الاسكندرية “المسلة” …. صدر حديثًا عن مكتبة الاسكندرية كتاب “اليهود العرب في إسرائيل”، وهو من تأليف الأستاذ الدكتور عمر كامل- أستاذ العلوم السياسية بجامعة لابزيج الألمانية وترجمة الدكتورة شيرين القباني الباحثة الأكاديمية بمكتبة الإسكندرية. وقد صدر هذا الكتاب تزامنًا مع الاستعدادلانطلاق معرض الاسكندرية للكتاب، والذي تنظمه المكتبة سنويًا.
وقد صرح الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الاسكندرية أن هذا الكتاب قد بُني على رسالة للدكتوراه من معهد العلاقات الدولية التابع لقسم العلوم السياسية التابع لكلية العلوم الاجتماعية والفلسفية.ويهدف إلى تناول أمرين متداخلين، الأمر الأول هو معالجة إشكالية هجرة اليهود العرب كحملة لثقافة عربية إسلامية في مجتمع غلب على مؤسسيه الهوية اليهودية الأوروبية.
وفي هذه الإطار يستعرض الكتاب علاقة يهود الشرق الإسلامي مع يهود أوروبا المسيحية، ويأخذ بالبحث والتحليل كيفية جلبهم إلى إسرائيل من مصر والعراق وسوريا واليمن والمغرب على سبيل المثال، ومن ثم ينطلق الكتاب في دراسة سياسة استيعاب يهود البلاد العربية في مجتمع وإن كان يفاخر بيهوديته، إلا أنها يهودية ذات صبغة أوروبية، المنشأ والثقافة. أما الأمر الثاني الذي يهدف إليه هذا الكتاب؛ وهو أن دراسة تاريخ وثقافة أي مجتمع بشري، قد تنطلق من دراسة شخصية لها باع في هذا التاريخ، أو حدث له من التأثير في هذا المجتمع.
قراءة وفهم المركزية الإسرائيلية
أما في حالة اليهود العرب الذين كانوا بمثابة فريقًا مهمشًا من المجتمع الإسرائيلي، فلم يكن الهدف هو دراسة ظاهرة تهميش يهود بلدان العربية في إسرائيل، بل من أجل قراءة وفهم المركزية الإسرائيلية ممثلة في الهيمنة الصهيونية على اختلاف أوجه الحياة في الداخل الإسرائيلي، السياسي والديني والثقافي منها. وعليه فكما يرنو هذا الكتاب لرواية قصة يهود الشرق في إسرائيل، يقدم أيضًا رحلة استكشافية من البحث والتنقيب في ثنايا المجتمع السياسي والديني في الداخل الإسرائيلي.
ويشير الدكتور خالد عزب مدير قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الاسكندرية أن هذا الكتاب يفتح أمامنا المعالجة النظرية للمجتمع الإسرائيلي وتركيبة اليهود العرب في بنية هذا المجتمع من خلال استعراض الأفكار النظرية للمثقف الإيطالي أنطونيو جرامشي (1891-1937)، حول كيفية بناء وتشييد طبقة معينة لنظام هيمني يسعى للسيطرة على كيان الدولة والمجتمع.
دراسة العلاقة التاريخية
وكذلك يسعى المؤلف إلى دراسة العلاقة التاريخية بين يهود الشرق الإسلامي، أو كما أطلق عليهم “يهود الإسلام” في مواجهة اليهود الإشكناز، أو كما أطلق عليهم “يهود أوروبا المسيحية” ولم يأتِ استخدام هذه المصطلحات من باب الإعجاب بها أو كونها أسماء رنانة، قد تشد القارئة والقارئ، إنما لتعبر عن واقع تاريخي، انعكس في نشأة أسلوب حياة ديني يهودي تأثر ثقافيًّا ودينيًّا بأوروبا المسيحية، يعُرف بالمنهج الإشكنازي، ونمط حياة يهودي آخر، نشأ وترعرع في أحضان الثقافة العربية الإسلامية، وأخذ من عاداتها وتقاليدها كثير؛ بحيث يمكن لنا أن نقول إننا وعبر تاريخ اليهود من الشتات يمكننا أن نقول إن هناك يهوديتين، يهودية إسلامية، ويهودية أوروبومسيحية.
ويستطرد الدكتور خالد عزب موضحًا أنه قد تلا هذا الاستعراض التاريخي استعراضًا لأهم المصطلحات والأطر النظرية التي اتبعها الباحث، ولعل لأهما كان مصطلح الصهيونية التي نادى بها الصحفي النمساوي تيودور هرتزل (1860- 1904).
وبعد وفاة هرتزلغادر حاملولواء الأيديولوجية الصهيونيةالساحة الأوروبية عل ىشكل موجات هجرة متتالية ؛واستقر هؤلاء اليهود كمستعمرين جدد في فلسطين، حتى يؤسسواهنا كبلدًا أوروبيًّا، بلدًا كان يمثل بالنسبة لأوروبا جزءًا من الجدارالأوروبي الحضاري ضد ثقافة الشرق المتخلفة، بلدًايجب أن يشكل حاجزًاحضاريًّا ضد البربرية العربية.
ثم تلتقط الدكتورة شيرين القباني الباحثة الأكاديمية بمكتبة الاسكندرية ومترجمة الكتاب الحديث موضحة أن المؤلف يستعرض أيضًا الهيمنة الإشكنازية في إسرائيل انطلاقًا من المنهجية الجرامشية في كيفية بناء وتوطيد هيمنة فريق مجتمعي على آخر.
وذلك من خلال ثلاثة محاور؛ المحور الأول يلقي الضوء على الأب الروحي والمؤسس الحقيقي للهيمنة الإشكنازية للصهيونية ذات الصبغة الاشتراكية على مقدرات المجتمع الإسرائيلي، دافيد بنجوريون، وكيف تمحورت قوتها حول حزب ماباي، الذي ظل يحكم إسرائيل لأكثر من ثلاثة عقود متواصلة.
أما المحور الثاني فيتناول مفهوم الدولة الإسرائيلية التي تكونت بعد عام 1948 وعلاقتها المتداخلة بحزب ماباي،وكذلك تحليل وإيضاح الدور المحوري الذي لعبه المثقف الإسرائيلي في بناء الهيمنة الإشكنازية وتحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين.
طبيعة المجموعة المهيمنة
ويتركزالمحور الثالث حول طبيعة المجموعة المهيمنة، من هي، وكيف تكونت، ومن شارك فيها، أو بالأحرى كان له حق المشاركة فيها، والفرق التي عارضت الهيمنة الإشكنازية، من هي، ولِمَ عارضت الهيمنة، وكيف كانت صور معارضتها للهيمنة الإشكنازية.
ثم أبرز المؤلف نهاية الهيمنة الإشكنازية الصهيونية ذات التوجه اليساري الاشتراكي، وصعود نجم مناحيم بيجن بمساعدة اليهود الشرقيين. وأخيرًا يستعرض الكتاب حزب شاس الديني ودور الحاخام عوفاديا يوسف،ذلك الزعيمالكاريزماتيوالأب الروحي الفعلي لحزبشاس.