ما الفرق بين (طوعت) و (سولت)؟
في قوله تعالي :
(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) المائدة) .
يقول اللغويون في تفسير طوّعت أنها (سوَّلت) ، وبهذا الشكل فـ(طوّعت) و (سوَّلت) كلمتان مترادفتان ، أي بمعنى واحد .
ونحن نعلم في لغة الجذور أنَّ الترادف غير وارد ، ولنا دليلنا .
في مكانٍ آخر في كتاب الله تعالى يقول جلَّ جلاله : (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا (18) يوسف) ..
فلماذا لم يقل ( بل طوَّعت لكم أنفسكم ) ما دام أنَّ (سوّلت) و ( طوَّعت) بمعنى واحد ؟؟؟
(سولت) معناها زينت له، يقال : سولت له نفسه أي زينت له الأمر، بينما يرى اللغويون أنَّ (طوّعت ) أشد ، المعنى نفسه لكنه أقوى وآكد .
نضرب مثلا :
نقول في العربية 🙁 الحديد يحتاج إلى تطويع) .
أي يحتاج إلى جهد حتى تطوِّعه، إنك حين تريد أن تطوِّع وحشاً من الوحوش أي تروِّضه وتؤهّله فإنك تحتاج لوقت طويل نسبيّاً حتى تجعله يطيعك، فالعملية فيها جهد ومبالغة في التطويع حتى تروِّضه وتلينه ..
تطويع المعادن يحتاج إلى جهد وكذلك الوحوش والطيور ، كلّها يحتاج تطويعها وتأهيلها ( ترويضها) إلى جهد ، وبذل وقت وعمل .
بينما (التسويل) لا يحتاج إلى مثل ذلك الجهد ..
إذن (سولت) أي زينت له نفسه، وهذا التسويل لا يحتاج إلى مزيد جهدٍ ، لذا قال الله تعالى في قصة ابني آدم لما قتل أحدهما الآخر : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) .
فهو كان يفكر هل يمكن أن يقدم على قتل أخيه فاحتاج وقتاً لترويض نفسه ليفعل هذا الفعل وهو ليس كالتسويل أو التزيين الذي يتمُّ بسهولة ، إذ أنّك تفعل الشيء وأنت مرتاح..
التطويع يحتاج إلى جهد حتى تروض نفسه وتهيّئ له الأمر.
وفي القرآن قال تعالى (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)طه)
في قصة السامري .. هنا فيه سهولة .. وهذه أسهل من أن يقتل الواحد أخاه .
والخلاصـــة :
لا يجوز في القرآن أن تأتي (طوعت) مكان (سولت) أو العكس ، وهو ما يدعم نظرية الأنزيم في لغة الجذور وهو ما أشرنا اليه في كتابنا ( الجذور) في جزئه الأول .
وفي النتيجة أقول إنَّ العمل سيكون، أي سيحصل ويتحقق سواء بعد التسويل أم التطويع ، لكنَّ واحداً أيسر من واحد …
سوّل وطوع بمعنى واحد لكن فعل (طوّع ) فيه شدّة وجهد وشغل أشد وأقوى ، بينما التسويل لا يحتاج إلى الجهد المبذول في فعل ( طوّع) ، يمتاز فعل ( سوَّل)
إذن باليسر والسهولة ، هذا والله أعلم ..