.
بوابة السياحة العربية
بقلم : د. عبد الرحيم ريحان
©© أتذكر حين كنت أدرس الفنون والعمارة البيزنطية بجامعة أثينا كانت مصر لا تفارقني لحظة واحدة، فهي في ملامحي في أفكاري حيث كنت، أدخل وطني وحضارته في كل شيء مع أساتذتي بالجامعة وأقول لهم حضارتنا توصلت لهذا وأسوق لهم الأدلة .
حتى عرفت بين الجميع ليس بالمصري ولكن بالعاشق لمصر فكلما جاءت سيرة مصر يتم استدعائي، فأول مؤتمر أقيم بالجامعة دعوني لأتحدث عن آثار مصر، وكنا في رحلة جامعية وجئنا لمتحف للإسكندر الأكبر فقالوا المصري أفضل من يشرحه لنا .
سلام لبلدي
وكان من حسن حظى أنى أسكن بمنطقة كاليثيا ، و هي منطقة راقية قرب مطار أثينا .
وكنت أذهب كل يوم إلا في الأوقات المشغول جدا مثل أيام الامتحانات في وقت مغادرة طائرة مصر للطيران من أثينا إلى القاهرة .
وأجلس في حديقة بجوار المطار ، لأحمّل الطائرة وقت مغادرتها سلامى لبلدي المحبوب للغورية وخان الخليلي .
لمحلات الفول والطعمية والكشري للعمال البسطاء في طريقهم للعمل صباحًا.
للمرأة المصرية في أيام رمضان التي تخرج من عملها مسرعة لتعد الطعام لأسرتها .
ويتسابق بعض الرجال عديمي الشهامة لركوب الميكروباص قبلها حتى يذهب إلى بيته لينام قبل الإفطار .
وهى الأولى بالركوب لتصل لإعداد الطعام لأسرتها فهي حقًا المرأة المصرية التي تتحدى المستحيل .
كل هذا تحمله الطائرة مع مئات الركاب بأمتعتهم وتكون كلماتي خفيفة عليها لأنها صادقة من القلب لجناح الطائرة مباشرة ، ومنها تهبط إلى بلدي المحبوب .
لغز الثعابين المائية
وأنا أتأمل كل هذا استوقفتني معلومة تؤكد أن الحنين إلى الوطن فطرة حتى لمن لم يرى الوطن في حياته .
وقد وقف العلماء أمام لغز الثعابين المائية مسبحين بقدرة الله في خلقه.
حيث تهاجر الثعابين المائية عند اكتمال نموها من مختلف البرك والأنهار ..
فإذا كانت في أوروبا فإنها تقطع آلاف الكيلومترات في المحيط قاصدة الأعماق السحيقة جنوبي “برمودا” .
وهى منطقة مائية غرب الأطلنطي سميت بذلك لاختفاء مجموعة من الطائرات عندها وتأخذ شكل مثلت .
وفى برمودا “تبيض ثم تموت” ولنتوقف أمام هذه العبارة تبيض ثم تموت ، والسؤال فماذا يكون مصير صغارها؟!
وبهذه الإجابة ستطمئن تمامًا أنه إذا توفى عائل لأسرة فلا تقل ” سايبهم لمين ” .
فمن خلقه ورزقه منذ ميلاده حتى وفاته قادر على رزق من تركهم خلفه فالله بصير بعباده .
ونعود لصغار الثعابين المائية التي لا تملك وسيلة لتعرف أي شيء عن ماضي أمها ولا تعرف من أين جاءت ؟
ولكن فطرة الله الذى فطر الناس عليها تهدى هؤلاء الصغار فيعودوا إلى الشاطئ التي جاءت منه الأمهات ، ومنه إلى البرك والأنهار والبحيرات التي كانت تعيش فيها الأمهات .
فهي العودة إلى الوطن فيصبح كل جزء من المياه مملوء بصغار الثعابين المائية التي قاومت التيارات القوية وغالبت الأمواج مدفوعة بقانون خفى ، وهى الفطرة التي فطرها الله عليها .