Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

عين دراهم الآلب التونسية تجتذب السياح

 

 

 

 

 

 

 

يمثل تساقط الثلوج بمدينة عين دراهم التونسية انتعاشة سياحية كبيرة، حيث لا تكاد تتوقف الرحلات المتوجهة إلى هناك من قبل السكان المحليين والأجانب على حد السواء رغم الصعوبات والنواقص المحيطة بالمنطقة التي تضاهي في جمالها الفريد منطقة الآلب بقلب أوروبا.

 

تونس ….  تقدم مدينة عين دراهم (شمال غرب تونس) من فوق قمم الجبال ووسط الغابات المكسوة بالثلوج، لزائريها صورا تخطف الألباب في فصل الشتاء.

 

ومع انطلاق ذروة موسم الشتاء تتكدس أكوام من الثلوج على جنبات الطريق الجبلي المتموّج والمؤدي إلى مدينة عين دراهم لتبدو من بعيد مدينة بيضاء، وهي أحد الألقاب اختصت بها عين دراهم.

 

ويعقد سكان المنطقة التي تبعد نحو 250 كيلومترا عن العاصمة والقريبة من الحدود الجزائرية غربا، مقارنات عفوية بين جمال المشاهد التي تحيط بمدينتهم والقرى الجبلية، والمنتجعات المنتشرة في منطقة الآلب بقلب أوروبا.

 

وتحافظ عين دراهم على قدر كبير من الميزات الطبيعية الفريدة. وأكثر ما يفاخر به السكان هنا الأقوال الخالدة التي ردّدها الشاعر التونسي الشهير أبوالقاسم الشابي عن مدينتهم الجبلية.

 

وفي وسط المدينة تنتصب اليوم لوحة صخرية ضخمة تحمل لافتة رخامية وقد نقشت عليها أجمل أبيات شعر أبوالقاسم “من يأبى ركوب الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر”، وسكان عين دراهم يقدّرون الحياة فوق الجبال التي تحيط بهم على صعوبتها.

 

وقال طارق المرزوقي، وهو حرفي من منطقة حكيم الجبلية القريبة ويأتي إلى عين دراهم مع تزايد حركة السياحة في فصل الشتاء، “تأتي الثلوج كل موسم شتاء. الناس تزور عين دراهم للاستمتاع بهذه المشاهد خاصة أنها تتزامن مع العطل المدرسية”.وأضاف “يأتي السياح الجزائريون بكثافة. نعوّل كثيرا على هذه الفترة الشتوية لمنح دفعة إلى السياحة في المنطقة”.

 

وتعتبر السياحة والفلاحة من أبرز الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في عين دراهم، لكنّ القطاعين لا يوفران مواطن الشغل لأعداد كبيرة من العاطلين من الشباب وكبار السن. ولهذا يستعد المرزوقي والآلاف من الحرفيين والتجار وباعة السلع التقليدية في الجهة، عادة مع نهاية نوفمبر وعلى امتداد ذروة فصل الشتاء، لتوافد السياح على النزل في الجهة، من أجل ترويج سلعهم. وتسمح هذه الفترة بتدارك حالة الركود في الموسم الصيفي.

 

وترتفع المدينة نحو ألف متر عن سطح البحر وتضم غاباتها مسالك صحية ورياضية، كما تتميز بانتشار واسع لشجر البلوط والصنوبر والفلين، ما يجعلها دائمة الخضرة على مدار العام.

 

تعاقب الحضارات

 

كانت عين دراهم تاريخيا من بين المناطق التي استحوذ عليها الإسبان في حملتهم على تونس منتصف القرن السادس عشر واستمر وجودهم لمدة أربعين عاما قبل دخول العثمانيين، وكان لهذا أثر على طبيعة المعمار في المدينة.

 

وخلال حقبة الاستعمار الفرنسي التي بدأت عام 1881 أصبحت عين دراهم مركزا لقاعدة عسكرية وإحدى المستوطنات المفضلة للفرنسيين. وتحولت تدريجيا إلى محطة سياحية متعددة الوظائف بدءا من العام 1930.

 

وعلاوة على كونها مقصدا رئيسيا للباحثين عن السكينة والهدوء بعيدا عن ضجيج العاصمة والمدن الكبرى، تنشط في عين دراهم السياحة الاستشفائية في قرية حمام بورقيبة، ذات المياه المعدنية والعلاجية، وهي ذات شهرة عالمية، إذ تحتل المرتبة الثانية بعد فرنسا في الاستشفاء بالمياه المعدنية والكبريتية.

 

وتحافظ عين دراهم حتى اليوم على خصائصها المعمارية القريبة من الريف الأوروبي، إذ أن أغلب أسقف البيوت في المدينة مصنوعة من الخشب، ومنها ما هي مصنوعة من القرميد الأحمر.

 

وعلى الرغم من خصائصها الطبيعية المذهلة فوق قمم الجبال، فإن عين دراهم تفتقد حتى اليوم إلى معابر هوائية (تليفريك). وهو أحد المطالب الرئيسية في المدينة منذ عقود طويلة.

 

تليفريك

 

ويعتقد المرزوقي أن تشييد معابر هوائية في عين دراهم وتعزيز الفنادق بها من شأنهما أن يحدثا ثورة ونقلة كبيرتين للسياحة في المنطقة ويجعلانها منافسة للمنتجعات الثلجية بسويسرا لأنها وجهة رخيصة للسياح.

 

وأرجع سيف الدين الشعلالي، مستشار بوزارة السياحة، غياب التليفريك في عين دراهم إلى غياب شريك من القطاع الخاص لتمويل جزء من المشروع.

 

وأوضح الشعلالي أن “الوزارة تدعم المشروع السياحي وهي تبحث عن شركاء في القطاع الخاص ولدى الأجانب لتمويل التليفريك بين مدينتي عين دراهم وطبرقة المجاورة لأنه سيحدث دون شك حركية كبرى في المنطقة”.

 

وتبرز الحاجة الملحة للتليفريك في عين دراهم مع صعوبات التنقل والترفيه التي تحدثها الثلوج الكثيفة في الطرق والمعابر الجبلية، وهو وضع سرعان ما يتحول إلى كابوس لأهالي المنطقة وحتى الزائرين.

 

وسجلت عين دراهم بالفعل رقما قياسيا في تونس من حيث سماكة الثلوج حيث وصل ارتفاعها إلى قرابة المترين عام 2005 وتسبب ذلك في طمر أجزاء كبيرة من شوارع المدينة والمنازل تحت الثلوج.

 

وباغتت الثلوج الكثيفة في مطلع 2017 زوار المدينة خلال العطلة بالإضافة إلى الآلاف من السياح الجزائريين، فقطعت الطرقات وسدت جميع المداخل إلى المدينة التي عزلت عن باقي المدن التونسية.

 

وقال قيس عمراني، وهو يعمل مدرس بالعاصمة لكنه يزور عائلته بانتظام في عين دراهم، “ستكون الحياة أفضل في عين دراهم لو ضخت الدولة المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية بالمدينة”. وأضاف عمراني “نملك كل مقومات القطب السياحي في شمال أفريقيا”.

 

نقلا عن العرب اللندنية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله