المسلة السياحية
بقلم : أشرف الجداوي
عاشق الصوفية .. عَبْدَالمُنْعِمُ الْجَدَّاوِيُّ .. هذا الفيلم الوثائقي الذي ننشره اليوم في ذكري وفاة الوالد ” غيض من فيض ” رحمات المولى عز وجل يجود بها على الأب الأديب والكاتب الصحفي عَبْدَالمُنْعِمُ الْجَدَّاوِيُّ بعد رحليه بسنوات عدة ، وحسبي انها نفحات ربانية ” ليتذكره الناس وقراءه عشاق قلمه الرشيق ، والعبد لله منهم ويترحمون عليه ” .. مصداقا للحديث الشريف لرسولنا القائد محمد صلى الله عليه وسلم … إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدُ صالح يدعو له” رواه مسلم ..
المناسبة
مناسبة هذا الفيلم، كتيب لا تتعدى عدد صفحاته 23 صفحة من القطع الصغير ، خطه الأستاذ الجداوي بقلمه الرشيق في عام 1979، عقب وفاة كريمته الكبرى بعد معاناة مرضية قاسية رحمها الله بإذنه تعالي .. و لولا رحمة ربي كادت أن تصل به الصدمة النفسية لحافة الجنون ووالدتي أيضا حينئذ ، كان يبكي كالطفل في حضن والدته رحمها الله في قريتنا الصغيرة بمحافظة أسيوط ، ويصرخ ” في قلبي نار يا أماه دفنت بيدي بنتي العروس ” أمال ” في التراب نار نار يا أماه من يطفئ النار في قلبي ” ..
وغضون أيام قليلة يشرع الأب المكلوم في كتابة هذا الكتيب(اعترافات – كنت قبوريا ) عن عالم الصوفية بين منهج الدعوة الإسلامية الصحيحة والطقوس المبتدعة ، وبحبكة القاص المتمكن يسعي لتوضيح معنى الصوفية وما هي العلاقة بين توحيد الالوهية والصوفية؟ وهل بينهما علاقة عبودية أم شركيه ؟!
وقد ترك الأستاذ الجداوي هذا الكتيب .. الذي أوقفه لله سبحانه و تعالي منذ أن انتهى من كتابته يكون رحمة ونور تضئ لفلذة كبده قبرها التي احتسبها شهيدة المرض العضال عند الله سبحانه وتعالي .
يعترف ببساطة الكاتب والصحفي المخضرم ،كيف كان غارقاً في بحر الصوفية الدينية بكافة أشكالها وألوانها وطقوسها ، معتقداً كل الاعتقاد في بركات و معجزات الأولياء و العارفين بالله الأموات منهم والأحياء ، وكيف انتشله صديقه الدكتور الداعية السني ” جميل غازي ” رحمه الله بإذنه تعالي من ظلمات ” الصوفية ” هذا البحر اللجي ،وأعاد إليه الوعي الديني الصحيح ووضعه علي جادة الصواب و طريق التوحيد والسنة .
الإمام ابن باز
و يشاء العلي القدير أن يقع الكتيب بين يد الشيخ العالم العلامة الإمام ابن باز رحمه الله مفتي السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، وكان يشغل في ذلك الوقت رئاسة إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد والافتاء بالمملكة ، و يهاتف الوالد ويهنئه على الكتيب الرائع في سبيل الدعوة الصحيحة إلي الله ، وتوضيحه بعض الحقائق ببساطة ويسر على المتلقي حول الصوفية المبتدعة وطقوسها التي لا تليق بالطريق القويم لأهل السنة والجماعة وعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .
ويروي له الأستاذ الجداوي ملابسات كتابته للكتيب ، وكيف أن هذا الكتيب أخرجه من بعض آثار صدمة نفسية عصفته بقلبه وعقله بعد رحيل كريمته .. و أنه أوقفه لله كعمل خيري على روح فقيدته الشابة .
و سره سماحة الشيخ ابن باز بأن زف إليه الخبر السعيد وهو ان هذا الكتيب حاز إعجاب وقبول كبار العلماء بالهيئة ، وبالإجماع قرر مجلس كبار العلماء بالحصول علي موافقة الكاتب لطباعة الكتيب ونشره علي أوسع نطاق في العالم الإسلامي بكل اللغات الحية ما امكن ، و ليصل الي المسلمين في قارات العالم الخمس .
