بقلم : محسن الصفار
عندما بلغ الخبر لسعيد بأنه سيكرم من قبل رئيس الجمهورية مع زمرة من المبدعين والفنانين على انجازاتهم كاد يطير من الفرحة فعلى الرغم من عشرات السنوات من الانتاج الادبي لم يتم تكريمه ولا حتى من بل مدير عام فما بالك برئيس الجمهورية شخصيا على سن ورمح كما يقال .
ومع كل كتبه ومؤلفاته فأن وضع سعيد المادي لم يكن ليحسد عليه ابدا فقد تثاقلت عليه الديون واصبح في حرج من عائلته واصدقاءه وحتى جيرانه ووجد في هذا التكريم الذي لابد وان يكون مصحوبا بجائزة مادية قيمة فرصة للتخلص او تخفيف ديونه القاتلة .
في اليوم الموعود استاجر بدلة راقية وذهب الى الحلاق وتعطر وذهب الى مكان التكريم وعندما وصل الى نقط التفتيش وجد امامه عدد من الفنانين والرياضيين واهل السياسة وكل واحد يصل الى رجل الامن يستقبله بعبارات مرحبة مع ابتسامة
اهلا يا سيدي شرفتنا
اهلا يا مدام نورتينا
اهلا بالبطل
وعندما وصل الى سعيد اختفت ابتسامته وقال
نعم ؟ تفضل اي خدمة ؟
اخرج سعيد بطاقة الدعوة وسلمها للرجل الي قرأها وقال بلا اكتراث :
حط اغراضك في الجهاز وقف بشكل معتدل كي افتشك جيدا
لم يستغرب سعيد هذا التعامل وقال في نفسه :
اذا كان المسؤولين عن الادب والثقافة لايحترمون الادباء فهل سنتوقع من رجال الامن احترامهم ؟
دخل الى الصالة وجلس في الكرسي المخصص له ووقف مع الحضور عندما دخل فخامة الرئيس وصفق الحاضرين له طويلا حتى كلت يداه وتعبت رجلاه ولكنه لم يجرؤ على الجلوس قبل الاخرين كي لايتهم بقلة الاحترام لمقام الرئاسة .
صعد الرئيس الى المنص وبدأ عريف الحفل ينادي على المكرمين واحدا واحدا وقال
السيدة فوفو سنافر الممثلة الاستعراضية القديرة تكرم بوسام وفيلا وجائزة 50 الف دولار تقديرا لانجازاتها في عالم الفن
ومن بعدها قال
السيد احمد رأسية لاعب كرة القدم المعروف بالصاعقة يكرم بوسام مع فيلا و مكافأة نقدية 50 الف دولار تقديرا لانجازاته في عالم الرياضة
فرح سعيد وقال :
فيلا وخمسين الف دولار الحمد لله يارب فرجت من اوسع ابوابها
وهكذا كان الرئيس يكرم كل واحد الذين يتم مناداتهم حتى وصل دور سعيد الي كاد قلبه يتوقف وهو يصعد الى المنصة واستمع الى عريف الحفل يقول :
السيد سعيد وحيد فريد يكرم بوسام مع بطاقة عضوية مدى الحياة في المكتبة الوطنية تكريما لانجازاته في مجال الادب والتاليف على ان يقام له تمثال نصفي بعد وفاته امام مدخل المكتبة
صدم سعيد وقال لا اراديا
وماذا عن الفيلا والخمسين الف دولار ؟
ابتسم الرئيس وقال
احنا حذفناهم لانه لايليق بأديب كبير ان يجزى على ادبه بالماديات ولذلك استعضنا عنها ببطاقة عضوية مدى الحياة في المكتبة الوطنية وتمثال لك بعد موتك جائزة معنوية يعني .
نزل سعيد من المنصة وخرج من الحفل والقى ببطاقة العضوية والوسام في سلة القمامة وتمتم قائلا مع نفسه :
المعنويات لا تدفع الفواتير ياسيدة الرئيس ياريتك اعتبرتني راقصة على الاقل وبدل تمثال بعد الموت اموال وانا على قيد الحياة
*هذه القصة خيالية ولا تمت لاي بلد عربي بصلة