بقلم:جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
الاخوة الصادقة والعلاقات التاريخية والإيمان بالمصير الواحد وإدراكا للدور الذي قامت وتقوم به مصر علي مدي التاريخ لخدمة أمتها العربية.. عبرت عنه المبادرة الكويتية لدعم ومساندة مصر في المجال السياحي استنادا لما تملكه من مقومات وما يمثله هذا النشاط من أهمية لاقتصادها الوطني. اختارت الدولة الشقيقة اليوم الخميس لبدء »مهرجان السلام» الذي تنظمه ويستمر ليومين في شرم الشيخ بهدف تشجيع السياح الكويتيين والخليجيين علي قضاء اجازتهم بهذه المدينة الرائعة الرابضة علي خليج العقبة. يشمل المهرجان معرضا لعرض بعض القطع العسكرية التي شاركت في حرب الكويت التي كانت مصر المحرك الأساسي لها. يتضمن هذا المهرجان عرض المنتجات الكويتية والمصرية. كما يشارك فيه عدد من الشخصيات الكويتية التي ستقلها إلي شرم الشيخ طائرتان خاصتان. تتم مراسم هذا المهرجان بمشاركة محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة.
في المؤتمر الصحفي الذي عقد للاعلان عن تفاصيل هذا المهرجان بحضور محافظ جنوب سيناء خالد فودة حرص السفير الكويتي محمد صالح الدويخ علي تقديم تعازيه لمصر في ضحايا حادث الكنيسة البطرسية. اشاد بروعة وجمال شرم الشيخ مدينة السلام داعيا الكويتيين وكل أبناء الخليج لزيارتها وقضاء اجازاتهم بها.
>>>
لا يمكن أن يأتي الحديث عن هذه المبادرة الكويتية دون الاشارة إلي دعوة خادم الحرمين الشريفين الراحل المغفور له جلالة الملك عبدالله ملك السعودية السابق تجاه مصر. في هذا الاطار دعا الاخوة السعوديين لزيارتها بعد ثورة ٣٠ يونيو واصدر تعليماته للخطوط الجوية السعودية بتسيير رحلات إلي شرم الشيخ. علي نفس المنوال كان موقف الشقيقة العزيزة دولة الامارات العربية وكذلك مملكة البحرين الذي بادر ملكها إلي قضاء اجازته في هذه المدينة التي كانت تستقبل ما يزيد علي خمسة ملايين سائح قبل انكسارها في أعقاب مؤامرة سقوط الطائرة الروسية.
ما أجمل الاخوة العربية في التزامها بالتواصل اثراء للمبادئ والقيم الاصيلة المتجردة من توجهات ضد المصالح القومية.. هذا النشاز الذي تتعرض له العلاقات العربية العربية حاليا.. تعود أسبابه إلي غياب التشاور وتبادل الرأي بعيدا عن أي مؤثرات قد تضر بمصر أو بالمصلحة العربية العليا.
إن أي متابعة لمسيرة العلاقات المصرية الكويتية سوف تؤكد دوام واستمرارية الالتزام بمتطلبات هذه الاخوة العربية علي مدي سنوات وسنوات متواصلة حتي قبل إعلان استقلال هذه الدولة الخليجية. اتسمت علاقتها بمصر وشقيقاتها بالرسوخ وعدم التأثر بأي أحداث. يشهد علي هذه العلاقة النموذجية موقف مصر الثابت والقوي من كل التهديدات التي تعرضت لها الكويت منذ استقلالها. كانت البداية في السبعينيات علي يد عبدالكريم القاسم رئيس العراق وقائد ثورتها ضد النظام الملكي حيث كان قد قام باطلاق تهديداته في نهاية الستينيات باحتلالها فور استقلالها.
في هذه الأزمة العربية تصدي الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي كان قد أيد الثورة العراقية لهذا التهديد وأعلن استعداده للدفاع عن استقلال وسيادة الكويت.
>>>
وفي عام ١٩٩٠ وإبان حكم صدام حسين تكرر نفس المشهد حيث حاول رئيس مصر الأسبق حسني مبارك منع عملية قيامه بغزو واحتلال الكويت ولكن جهوده باءت بالفشل. كان ذلك دافعا للدعوة إلي قمة عربية في القاهرة حيث تقرر فيها رفض العدوان الصدامي واتخاذ جميع الاجراءات لانهائه. كان موقف مصر واعلانها المشاركة بقواتها في تحرير الكويت بمثابة الضوء الأخضر للتدخل الدولي الذي كانت إحدي ركائزه وانتهي بانهاء الاحتلال العراقي للكويت ووقف استكمال مغامرة صدام الطائشة بالتقدم لاحتلال السعودية ودول الخليج.
هذه العلاقة بين البلدين الشقيقين القائمة علي المصارحة والاخلاص للمبادئ وقيم الاخوة العربية كانت دائما محورا للدعم وتقوية الروابط سواء من جانب الكويت أو مصر. تجلي ذلك في مواقف الكويت المساندة لمصر في كل المواقف وفي مقدمتها ما يتصل بها من احتياجات اقتصادية وبترولية. هذا التوجه الكويتي إن دل علي شيء فإنه يدل علي التزامها بتعظيم العلاقات العربية وتقديرها لكل ما قدمته مصر واعترافا بفضلها ودورها في الوقوف إلي جانب الدول العربية لتحقيق السيادة والتقدم والازدهار.