المسلة السياحية
بقلم : د.عبدالرحيم ريحان
لأول مرة يمر العالم بهذه التجربة القاسية بسلبياتها وإيجابياتها .. وبصفتنا جزء من هذا العالم نخوض هذه التجربة وتظهر فى هذه الأوقات مواطن الإبداع فى الفكر والعلم الذى يقاوم الكوارث بطرق مختلفة تظهر مواطن الضعف والقوة داخل كل بلد وبين أبناء البلد الواحد، وليس المقصود قوة اقتصادية أو تقدم تكنولوجى فقد كشفت هذه المحنة أن المقياس الأكبر هى إرادة الشعوب ليتحقق قول الشاعر أبو القاسم الشابى ( إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ) وفى مصر لأول مرة يتعرض الشعب للجلوس فى المنزل .
والسؤال كيف نستثمر الجلوس فى المنزل فى طاقة إيجابية ونوجزها فى عدة نقاط:-
1- فى خضم الحياة وصخبها كنا نعمل كالآلة لا نشعر بأى شئ حولنا لدرجة أننا أصبحنا ترسًا فى هذه الآلة الكبرى، فضاعت منا المعانى الجميلة وهى النواة الأولى فى بناء أى مجتمع وهى الأسرة التى أصبحت فى شتات ، ربما لا يتقابلون إلا عند النوم فافتقدت الأسرة أجمل مقوماتها وهى دفء المشاعر من خلال اللمة حول منضدة واحدة يتحدثون فى كل أمورهم ويعيدون حساباتهم فى كل شئ…
الأولاد يجلسون مع آبائهم ليحكوا مشاكلهم اليومية والتى ربما تكون بسيطة ولكن مع عدم تفرغ الوالدين تتفاقم لتصبح كارثة لأن البديل بالطبع هو صديق السوء أو صديقة السوء، بعد أن افتقد الدفء وافتقد الآذان الصاغية من أقرب الناس إليه وجاء الوقت ليعود هذا الدفء ويعلم كل فرد فى الأسرة أنه كم كان مخطئًا فى حق نفسه أولًا ، ومخطئًا فى حق والديه ثانيًا ويعيد حساباته ويأخذ من هذه التحربة سبيل لتكون الأسرة هى حضن الأمان دائمًا والملجأ الآمن والصدر الحنون لمجابهة أى مشاكل مهما كانت.
ولذلك فإن عودة الأسرة لتجتمع سويًا فى المنزل سيكون علاج للكثير من الأمراض الاجتماعية التى تفشت فى مصر ، وزادت حدتها خاصة بعد عام 2011 حين اختلت الموازين فى مصر ورغم عودة الأمور لنصابها لكن الخلل المجتمعى مستمر حتى الآن وحان الوقت لعلاجه .
2- فى معترك الحياة وسرعة جريانها غلب علينا الفكر المادى فى كل شئ وأصبح الجشع والطمع يحكم كل أمورنا على كل المستويات والطبقات فضاعت القيم الأصيلة ، ولنبدأ بأعلى المستويات ثقافة وهو مجتمع الجامعة والذى تشوبه الكثير من العيوب لا نستطيع الهروب منها حيث أصبح هم مدرس الجامعة هو النهم فى عمل أبحاث دون منهج عام مدروس لنوعية الأبحاث وما مدى خدمتها للمجتمع، وانتشرت السرقات بشكل كبير وتكرار الأبحاث لمجرد الترقية فقط دون اعتبار لأى قيمة أو قيم منظمة لذلك…
أمًا الأساتذة الكبار فأصبح همهم الأكبر هو الاستحواذ على كل شئ وحرمان الشباب من كل شئ ومحاربة المبدعين منهم وتصعيد من هم أقل فكرًا وإبداعًا لمناصب تخدم هؤلاء الأساتذة الكبار الذين لا يحق لهم المناصب لتجاوزهم السن القانونية بالطبع ، ولكنهم يستمرون فى ممارسة سلطاتهم عن طريق تلاميذهم ممن هم على شاكلتهم والسعى فى ترقيتهم مع عدم كفاءة أبحاثهم حيث تكون المجاملات هى الفيصل، ليستمر مسلسل محاربة المبدعين وانعكس هذا بالطبع على الطلاب الذين لا يكتفون بسرقة الأبحاث والرسائل كاملة، بل يقومون بوضع نفس المصادر والمراجع الذى استعان بها الآخرون وبذلوا مجهودات فى الحصول على المعلومات منها…
والأدهى من ذلك هو علم المشرف بذلك الذى يحرص على اختيار تلاميذه وأحباؤه لمناقشة الطالب اللص والذى يحصل على الرسالة العلمية المنقولة بالكامل بمصادرها من رسائل أخرى، ومن هذا المنطلق أصبح الطلاب أنفسهم يحرصون على كيفية الامتحان ونظام الامتحان وشكل الامتحان دون الحرص على المادة العلمية الحقيقية المفروض استيعابها لتؤهله فى التخصص الذى سيخرج منه للحياة..
