في ذكري الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية
الإسكندرية "المسلة" …. في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، نظم مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، اليوم، ندوة علمية بعنوان "لغتنا الجميلة وقضايا العصر"، وشارك فيها مجموعة من أساتذة الجامعات المتخصصين في اللغة العربية، ومجموعة من الشعراء.
وقال الدكتور مدحت عيسى؛ مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، إن تلك الندوة تأتي في إطار اهتمام المركز بكل تجليات التراث العربي شكلاً ومضموناً، ذلك لأن الاهتمام باللغة هو اهتمامٌ بالوعاء الذي صَبَّ فيه المسلمون فكرهم وحضارتهم، ولاسيما أنه لا يمكن دراسة التراث الإسلامي بدون سبر أغوار اللسان العربي.
وأوضح الأستاذ الدكتور محمد مصطفي ابو الشوارب، الذي تولي إدارة حوار الجلسة الأولي، أن الندوة تأتي كواحدة ضمن الجهود التي تبذل في محيط الوطن العربي في سبيل النهوض باللغة العربية التي لا تعتبر فقط وسيلة للتواصل، ولكنها تمثل هويتنا العربية وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ولها منزلة فريدة في نفوس ابنائها.
وأعرب الدكتور عبد الله التطاوي؛ أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، عن امتنانه لمكتبة الإسكندرية في تنسيق الندوة التي تعتبر خطوة لضمان استمرارية الأجيال في الحفاظ علي اللغة العربية من التردي أمام التحديات العصرية التي تواجهها ويسعى أساتذة اللغة ومحبيها للتغلب عليها، مضيفاً أن البحث عن عصرنة للمناهج التعليمية أصبح ضرورة لابد منها، وعدم التفاني في وصول الصعب صار تخاذل عن حمايتها، لأن اللغة هي الضامن لاستمرارية الأمة العربية وذاكرتها وهويتها.
وأضاف الدكتور التطاوي أن تعميم معمل اللغة العربية ضرورة حتميه للاستفادة منه في مدارس مصر خاصة للصفوف الثلاثة الأولى التي تعتبر عماد التكوين اللغوي للطفل الذي أصبح يعيش حالة من تنوع اللغات أفقدته الهوية اللغوية وشعوره بالخجل إن لم يتحدث هو وأسرته لغات غير العربية، معرباً عن خوفه من انحياز الأجيال القادمة للغات الأجنبية على حساب لغتهم الأم، وذلك في زحام العولمة الثقافية.
وأشار الدكتور التطاوي إلى أهمية إعادة النظر في مناهج تعليم اللغة العربية فيما يواكب التطور، وتوظيف التكنولوجيا في خدمة اللغة العربية، فضلاً عن أهمية وضع آليات جديدة تضمن الحفاظ على اللغة ومنها وجود وثائق قومية متطورة، وتعليم النحو العربي بصورة مبسطة وغير جافة بعيداً عن القواعد المعقدة، لافتاً إلى أن وزارة التربية والتعليم اتخذت عدة خطوات في صدد الحفاظ على اللغة وتطويرها ومنها التخلص من فكرة تعددية الكتب ما بين "النصوص والأدب و البلاغة. وغيرها".
وطالب الدكتور التطاوي بإعادة النظر فيما يسمي "المجلس الأعلى للغة العربية"، لتوحيد الوثائق اللغوية، ولبقاء اللغة العربية في صورتها العصرية المتطورة السليمة، وأضاف مقترح بضرورة وجود شهادة الكفاءة اللغوية للغة العربية مع أي خريج جامعي بحيث تكون مطلب أساسي في مجال العمل في مختلف المهن، لأن مقررات اللغة العربية أصبحت غير متواجدة للطلبة في مختلف الجامعات غير المختصة بدراستها مما أدى لعدم الاهتمام بفنونها.
فيما قدمت الدكتورة إيمان السعيد؛ أستاذ العلوم اللغوية بكلية الألسن جامعة عين شمس، الشكر لمكتبة الإسكندرية بتخصيص ندوة حوار للشباب عن اللغة العربية، الأمر الذي يؤكد دورها الفعال كقلعة ثقافية راقية، وحضورها في الحياة الثقافية الذي يضيف قيمة للحوار، مضيفة أننا أصبحنا بحاجة جادة لعصرنة اللغة، موضحة أن مصطلح عصرنة اللغة يعني من المنظور الفكري اللغوي، محاولة تطوير البشر للمفاهيم والتصورات وإعادة فك التعبيرات الموجودة وإعادة تركيبها بحيث تتماشي مع العصر.
وأضافت أن اللغة ليست وسيلة للتواصل فحسب، ولكنها أيضاً أهم وسيلة للتأثير في العالم والوصول للمجتمع المحيط، وتلك الأمور لا تحدث في لغة لا تجدد دمائها، لافته إلى أن اللغة تعتبر سلطة يفعل بها الإنسان فعله بالبشر ولكنه كثيراً ما يستخدمها دون وعي بقوتها. ولفتت إلى أن الدراسات الحديثة ترصد تغيرات اللغة عبر العصور، وبرغم أن هناك مؤسسات تجتهد في حماية الضوابط اللغوية من الأخر، لكن ضوابطهم للأسف غير سليمة، مؤكدة أن مستخدمي اللغة العربية يخترقون قواعدها لأنهم لا يجدون مخرج للتواصل، ولهذا لابد أن تشارك المؤسسات الحديثة في صناعة معاجم حديثة للغة المعاصرة.
جدير بالذكر أن الندوة تضمنت ثلاث جلسات تم خلالهم مناقشة موضوعات" عصرنة اللغة، ومحاولات تجديد النحو"، في حين خصصت الجلسة الثالثة للاحتفاء بشاعر العربية فاروق شوشة.