بوابة السياحة العربية
بقلم : أشرف الجداوي
©©بالأمس ودعت صديقي العزيز علي قلبي” فيصل الزيادي ” احد نبلاء السياحة المصرية وسفيرها في اليونان وتركيا ، بعد معاناة استمرت لأكثر من 5 سنوات مع المرض والابتلاء والصبر علي رحيل رفيقة العمر وشريكة رحلة كفاحه ونجاحه وام اولاده يرحمها الله باذنه تعالي ، وليلحق بها في جنات الخلد ان شاء الله تعالي .
ولمن لا يعرف هذا ” النبيل ” ابن قطاع السياحة المصرية فقد فاته الكثير ، لم يعرف بحق احد أهم حراس القطاع السياحي الحكومى الذي كان يطلق عليه هيئة القطاع العام السياحي ، وكانت تتبع وزارة السياحة او فيما بعد الشركة القابضة للسياحة والاسكان والسينما بعد ما تم ضمها لوزارة قطاع الأعمال التي تم استحدثها في تسعينيات القرن الفائت ، وتولي قيادتها حينئذ الدكتورعاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء فيما بعد …..
عندما عرفته بحكم عملي كصحفي متخصص في ملف السياحة والطيران في مجلة” المصور” العريقة التابعة لمؤسسة دار الهلال الصحفية و ترددى علي هيئة القطاع العام السياحي لمتابعة أخبارها و ما أكثرها في ذلك الوقت ، اذ كانت تمتلك أهم وأكبر محفظة فندقية بطول مصر وعرضها في حينه شمالا من الأسكندرية وجنوبا حتى أسوان ، وشرقا في سيناء الغالية بقسميها ، وغربا في مرسي مطروح …
فنادق مصر التاريخية والفنادق الكبري وباكورة القري السياحية في السياحة المصرية ” مجاويش بالغردقة وغزالة بشرم الشيخ ” وكان ” الزيادي ” احد مفتشي شركة ايجوث وهى أكبر شركات قطاع الأعمال السياحي ، والتي كانت تستأثر بملكية أهم وأكبر فنادق مصر من ميناهاوس وماريوت الزمالك وشيراتون القاهرة و سان سيتفانو بالاسكندرية و كتراكت بأسوان و ونتر بالاس بالاقصر ، وفنادق أخري عديدة متنوعة المستويات النجمية هنا وهناك ..
كان” الزيادى “ مفتش مالي واداري علي بعض تلك الفنادق وعرف بطهارة اليد واللسان و لا يحيد عن الحق في شئون عمله دقيق ، و جاد ولا يثنيه عن جادة الحق كائنا ما كان عن كتابة تقاريره بدقة عن تلك الفنادق واداء شركات الادارة العالمية او المحلية ، أجادت أم فشلت في ادارة المكان يكتبه تقريره بكل شفافية وأجره علي الله ..
ولا يقبل علي الاطلاق المداهنة او الاعذار في حقوق الشركة المالكة ” ايجوث ” لانها تمثل الدولة المصرية وأبنائها ، ومن ثم لا يمكن ان يتهاون في حق مصر والمصريين .. وان الامانة تكليف من الله سبحانه وتعالي يسأل عنها يوم الحساب .
&&&&&&&&&&
ولان الرجال يعرفون بالحق ولايعرف الحق بالرجال ، استطيع ان اشهد اليوم وأقسم غير حانث بعد ما غيب الموت صديقي الفارس النبيل ” فيصل الزيادي ” رجل حق لم يهادن ولم يمالئ في يوم من الأيام خلال فترة عمله تلك والتي امتدت لاكثر من 30 عاما بايجوث من أجل ترقية او درجة وظيفية ، اتسم بالنزاهة و الاخلاص وخاض معارك شرسة في مكافحته للفساد في منظومة قطاع الأعمال السياحي الحكومي ” وما أدراك عزيزي القارئ لهذه السطور” فساد وأفساد تلك الحقبة من تاريخ مصر الحديث ” فساد يشيب له الوالدان شيبا” .
وكانت كلمة السر حينها ” لواء الخصخصة ” ألا لعنة الله علي من ابتدعها في الاقتصاد ومن اطلقها في مصر كالنار المستعرة لاتبقي ولا تذر ، وكم من شركات وفنادق بيعت بالبخس تحت شعار التطوير والتحديث في تلك الحقبة ، ولعل صديقنا المشترك الصحفي الكبير ” علي القماش ” متعه الله بالصحة ، والذي خاض معنا تلك المعارك عبر جريدة ” الشعب ” المعارضة ، وقام بتوثيق تفاصيلها الدقيقة والمستندات الدالة علي الفساد الممهنج في كتاب ونشر في حينه للتاريخ وللأجيال القادمة من أبناء الوطن .
