كتب :د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” ….. ورد لفظ قصر بصيغة المفرد في القران الكريم فى الآية 45 سورة الحج ” فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَٰهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍۢ مُّعَطَّلَةٍۢ وَقَصْرٍۢ مَّشِيدٍ” ومره بصيغة الجمع فى الآية 74 سورة الأعراف قوله تعالى “وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا“.
وفى دراسة للدكتور عمرو الشحات مدير شئون مناطق الوجه البحرى وسيناء تشير إلى أن مخططات القصور الإسلامية كانت متشابهة ,مسقطها مربع يحيط به سور تعلوه أبراج ركنية لها مدخل واحد يؤدى إلى فناء مكشوف تحيط به كل المرافق كالأروقة والمساكن والاصطبلات والسلالم والأحواض التى تحتل أحيانًا وسط الصحن وقد تميزت تلك الأبنية بالاتساع والرحبة وكانت نماذج للبناء المتين والزخارف الجميلة والذوق الرفيع مما جعلها مزار السياح والدارسين.
وكان لأسرة محمد على الرغبة المستمرة فى جعل مصر كأنها قطعة من أوروبا خاصة مدينة القاهرة والإسكندرية وقد حدثت طفرة فى العمارة فى القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلادي فى أساليب تشييد القصور فى مصر ويرجع ذلك لتأثر أسرة محمد على بطرز العمارة الأوروبية وفنونها حيث ادخلوا طرازًا جديدًا فى البناء اختلفت عن التى سادت فى مصر فى تلك الفترة.
يقع 69 شارع سيدى عقيل بمدينة سمنود بمحافظه الغربية فى المدخل الشمالى الغربى للمدينة وسجل كأثر بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء برقم 2698 لسنه 1998 بإسم “قصر على غنيم” ونشر القرار بجريده الوقائع المصرية – العدد (192)فى 26/8/1998.
وعن صاحب ومنشىء القصر استند الدكتور عمرو الشحات إلى صورة إعلام شرعى محررة من محكمه طنطا الابتدائية الشرعية فى 27/9/1952 أن هذا القصر سجل باسم السيدة فاطمة أحمد شنن (بنت أحمد افندى شنن من أعيان طنطا وأخوها محمد أفندى شنن الذى كان أمين مخازن الأحمدية بطنطا وأيضا بتاريخ 24 فبراير1912 بمحكمة الإسكندرية المختلطة طبقا لعقد مؤرخ فى 7 فبراير 1912.
وفاطمة شنن هى زوجة على سيد أحمد غنيم ابن الحاج أحمد يوسف غنيم من أعيان سمنود وشيد القصر بطرازه المعمارى الحالى حسب النظام المعماري المميز والذى شاع انتشاره فى نهاية القرنين التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلاديين.
التوصيف الأثرى
ويصف الدكتور عمرو الشحات القصر بأن مظهره الخارجى يشبه القلعة من حيث سمك الجدران وارتفاع الأسقف والمرافق المحيطة به والسور الخارجى حيث يحيط بالقصر سور من جميع الجهات كما يوجد بالسور من الناحيهة الشماليهة باب عرضه ثلاثة أمتار يفتح بواسطة مصراعين من الحديد كما يجاوره باب آخر من ضلفة واحدة من الحديد أيضا وكان هناك باب من الناحية الغربية من مصراعين من الخشب ولا وجود له الآن لإغلاقه نتيجة البناء خلفه .
وكان هناك باب آخر من الناحيهة الجنوبية لا وجود له الآن بسبب بناء حجرات حديثة ألحقت بالقصر .ويبلغ ارتفاع السور المحيط بالقصر حوالى 3م وأمّا المساحه من داخل القصر فتشمل حديقة تلتف حول جميع واجهات القصر و كالمعتاد فى بناء وطرز القصور فى تلك العصر تتقدم الحديقة دائما أمام الواجهة الرئيسة فى أغلب الأحيان ولكن فى قصر غنيم تتقدم الواجهة الشمالية وزودت الحديقة بنافورة من الرخام والتى تتكون من حوض المياه ورقبة النافورة وهى الآن منفصلة عن النافورة تماما وهناك بقايا من أشجار ونخيل الحديقة.
وتخطيط القصر مستطيل واجهاته الأربعة متساوية الأبعاد ويغلب عليه شكل السيمترية فى واجهاته وتعتبر الواجهة الشمالية هى الواجهة الرئيسية للقصر حيث تمتد بعرض 30م وارتفاع 15م زخرفت بطراز الروكوك والباروك تنقسم إلى ثلاثة أقسام من خلال مقصورة خشبية تبرز عن الواجهة حوالى ثلاثة أمتار وهى من الخسب المغشى بالزجاج الملون مكونة من وحدات خشبية هندسية متكاملة تحملها أعمدة المدخل.