وجاءت الفرصة الآن حين يجلس الجميع فى المنزل ليعيدوا حساباتهم بأن كل هذا قد ينتهى بفيروس لا يرى بالعين المجردة وتنتهى الحياة ولن يبق إلا العمل الحسن أو ما دون ذلك ، وأن الجميع محاسبون أمام الله وأن الدنيا لا أمان لها فكيف يكون المنصب الجامعى مهما بلغ له الأمان ، وأن السرقات العلمية تنشئ جيلًا من الخريجيين والأساتذة بلا قيم ولا قيمة فهو فيروس فتّاك تنتقل عدواه بأقصى سرعة وبذلك يصبح صاحب هذا الجرم مدان مدى الحياة بنشر الفساد فى المجتمع لقتله قيمة الإبداع فى البحث العلمى وإنشاء مدرسة يرتع فيها الجهلاء وتزداد أعدادهم .
3- الموظفون والوظائف الجكومية أصبح المعيار الحاكم لها قدرة الشخص وإبداعه فى نفاق رؤسائه ليصعد إلى أعلى المناصب على حساب المبدعين والمخلصين الحقيقيين الذين يؤمنون بأن نتائج أعمالهم وسيرتهم الذاتية وإنجازاتهم فى مجالاتهم هى المقياس للترقى ، ويفاجئون بأن هناك حسابات أخرى خارج منظومة هذه القيم فمنهم من يؤمن ويثق فى قدراته ويستمر يعمل بنفس الروح والإخلاص مؤمنًا بأن عطاؤه لن يضيع أدراج الرياح وأن التقدير يجده كل يوم فيما يقدمه من عطاء ورسالة علمية يستفيد منها الآخرون ليحصل على عدة أوسمة من كل محبيه كل يوم…
ومنهم من يتأثر ويشعر أنه ليس فى مركزه الذى يستحقه فيصاب بالإحباط فيقل إنتاجه وإبداعه وعطاؤه فينساه الآخرون ويخسر كل شئ، جاءت الفرصة الآن ليعيد الموظف رئيسًا أو مرؤوس حساباته ويعلم أن توسيع دائرة المنافقين والأفاقين للحصول على المناصب كارثة يتحمل نتائجها وحده ، وأن إبعاده للمبدعين المخلصين هى جريمة فى حق العمل وبالطبع لن يملك هؤلاء إلا الدعاء عليه، وبهذا فقد خسر كل شئ وليعلم أن هؤلاء الأفاقين هم أول من سيكسر وراءه القلل بعد خروجه من المنصب لأن هناك شخص جديد جدير بالنفاق.
