تونس تبحث عن حصة في كعكة السياحة الروسية
تونس ….. يبدو أن الأزمة الروسية التركية ستكون قارب النجاة للسياحة التونسية المكلومة بفعل الضربات الإرهابية المتتالية التي تلقاها القطاع على امتداد الأشهر الأخيرة.
ومن المنتظر أن يتجه وفد رسمي تقوده وزيرة السياحة سلمى اللومي إلى العاصمة موسكو منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري من أجل استكمال المشاورات مع الحكومة الروسية وكبريات شركات الرحلات والسفر لإقناعها بتحويل جزء من الرحلات السياحية التي كانت مبرمجة نحو تركيا ومصر إلى تونس.
وسعت وزارة السياحة منذ شهر أغسطس/آب الماضي لإقناع البنك المركزي التونسي بقبول سداد الخدمات السياحية من السوق الروسية بالروبل، بهدف تنشيط السياحة الوافدة من روسيا.
وأفاد المسؤول الإعلامي بوزارة السياحة سيف الشعلالي، بأن المساعي التي بذلتها وزارة السياحة لإقناع المصرف المركزي بقبول الروبل الروسي تقدمت بشكل كبير، مشيرا إلى أن الزيارة القادمة لوزيرة السياحة إلى موسكو ستتوج الجهود المبذولة سابقا، وسيتم خلالها وضع اللمسات الأخيرة لاستكمال الإجراءات المتعلقة بتسهيل تعاملات كبريات شركات السفر الروسية مع السوق التونسية.
وأبرز الشعلالي في تصريح لـ “العربي الجديد”، أن وزارة السياحة تراقب باستمرار حركة السياح في العالم، مشيرا إلى أن “الأزمة الروسية التركية قدمت للسوق التونسية هدية ثمينة لا يجب التفريط فيها”.
وأضاف أنه يتعين على المهنيين اقتناص مثل هذه الفرص والاستفادة منها لإنعاش القطاع السياحي الذي شهد تراجعا فاق 40% في عدد الحجوزات منذ بداية العام الحالي.
ويعتبر الشعلالي أن تحويل جزء من حصة السوق التركية من السياح الروس المقدرة بأكثر من 4 ملايين سائح نحو تونس سيحقق نقلة نوعية في الموسم السياحي الحالي ويخفف من وطأة معاناة القطاع عموما، لافتا إلى أن السوق الروسية مهمة جدا في الحركة السياحية العالمية وأن أكبر الوجهات تتنافس عليها.
ويعوّل مهنيو السياحة على الزيارة المرتقبة للوفد الوزاري إلى موسكو من أجل إبرام عقود سياحية تشعل من جديد أنوار الفنادق والمنتجعات السياحية التي تذهب بخطى متسارعة نحو الإقفال وتسريح العمال.
وبلغ عدد الفنادق التي أغلقت أبوابها منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي نحو 70 فندقا في المحافظات الساحلية، فيما يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 200 فندق في محافظات الجنوب التي تعيش سياحتها وضعا كارثيا.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد السياح الروس الوافدين إلى تونس بلغ هذا العام نحو 80 ألف سائح، فيما قدر عدد الوافدين من السوق الروسية سنة 2014 بنحو 260 ألف سائح.
وتمكنت تونس مؤخرا، من إقناع وكيل أسفار روسي من تحويل السياح المتواجدين في مصر ممن قرروا قطع عطلتهم إثر إسقاط الطائرة الروسية، لقضاء بقية العطلة في تونس.
وتعد روسيا سوقا واعدة للسياحة التونسية، بخاصة إذا ما تمكنت الحكومة من رفع العقبات أمام شركات السفر التي تشترط جملة من التسهيلات، بما في ذلك سداد الخدمات بالروبل، وفق مصادر في وزارة السياحة.
وكان منظمو رحلات سياحية من السوق الروسية قد ذكروا مؤخرا، أن انخفاض سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأميركي، يقلل من فرص زيادة معدلات السياحة الروسية في مختلف الدول التي يفضلها الروس.
ووقّعت تونس مع روسيا، العام الماضي، اتفاقية حول التعاون في مجال السياحة، كما تم إعداد برنامج تموله الحكومة الروسية لتحفيز 2.5 مليون متقاعد في موسكو على السفر إلى تونس للسياحة والترفيه، في انتظار تعميم المشروع ليشمل باقي متقاعدي المدن الروسية، والمقدر عددهم بعشرات الملايين.
وتأثرت السياحة التونسية بحالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، الذي شهدته البلاد على مدار الأعوام الأربعة الماضية.
وتعتبر السياحة أحد أعمدة الاقتصاد، إذ تشغل 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.
ولجأت الحكومة التونسية إلى آليات ترويجية جديدة لجذب السياح وإبرام اتفاقات مع دول كانت لا تعول عليها كثيرا في السنوات السابقة، حيث كانت تستهدف السياحة الأوروبية بشكل أساسي.
وأعلن المصرف المركزي التونسي أن واردات السياحة في تونس تراجعت خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري 2015 بنسبة 33.4% وأن عدد السياح انخفض بنسبة 33.9% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي 2014.
وقال المركزي في بيان صحافي أول من أمس الثلاثاء: “سجلت المداخيل السياحية تراجعاً حاداً بنسبة 33.4 في المئة حتى نهاية تشرين الأول الماضي (نوفمبر) مقارنة بمستواها قبل سنة، لتبلغ 2.087 مليار دينار (مليار دولار)”.
وأضاف: أن أهم مؤشرات القطاع السياحي تواصل الانكماش خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015، بخاصة فيما يتعلق بالعدد الإجمالي للسياح.
وأكدت منظمة السياحة العالمية في تقرير حديث أن القطاع السياحي أصبح المصدر الأول للعملات الأجنبية لحوالى 38% من دول العالم، كما أبرز التقرير ذاته أن القطاع أصبح يحقق أداء أفضل على مستوى الصادرات والاستثمارات في مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى.