم السياحي حتى اليوم وبالنسبة لنا السائح الأوروبي الذي يأتي للسياحة الثقافية لم يتأثر بالأزمة لأن لديه رصيداً من الأموال المخصصة لذلك.
أما سياح الترفيه الذين يدفعون مبالغ مالية فهم من تأثرت سورية بقدومهم لأن سورية كغيرها من الدول ستتأثر بالأزمة مشيراً إلى أن للأزمة منعكسين الأول سلبي سيتمثل بانخفاض القدوم السياحي لجميع الدول وسورية منها، والآخر إيجابي نتيجة قرب سورية من أوروبا لكونها أقرب مقصد سياحي وأرخص من حيث الأسعار.
وطالب مارتيني بضرورة إعداد دراسة شاملة لتكاليف الفنادق من قبل أصحاب المنشآت السياحية يحددون فيها أسعار السوق إضافة إلى دراسة واقع كلف التشغيل للمنشآت السياحية.
ومن جهة أخرى طالب مدير التخطيط والإحصاء في وزارة السياحة بتطبيق سياسة الاستثمار بالقوانين والتشريعات على أراضي الدولة لإقامة فنادق حتى يكون هناك توازن بين العرض والطلب مضيفاً إن نسب إشغال الفنادق على مدار العام تتراوح وسطياً بين 65 – 70% والسبب أن عدد المنشآت السياحية بالقطر قليل علماً أن نسب الإشغال في العامين الماضيين كانت أفضل من العام الحالي بسبب الطلب السياحي العالي مقابل قلة عدد المنشآت الموضوعة بالخدمة، من هنا اعتمدت وزارة السياحة أسواق الاستثمار لزيارة المنشآت السياحية ليكون هناك تنافس فيما بينها وهناك عدد من المشاريع قيد الإنشاء ستدرج بعد العام 2010 ورصدت لها مليارات الليرات السورية.
وأكدت أن نسب الإشغال في دمشق وحلب تتراوح بين 80 – 85% أما المحافظات الأخرى فهي أقل بكثير من هذه النسبة نتيجة تأثرها بالموسمية.
بعض العاملين في الأوساط السياحية أكدوا ضرورة إيجاد الخدمات السياحية التي تؤهلنا لاستقبال السياح أهمها البنية التحتية للسياحة التي تؤهلنا لاستقبال السياح.
وبعضهم الآخر عوّل التراجع بنسب الإشغال إلى عدم وجود الخدمات الجيدة في الفنادق وارتفاع أسعارها مقارنة بالدول المجاورة، وأن السياحة تحتاج إلى حملات توعية بطرق التعامل مع الوفود السياحية القادمة وإعادة النظر بطرق الترويج في سورية لإيجاد خدمات تؤهلنا لاستقبال السياح بشكل أفضل.