وإلى المرؤسين أقول ثقوا فى قدراتكم واستمروا فى إبداعاتكم فالزمن أثبت أن الجهلاء هم الخاسرون دائمًا مهما حصلوا على أعلى مناصب ، وبمناسبة كسر القلل فقد كان أقرباء المتوفى فى مصر القديمة يحضرون لزيارته فى مقبرته ويأتون بأوانى معهم من الفخار فيها طعامهم وشرابهم وقبل أن يغادروا يكسروا هذه الأوانى فى المقبرة ولا يحملونها معهم ومن هنا جاء المثل إكسر وراه قلة لكل من استغل منصبه وتكبر على الآخرين وكان المنصب أكبر من قدره وقدراته كشخص فيعالج ضعفه بتكبره وجبروته على الآخرين وهذا من تكسر خلفه القلل،
ولكن هناك أشخاص يزيدون المنصب قيمة بقيمتهم فيتواضعون ويقدّرون قيمة المرؤسين كزملاء قبل كل شئ وهؤلاء سيتذكرهم الآخرون بكل خير وتستمر العلاقات الإنسانية لما بعد المنصب، والجلوس فى البيت هو إعادة للحسابات والخاسر من تمر عليه المحن بسلام ولا يوقن بأن الله يختبره وأنه ليس ببعيد عن المحن وأنها أقرب إليه من حبل الوريد وفى هذه المرة ستكون كل الفرص قد ضاعت .
4- التجار والصنايعية ونظام الفهلوة وبلف الزبون سيعلمون فى هذه المحنة أن تجارتهم قد تبور فى لحظات وأن السم الذى يضعه فى منتجه من اختيار مواد غير صالحة ، أو لحوم فاسدة أو منتجات أخرى فى كل ميدان غذائية أو غيرها هو سم قاتل للشخص نفسه الذى يخسر سمعته فيهرب منه الجميع، فإذا استطاع بلف شخص وغشه فى سلعة فمن الصعب غش المئات بعد أن تكون سمعته قد تلوثت …
والمطلوب من الدولة عودة مفتش الصحة ليراقب كل أنوع المأكولات وأن تكون له صلاحيات الضبطية القضائية وأن تكون هناك غرامات مالية كبرى تمثل ردع للتاجر الجشع ، والذى لا يضره إلا ماله والحرص على اكتنازه فحين شعوره بدفع مبلغ كبير نتيجة الغش فى سلعة سيمتنع بالطبع ، لأن هناك من لا يكترثون بالوازع الدينى فالقانون هو خير وسيلة للتعامل معهم ، وخاصة محلات غالبية الشعب المصرى من الفول والطعمية فى حاجة لمراقبة الزيوت المستخدمة وطرق إنضاج الفول والتى تدخل فيها مواد مسرطنة لسرعة الإنضاج لتوفير الوقود فى ظل انعدام الضمير ..
وهناك ضرورة لتنشط هيئات الرقابة على السلع وتقوم بمهامها الحقيقية لحماية صحة المواطنين، فإن الفيروسات القاتلة تنشأ من هذه السموم واللحوم الفاسدة والزيوت الفاسدة التى تدخل طعام الفقراء والأغنياء .
5- البقاء فى المنزل لا يعنى اننا نسعى لقتل الوقت فى توافه الأمور بل استغلال الوقت لإنجاز ما لم نستطع إنجازه فى الفترة الماضية ، فالعلماء يستمرون فى أبحاثهم بعد أن تأكد العالم كله أنهم هم المستقبل القادم وبمجهوداتهم ستنعم البشرية بالرخاء والصحة الجيدة …
وربات البيوت يبتكرون أكلات جديدة ويتعلمون أكلات أخرى تسعد أسرهم، والطلبة يستمرون فى مراجعة ما تم تحصيله خاصة مواد اللغات، اللغة العربية واللغات الأجنبية لتأسيس حصيلة من الكلمات ومعرفة القواعد وصياغات اللغة، والتوسع فى قراءات لموضوعات خارجية متنوعة بهذه اللغة لتزداد حصيلة التأسيس للغة ، وكذلك التوسع فى المعلومات المتخصصة فيما يدرسونه من خلال بنك المعرفة لزيادة الثقافة العامة فيما يدرسونه وفى كل أمور الحياة .