والمدخل عبارة عن مساحة مستطيلة 7م طول 6م عرض يصعد إليه بدرجات سلم من الرخام تحيط به من جهاته الثلاث وتفضى إلى ردهة مستطيلة يتقدمها أعمدة من الرخام مكونة من قاعدة وبدن وتاج من الأعمده الدورية وتغطى أرضية المدخل بلاطات ملونة بأشكال زخرفية متناسقة ويغلب على الواجهة السيمترية من حيث شكل وحجم النوافذ وزخارف الباروك التى تعلوها وعند الواجهة اليمنى واليسرى زيادات عبارة عن سور يصل إلى سور القصر نفسه يتخللها فتحات أبواب تؤدى إلى المساحة التى تتقدم الواجهة الشرقية والغربية.
الواجهه الجنوبية
يوضح الدكتور عمرو الشحات أن الواجهة الجنوبية تمتد بعرض 19م وارتفاع 15م ولا تختلف عن الواجهة الرئيسية كثيرًا إلا فى المدخل الغائر الذى يتقدمه سبع درجات من الرخام تؤدى إلى ردهة مستطيلة ثم إلى باب خشبى من ضلفتين يؤدى إلى الصالة الثانية للدور الأول من القصر من الناحية الجنوبية ويعلو المدخل مقصورة الدور الثانى وهى تتكون من الخشب فتح بها ثلاث نوافذ خشبية أكبرها الوسطى وتكون وحدة هندسية متكاملة وتشبه نوع المشربيات التى كانت توجد فى المنازل العثمانية وكذلك تشتمل كل نافذة على إطار خشبى يحمل على برامق خشبية رائعة.
ويكتنف فتحة المدخل المستطيلة نوافذ مستطيلة نافذتين فى كل طابق يمينًا ويسارًا ويتوج كل نافذة منهم زخارف من الباروك والركوك كما يوجد فى طرفى كل نافذة كابولى كما يتوج هذه الواجهة الجنوبية من أعلى رفرف من الأجر يرتكز على مجموعة من كوابيل تحصر بينهما زخارف من الباروك والروكوك ويعلو ذلك دروة بسيطة يوجد فى الجزء الأوسط منها دائرة مستديرة.
الواجهة الشرقية
تمتد الواجهة الشرقية بطول 19م وارتفاع 15م ولاتختلف عن باقى واجهات القصر الأخرى حيث تنقسم إلى ثلاثة أجزاء من خلال بروز الجزء الأوسط بها والذى يوجد به السلم الصاعد من الداخل إلى باقى أدوار القصر العلوية كما نجد مدخل فرعى للواجهة وكان المفترض أنه سلم خاص بالخدم للدخول إلى القصر وبعيدًا عن المدخل الرئيسى للقصر المخصص لأهل القصر والزوار وأمّا بالنسبة للسسلم فى الواجهة الشرقية فهو عبارة عن عدة درجات صاعدة بدرجة انحدار موازية للواجهة وتؤدى إلى باب مستطيل وفى كل قسم من أقسام الواجهة وفى كل دور من أدواره توجد نوافذ مماثلة لبافى نوافذ القصر وهى نوافذ مستطيلة الشكل يعلوها زخرفة من زخارف بسيطة من الباروك ويكتنف كل دور من الأدور وكل قسم من الواجهة نافذتين متماثلتين.
ويتراوح سمك النافذه ما بين 75 ,80سم ويغلق عليها مصراعين من الزجاج من الداخل وضلفتين من الشيش من الخارج .
الواجهة الغربية
تمتد الواجهة الغربية بعرض 19م وارتفاع 15م ولا تختلف كثيرًا عن الواجهة الشرقية فهى مقسمة لثلاثة أقسام من خلال الجزء البارز فى المنتصف وهو ما يكتنف المدخل الموجود المؤدى إلى الدور الأول من خلال بعض درجات السلم ويفضى الى الصالة بالداخل ولكنه مغلق حاليا ويشتمل كل دور على نوافذ من نفس حجم ونوع نوافذ باقى الواجهات وتنتهى الواجهة برفرف خارجى محمول على روشن بارز كما فى الواجهة الرئيسية.
ويطالب الدكتور عمرو الشحات بترميم القصر وعرض الأمر على محافظ الغربية ووزير الثقافة لبحث إمكانية المساهمة فى ترميم القصر واستثماره فى الأنشطة الثقافية المختلفة تحت إشراف وزارة الآثار وتصوير الأعمال الدرامية به.