ملايين النسخ
وتم دعوته من قبل” الشيخ ابن باز ” لمقابلته في مقر الهيئة بمكة المكرمة في أقرب فرصة ، ليوقع معه إذن طباعة الكتيب على نفقة إدارة الدعوة و الإرشاد بأكثر من 20 لغة، وموافقته أيضا علي توزيعه سنوياً على ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة .. ضمن باقة الكتيبات الدينية التعليمية والإرشادية التي تطبع و توزع ملايين النسخ بالمجان على ضيوف الرحمن ” ..
ومصداقا لحديث الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ” انقطع عمل الكاتب الصحفي عَبْدَالمُنْعِمُ الْجَدَّاوِيُّ .. إلا من صدقة جارية وعلم ينتفع به ، و ولد صالح يدعو له” .. رحم الله من كتب و رحم الله من أوقفه لله ثوابا واجرا ، ومن قرروا طباعته ، والقائمين على هيئة الإرشاد والدعوة الإفتاء بالسعودية .
و اكتشفنا بطريق الصدفة ان شخصا ما ” نحسبه علي خير .. وجزاء الله خير الجزاء ” من المملكة يقوم بإعداد هذا الفيلم الوثائقي عن قصة الوالد والصوفية .. و صدق الله العظيم في محكم التنزيل ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ” رحم الله كل من شارك في تنفيذ هذا الفيلم و إخراجه الى حيز الوجود .
مقتطفات من كتيب اعترافات كنت قبوريا :
يقول الكاتب عَبْدَالمُنْعِمُ الْجَدَّاوِيُّ ..
(( إن الأولياء لا يدرك درجاتهم إلا من كان على درجتهم من الصفاء ، والشفافية ، وأنهم رجال أخلصوا لله .. فجعل لهم دون الناس ما خصهم به من آيات وأن …. وأن … وأن .. وانتظر الدكتور حتى انتهيت من هجومي .. وأحسست أنه لن يجد ما يقوله .. وإذا به يقول :
• هل تعتقد أن أي شيخ منهم كان أكرم على الله من رسوله ..؟ • قلت مذهولاً : لا ..
-إذاً كيف يمشي بعضهم على الماء … أو يطير في الهواء .. أو يقطف ثمـار الجنـة وهو على الأرض .. ورسول الله لم يفعل ذلك .. ؟
* لم أستطع أن أنزع من نفسي بقايا هذه المأساة ، ولم يكن من السهل أن أتغافل عن الخرافة التي تخرب أو تهدم كل يوم بل وكل لحظة عشرات النفوس والبيوت في عشيرتي ، و أبناء ديني .. وعلى امتداد الوطن الإسلامي كله .. ووجدتني أسأل نفسي لما ذا نحن الذين نعيش في الشرق الأوسط .. تمزقنا الخرافة وتجثم على صدر مجتمعنا الخزعبلات، فتمسك بنا وتوقفنا عن ممارسة الحضارة.. ؟
* ومع أن الغرب ، والمجتمع الأوروبي ليس خاليـاً من الخرافات ، وليس خالياً من الخزعبلات ،ومع ذلك فهم يعيشون في حضارة ويمارسونها . تدفع بهم ويدفعون بها دائماً إلى الأمام!
* الواقع أن خزعبلاتهم وخرافاتهم في مجموعها معادية للروح ..تدفع بهم إلى الانزلاق أكـثر من الماديات ، وهذا هو ما يتفق وحضارتهم !!
*أما هنا في الشرق .. فإن خرافاتنا معادية للعقل ، وللمادة معاً .. ! ولهذا كانت خرافاتنا هي المسئولة عن تدمير حياتنا في الحاضر والمستقبل.
*وليس هناك من سبيل لخروجنا من هذا المأزق الاجتماعي ، والحضاري سوى تنقية العقيدة مما ألصق بها وعلق بها من الشوائب التي ليست من الدين في شيء ..!
*فحينما يصبح (( التوحيد )) أسلوب حياة ، وثقافة ، وعقيدة … سوف تختفي من أفقنا وإلى الأبد .. هذه الغيوم .. غيوم الخرافات ، والدجل ، والشعوذة ، والكهانة التي لا تقوى .
↓↓↓
مرفق نسخة من الكتيب