6- الكل يحاول أن ينمى قدراته فى تخصصه بحيث يخرج بحصيلة كبرى من المعارف والمهارات ربما لا يجد الوقت بعد عودة الحياة لطبيعتها فى وقت قريب إن شاء الله لإنجازها فالمبدأ هو استغلال الوقت وليس قتله فقد شبعنا قتلًا للوقت …
والآن شعرنا بأن العلم هو سبيل النجاة وكل شخص فى عمله عالم ومبدع مادام يتقن عمله ، فقد سمعت ذات مرة من الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمة الله عليه أن مساح أحذية أنعم الله عليه بمنصب كبير فحاول شخص ما تذكيره بماضيه وكأنه عار فقال له ” متنساش إنك كنت ماسح أحذية” فرد عليه قائلًا نعم وكنت أتقن عملى فالفخر ليس بنوعية العمل فكل عمل شريف هو قيمة فى حد ذاته .. ولكن الفخر فى إتقان ما تعمل وحان الوقت بحلوسنا فى المنزل أن نتعلم كيف نتقن كل ما نعمله ونرصد كشف حسابنا فى الأيام الماضية لنعلم ما لنا وما علينا، وفرج الله آت بإذن الله تعالى فاستبشروا خيرًا وأحسنوا الظن بالله يكن خيرًا بإذن الله .
7- لا تشغل نفسك كثيرًا بمتابعة أخبار الفيروس على مستوى العالم وتعيش فى جو يفرض عليك معايشة كاملة للمرض فتتوهمه فى أى لحظة واكتفى بتلقى تعليمات النظافة وتعليمات وزارة الصحة والجهات الرسمية الخاصة بالاحتياطات للوقاية من الفيروس .
8- احرص على استغلال وسائل التواصل الاجتماعى فى بث طاقة إيجابية لأصدقائك فهى تمثل نصف الطب الوقائى ،ولا تشارك فى أخبار كاذبة مغرضة تتناقلها مواقع معينة لبث الرعب فى قلوب الناس، وتحرى الدقة المتناهية فى المصدر الذى تنقل عنه خاصة لو كانت أخبار غير سارة واحرص بقدر الإمكان على زرع الطمأنينة من خلال وسائل التواصل الاجتماعى ونقل التعليمات الصحية وكيفية الوقاية من الفيروس فربما تشارك فى خبر يسبب وهم للآخرين وأمراض نفسية وعضوية أقوى من كورونا .
وفى هذا الصدد بدأت الدولة فى التحذير من تطبيق قانون العقوبات المادة رقم 80 (د) والتى تنص على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصرى أذاع عمدًا فى الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية فى للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأى طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية فى البلاد وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب .
وكذلك تطبيق المادة رقم 102 مكرر والتى تنص على يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيه ولا تجاوز مائتى جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة
وهذا بالطبع يعنى مراقبة كل وسائل التواصل الاجتماعى خاصة فى هذه الظروف الحرجة .
9- لا تستمع للفتاوى الدينية للجهلاء الذين يجدون ضالتهم فى هذه الأيام مستغلين ظروف إغلاق المساجد والكنائس، وهى ضرورة حتمية شرعية وإن طاعة أولى الأمر فى هذه الظروف طاعة واجبة لصالحك وللصالح العام وتلقى التعليمات الرسمية ونفذها بكل دقة ولا تحاول مخالفتها من أجلك ومن أجل من تحبهم .
