بوابة السياحة العربية
تقرير ثقافي
©© تعد مدينة طرطوس القديمة واحدة من أهم المدن الأثرية في سوريا، والتي تحتفظ بطراز معماري مميز يعكس التنوع الثقافي والتاريخي للمدينة. تمتاز المدينة بتاريخ طويل وحافل يعكس تعاقب الحضارات المختلفة عليها، من الفينيقية إلى البيزنطية والإسلامية، مما جعلها جوهرة أثرية محمية ومسجلة على لائحة التراث الوطني©©
الهوية الفريدة للمدينة والمجتمع البحري
مجتمع مدينة طرطوس القديمة يتميز بارتباطه الوثيق بالبحر، سواء من خلال حرفة الصيد أو عبر ممارسات ثقافية تعكس هذا الارتباط. سكان المدينة يعيشون مجموعة من القيم الثقافية الموروثة، حيث يتسمون بالبساطة والطيبة، مع تمسكهم بالعادات والتقاليد المتوارثة جيلاً بعد جيل.
المعمار الفريد والكاتدرائية العريقة
من أبرز المعالم في المدينة القديمة كاتدرائية سيدة طرطوس، التي تعتبر أول كنيسة مكرسة باسم السيدة العذراء في الشرق. هذه الكاتدرائية ذات الطراز المعماري الفرنجي الذي يعود للقرن الثالث عشر، والتي تحولت لاحقاً إلى جامع ثم إلى متحف. بالإضافة إلى ذلك، توجد قلعة فرسان الهيكل، التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1183 ميلادي، وتعد إحدى أبرز القلاع الشرقية التي تعكس الهندسة العسكرية في تلك الحقبة.
تاريخ عريق وحضارات متعاقبة
تاريخ طرطوس القديمة يعكس تعاقب الحضارات العظيمة على المدينة. في فترة الفينيقيين، كانت طرطوس ميناءً بحرياً هاماً لمملكة أرواد، واستمر هذا الدور الحيوي خلال الفترة اليونانية والرومانية. مع قدوم المسيحية في القرون الميلادية الأولى، أصبحت كنيسة انترادوس مكرسة للسيدة العذراء. في الفتح الإسلامي عام 638 ميلادي، أصبحت طرطوس جزءًا من الحضارة العربية والإسلامية.
التحديات العمرانية وتأثيرها على المدينة القديمة
رغم التطور العمراني الذي شهدته مدينة طرطوس الحديثة، إلا أن هذا التطور أثر سلبًا على جزء كبير من المدينة القديمة. ظهرت أبنية جديدة وصلت إلى حدود المدينة القديمة، مما أدى إلى تدمير بعض المعالم الأثرية. ومع ذلك، ما زالت المدينة تحتفظ بطابعها الخاص الذي يعكس تاريخها العريق من خلال الأزقة الضيقة والأسواق القديمة.
الاحتلالات العسكرية وتحرير طرطوس
خضعت طرطوس لسيطرة الفرنجة عام 1099 ميلادي، وشهدت المدينة فترة من الازدهار الاقتصادي. لكن في عام 1188، تمكن صلاح الدين الأيوبي من تحرير أرواد وحاصر طرطوس، إلا أن الأسوار الداخلية للمدينة صمدت حتى تحريرها نهائياً على يد الأشرف خليل بن قلاوون في عام 1291.
المكانة الحالية واعترافها كتراث وطني
اليوم، تعتبر مدينة طرطوس القديمة واحدة من أهم المدن الأثرية المسجلة على لائحة التراث الوطني في سوريا. تقع المدينة على مائدة صخرية تطل على البحر الأبيض المتوسط، وتبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن جزيرة أرواد. لا تزال تحتفظ بأوابدها الأثرية وطرازها المعماري الفريد، ما يجعلها وجهة هامة للسياح والمهتمين بالتراث.
المستقبل والحفاظ على الهوية
رغم التحديات التي تواجه مدينة طرطوس القديمة من جراء التوسع العمراني وتدمير بعض معالمها الأثرية، إلا أن الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الجوهرة التاريخية لا تزال مستمرة. إن حماية التراث الثقافي والمعماري للمدينة يعد مسؤولية كبيرة تتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي. كما أن تسليط الضوء على هوية المدينة القديمة وتراثها البحري سيبقى من أهم عوامل تعزيز مكانتها كوجهة سياحية وثقافية بارزة.
السياحة الثقافية
في المستقبل، يمكن لطرطوس القديمة أن تعزز دورها ليس فقط كمدينة أثرية، بل كمركز حيوي يجمع بين التاريخ والحضارة والابتكار. إن الاستثمار في ترميم المعالم الأثرية والحفاظ على الطابع المعماري للمدينة، إلى جانب تعزيز السياحة الثقافية، سيساهم بشكل كبير في حماية هذه المدينة وإبرازها كأحد أهم المواقع التاريخية في المنطقة.
المصدر : بتصرف من وكالة سانا للأخبار
الصور ل سانا
#طرطوس_القديمة #التراث_السوري #المدن_الأثرية #تاريخ_طرطوس #الثقافة_المعمارية #سوريا_القديمة #التراث_العالمي