نيودلهي “المسلة” ….. قالت مجلة “جون افريك” الفرنسية المتخصصة في شئون القارة الأفريقية أن عدد الأفارقة الذين يتوجهون الى الهند بغرض العلاج في تزايد مستمر، مشيرة إلى أنه على الرغم من ارتفاع تكاليف العلاج هناك إلا أنها مازالت أقل بكثير منها مقارنة بالدول الأكثر تقدما..
تأشيرات علاجية
وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من العنصرية التي يعاني منها الأفارقة في الهند إلا أن عدد الذين يتوجهون إليها حاملين تأشيرات علاجية وصل إلى 134 ألف شخص في عام 2015 وذلك وفقا لتقديرات غرفتي التجارة والصناعة الهنديتين مسجلا بذلك ارتفاعا نسبته 140 % خلال عامين فقط..
وفي هذا الصدد أجرت المجلة مقابلة مع أحد الرعايا الأفارقة في الهند ويدعى جون ماري وهو متخصص في علم الاجتماع وقد أجرى مؤخرا جراحة زرع كلية في أحد مستشفيات نيودلهي .. وأكد أن مرض السكر وراثي في عائلته وأن أحد أشقائه توفي بسبب مضاعفات هذا المرض .. بعدها بدأت صحته تتدهور بشكل ملحوظ ونظرا لغياب الأطباء المتخصصين في الكونغو نصحه الأطباء بالسفر إلى الهند أو أوروبا.. وبالطبع وقع الاختيار على نيودلهي نظرا لانخفاض التكاليف بواقع عشرة أضعاف عنها في دول أوروبا.
أما عن هيدي كاسبر وهي باحثة بجامعة زيورخ السويسرية وتقيم في نيودلهي فقالت في هذا الشأن ان السياحة العلاجية في الهند تستقطب المرضى الذين ينتمون إلى طبقات أكثر تواضعا وذلك على عكس الأفكار الموروثة.. موضحة أن البعض يتوجهون الى نيودلهي لأنه ليست لديهم خيارات أخرى وأن معظمهم يعاني أمراضا خطيرة مثل السرطان ومشاكل في القلب والأعصاب وتقتضي في أغلب الأحوال عمليات نقل أعضاء..
طلاب
وأوضحت المجلة أنه منذ ظهور السياحة العلاجية في الهند منذ عام 2000 عمل عدد كبير من الطلبة الأفارقة الذين يجيدون اللغة الإنجليزية بالترجمة الأمر الذي ساهم في مساعدتهم بشكل كبير في الإنفاق على أنفسهم هناك، فبفضل مهاراتهم اللغوية يساعد هؤلاء الطلاب مستشفيات نيودلهي في استقطاب الزبائن حتى وصل الأمر ببعض المستشفيات إلى تعيين عدد من هؤلاء الطلاب.. مشيرة في الوقت ذاته إلى أن القطاع الصحي ليس منظما بما يكفي إلا أنه يعمل بشكل جيد.
وألمحت المجلة إلى أن الطلاب الذين يقومون بالترجمة يحصلون في بعض المستشفيات على 20 % من إجمالي المصاريف التي يدفعها المريض.. إذ أنهم يرافقونهم حتى في غرف العمليات ويقومون بشرح تفاصيل العملية وما يتطلبه الأمر بعدها من فترة علاج ونقاهة.. وأن بعضهم يتقاضى أجرا إضافيا إذا ما وافق على مرافقة المريض إلى المنزل.
غير أن المسئولين عن هذه المستشفيات فيبدون أكثر تحفظا فيما يتعلق بهؤلاء الطلاب العاملين بالترجمة مكتفين بالتأكيد على أن الأجانب وأغلبهم من الأفارقة الذين يأتون للعلاج – ويصل عددهم إلى 15 ألف شخص – يلقون الرعاية اللازمة لهم دون التطرق إلى تفاصيل أخرى، لكن الجانب السيئ يكمن في أن عددا من المترجمين يستغل جهل بعض المرضى باللغة الانجليزية وهو ما يجعلهم صيدا سهلا ويعرضهم لعمليات نصب.
اتفاق
وعلى صعيد متصل أكدت المجلة أن أغلب المستشفيات الخاصة في الهند تقوم حاليا بإبرام اتفاقات شراكة مع عدد من المستشفيات الخاصة والحكومية في أفريقيا.. فعلى سبيل المثال تستعد مستشفى ماكس لافتتاح فرع جديد لها في نيروبي إذ أن معظم المرضى يأتون اليها من شرق أفريقيا.
وأوضحت أن الزبائن يأتون إلى الهند من كل دول أفريقيا جنوب الصحراء وأن معظمهم يجيد الإنجليزية.. مشيرة إلى أن فريق عمل من مستشفى أبولو يضم عددا من الإداريين والأطباء يجوبون القارة الأفريقية كل أسبوع وأنه تمكن بالفعل من ابرام اتفاقات شراكة مع حكومات زامبيا وتانزانيا والكونغو وموزمبيق ومالي.. أما عن كينيا فتقوم الحكومة بتوفير النفقات اللازمة لنقل أي مريض غير قادر على تلقى العلاج اللازم بسبب ضعف الإمكانيات وقلة عدد المتخصصين إلى هناك..
دورات تدريبة
وتستقبل المستشفيات الهندية عددا من الأطباء الأفارقة لتلقى دورات تدريبة فعلى سبيل المثال يستقبل مستشفى /ماكس/ و/فورتس/ ما يقرب من 30 طبيبا سنويا علما بأن مصاريف الإقامة تبقي عبئا على عاتق الأطباء المستفيدين من هذه المنحة.. وفى هذا الصدد قال أحد الأطباء مفضلا عدم الكشف عن هويته إن صناعة السياحة العلاجية تعمل وكأنها منظمة تجارية أذ يتحمل هذا القطاع مبلغ 3 مليارات دولار من المنتظر أن يصل إلى 8 مليارات من الآن وحتى عام 2020.. وأن الهند التي تخصص 1،3 % من إجمالي الناتج القومي لنفقات القطاع الصحي تسعى إلى تثبيت أقدامها في هذا المجال.
وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن تلقى شخصيات أفريقية بارزة العلاج في مستشفيات الهند من الأمور التي تسهم في الترويج لهذه السياحة بشكل ملموس فعلى سبيل المثال استقبلت مستشفى ماكس كلا من رجل الأعمال النيجيري شيبو سليمان وصديقه ابو بكر الصديق محمد الذي كان يشغل منصب وزير السياحة في عهد الرئيس جودلاك جوناثان وقد بلغت تكاليف إقامتها 16 ألف دولار.
وكانت وزراه الخارجية الهندية قد أخذت على عاتقها مسئولية تقديم الدعم اللازم لما يقرب من 20 طبيبا أفريقيا أتوا لحضور دورات تدريبية في مستشفيات تابعة لمجموعة أبولو.. أما عن مجموعة فورتيس فإنها تتولى إدارة أربعة مستشفيات في نيجيريا واوغندا وموريس رؤساء مجالس إداراتها يحملون الجنسية الهندية.
وفى هذا الشأن أكد فيناياك شورى المدير التسويقي للمجموعة أن هذه المستشفيات تعمل على خطى /فورتس/ حتى أنه صار بإمكانها استغلال العلامة التجارية للمجموعة.