10- العودة إلى الرومانسية والزمن الجميل حيث ضاعت كل المعانى الجميلة من حياتنا وافتقدنا قيمة الجمال فى كل معاملاتنا فى الألفاظ والتعبيرات الجميلة بيننا لدرجة أن العشاق حاليًا والأزواج لا يجدون تعبيرات راقية للحديث بينهم فتحولت الأحاديث لقاموس ألفاظ غريبة عن جمال مفردات لغتنا العربية الجميلة، ولم نفتقد قيمة الجمال فى الحديث فقط بل فى افتقاد عيوننا إلى البحث عن الجمال فى الطبيعة فى المكان المحيط بنا فى المنزل فى السيارة فى الطريق فى بانوراما شكل المنازل والمحلات…
الزهور أصبحنا نرى الزهور فى المناسبات فقط أو فى الواقع الافتراضى حين نرد على مجاملة أحد فى وسائل التواصل الاجتماعى وقد أسعدنى الحظ بالسفر إلى أسبانيا وأول ما لفت نظرى بها هى صفوف الزهور التى تزين الشرفات هناك، اللوحات الفنية التى تزين كل وسائل المواصلات وكل موقع تقع عينيك عليه، الأطفال فى سن العاشرة وما بعدها يرسمون لوحات فنون تشكيلية فى كل مكان ويبيعونها للسياح لدرجة أن أسبانيا كلها تحولت إلى بانوراما للجمال، ونحن فى بلاد الجمال لا نقدر قيمة الجمال حتى أجمل ما عندنا وهو نهر النيل أصبحنا لا نراه إلا من فوق الكبارى فتحولت ضفتيه إلى كتل خرسانية وحان الوقت لنزرع الجمال فى كل حياتنا ونعيد الحياة للقاهرة باريس الشرق وكذلك كل المدن المصرية .
11- وفى النهاية إذا خرجت من هذه المحنة والمنحة أيضًا سالمًا وندعوا المولى عز وجل أن يحمينا جميعًا وينجينا من كل مكروه فاعتبرها إنذار من السماء وفرصة ربما لا تتكرر فقد فتحت السماء لك أبوابها للتوبة فقد جاء فى الآية الكريمة كما جاء فى سورة التوبة آية 108 ” وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” فقد أتاح سبحانه وتعالى فرصة التوبة لهؤلاء الثلاثة حين تاب عليهم وفتح لهم أبوابها …
والفرصة ربما لا تتكرر فما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال ويباد كل يوم آلاف بفعل مخلوق أضف مما نتخيل وانظر إلى نفسك من أى فئة كنت فى الآيام السابقة ، أستاذ جامعة محتكر متسلط قاتل لإبداعات الشباب فانصفهم واعتذر لهم وساندهم وكن خير داعم لهم وإن كنت من سارقى أعمال الآخرين فعفى الله عما سلف وانصف من ظلمتهم بسرقة مجهودهم واعتمد على مجهودك فى أعمالك القادمة، وإن كنت موظفًا متجبرًا متكبرًا على الآخرين فتواضع وقيّم مرؤسيك على أساس اجتهادهم فى العمل وناتج أعمالهم وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب ولا ترك أذنك للآفاقين المنافقين فهؤلاء هم أول من سينقض عليك بعد خروجك من المنصب…
وإذا كنت تاجرًا تمارس الغش وتعتمد على بلف الآخرين بحجة أن التجارة فهلوة فعفى الله عما سلف وكن تاجرًا أمينًا يحبك الآخرون وتزداد تجارتك وأرباحك، وإن كنت ممن يسخرون من الآخرون ويتندرون عليهم لعيب ما لا دخل لهم فيه فاعلم أن الدنيا يوم لك ويوم عليك ولا تعلم ماذا تخبئ لك الأقدار ،وهكذا فى كل مناحى الحياة وفى كل المهن وداخل الأسرة نفسها وكيفية مراعاة رب الأسرة لأسرته وتوفير كل الاحتياجات المادية والنفسية والروحية لهم لنشر فضيلة العطاء بلا حدود من داخل الأسرة نفسها نواة المجتمع وهو العطاء المتبادل من الأب والأم والأبناء .
12- وأخيرًا فإن يد السماء قد امتدت للعباد لتؤكد لهم أن كل ما ابتكروه من تكنولوجيا وما حققوه من تقدم اقتصادى يقف الآن عاجزًا أمام فيروس أضعف مما يكون ، وأن ما وصل إليه العالم هو بمثابة صعود إلى الهاوية لافتقاده إلى القيم الروحية المستمدة من الأديان والكتب السماوية المقدسة التى جاءت ليس لهداية البشرية فقط بل لإصلاح كل أمور دنياهم لو فهموها الفهم الصحيح وعملوا بما جاء فيها .