وكان المثير والعجيب في ان واحد ان رؤساء الشركة القابضة الذين توالوا على رئاسة الشركة في ذلك الوقت كان لديهم يقين ان ” الزيادي ” هو من وراء تلك الحملات الصحفية في كافة الصحف والمجلات ولكن أين الدليل علي ذلك غير موجود مجرد سراب..؟!
وقاموا بتجنيد العديد من الموظفين من زملاءه لمتابعته علي مدار الساعة ، علهم يعرفون او يجدوا دليلا واحدا علي تسريباته ومن ثم يصبح الاتهام في حقه جريمة متكاملة الأركان ألا انهم فشلوا في كافة مؤامرتهم .
واستعرت المؤمرات حول الفارس النبيل بعد ما نجح في كشف قصة شركة الاهرام للمشروبات ” البيرة ” وقامت الدنيا ولم تقعد في الحكومة المصرية بسببها ،وما تم ومن تجاوزت فيها بالمخالفة الصريحة لكل قواعد الاختيار الفنية والمالية وحمي وطيس الموقف وازداد سخونة بعد ما تلقف القضية احد أعضاء مجلس الشعب في ذلك الوقت وتم اجراء استجواب رسمي وطلب احاطة لوزير قطاع الأعمال ورئيس القابضة للسياحة واجبروا للذهاب للمجلس لتوضيح القصة وما وراءها وكما يقول العرب ” أن وراء الاكمة ما وراءها ، وشغلت القضية الرأي العام المصري فترة كبيرة .
و من ثم كان يتم تخطيه عمدا في الترقيات و المكافأت من بين زملاءه ، ولكن هذا لا يثنيه عن عزيمته واصراره ومبدأه علي المضي قدما في مواجهة الباطل و أعلاء كلمة الحق في وجه الفساد والمفسدين ، لتطهير القابضة للاسكان والسياحة والسينما وشركاتها من عبث العابثين ولا عجب فهم كثر !
&&&&&&&&&&
كان يستحق عن جدارة ان يتولي رئاسة شركة من شركات قطاع الأعمال السياحي وتزكيه ألاجهزة الرقابية دائما وابدا ، ولكن أصحاب الشمال الراسخين في كراسيهم الأزلية حينذاك يتجاوزنه دون ابداء أسباب معلومة ، و يطل” الزيادي ” علينا في المقهى الاعتيادي بجوار سكنه بمدينة نصر للشلة ببسمته الصافية واثقا من نفسه ومؤكدا لنا ان الله لا يضيع أجر من أحسن عمله ، ومن ثم فهو في انتظار مكافأة السماء علي تصديه للفساد و أذنابه في القابضة للاسكان والسياحة والسينما .
ولم ينتظر صديقي كثيرا فقد جاءته المكافأة كما تمنى علي الله سبحانه وتعالي عندما تم اختياره عن جدارة ليكون مستشارا للسياحة المصرية في دولتى اليونان و تركيا ، فترة السنوات الأربعة الأخيرة قبيل خروجه للتقاعد ، وجد في عمله كشاب يملؤه الحماس والنشاط يصل الليل بالنهار في عطاء غزير ونية صافية للترويج السياحي لبلده ومعشوقته الأولي والأخيرة ، ليصبح سفيرا استثنائيا للسياحة المصرية بشهادات سفراء مصر في اليونان وأيضا تركيا .
وتصل التقارير الرسمية من تلك البلدان حول هذا المستشار السياحي الاستثنائي الدؤوب الذي نجح في تحقيق ما لم يستطع أخر في هذا المنصب تحقيقه من رواج وجذب للحركة السياحية من اليونان وتركيا .. وشهد له ان ذاك وزير السياحة ورئيس هيئة التنشيط السياحي باستحقاقه كسفيرا من واقع القفزة الهائلة في اعداد السياح من السوقين الي مصر و تحسين صورة وسمعة مصر السياحية ، وكونه وجهة مشرفة للسياحة المصرية أينما حل …
ان صديقي العزيز “فيصل الزيادي” والذي انعيه اليوم ” انما انعي مفهوم الرجولة الخالصة في زمن عزت فيه تلك المعاني ، فهو كما وصفته في البداية ” فارس نبيل ” لا يخشي في قول الحق لومة لائم ، وسيظل اسمه يلمع كنجم في سماء السياحة المصرية ، يندر ان يجود الزمان بصديق لنا مثله مرة أخري .. افتقدك يا خال ولا اقول وداعا … وعلي وعد باللقاء في الحياة الأخري …