أزمة السياحة.. الحكومة ماذا فعلت؟ والبنوك ماذا قدمت؟
بقلم : مصطفى النجار
نتابع اليوم ما يدور فى إطار الأزمة الأكبر فى تاريخ السياحة المصرية.. فقد عرضنا الأسبوع الماضى لحجم الأزمة ومأساة كل مقاصد مصر السياحية وخاصة فى شرم الشيخ والأقصر وأسوان وحتى الغردقة فقد تأثرت هى الأخرى بشدة.. وبات الأمر واضحا للعيان أن فنادق كثيرة أغلقت أبوابها ونسبة الأشغال تدنت بشكل مذهل وأن كثيرا من العاملين عادوا فى إجازات إلى بيوتهم فى مختلف محافظات مصر.. لكن الأخطر هو الاستمرار فى عدم وجود حجوزات جديدة إلى مصر.. وتحول الطيران الشارتر إلى دول أخري. ومن الصعب الحديث عن تغير الموقف فى رأينا قبل أن يتغير الموقف السياسى فى روسيا وانجلترا تحديدا ويتم السماح بعودة الطيران وذلك فى ضوء ما تقوم به مصر الآن من تشديد وتطوير الإجراءات الأمنية فى المطارات ومعها بالطبع الإعلان عن النتائج النهائية للتحقيق فى حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء.
> ومع كل الاحترام والتقدير لما تقوم به مختلف الجهات فى الدولة من تشجيع للسياحة الداخلية والمبادرات العديدة فى هذا الاتجاه إلا أن الأمر يبقى فى إطار محدد وهو أنها كلها محاولات لتظل أنوار مقاصدنا السياحية وشوارعها مضيئة لأن السياحة الداخلية فى النهاية سياحة موسمية ولا تضيف عملة صعبة للدولة ومن الصعب على قطاع السياحة الاعتماد عليها.
وإذا كانت وزارة السياحة تحاول حاليا التحرك فى أسواق محددة مثل السوق العربية وأوروبا الشرقية وربما بعض الأسواق البعيدة مثل الصين فإن الموقف مرتبط تماما بضرورة وجود طيران من هذه الأسواق خاصة الطيران الشارتر.. واعتقد أن هشام زعزوع وزير السياحة يبذل جهودا كبيرة جدا مع وزارة الطيران المدنى ورجال القطاع السياحى لتوفير هذا الطيران.. وأعلم تحديدا أن هناك أحد رجال الأعمال الكبار يخطط لتشغيل طائرات شارتر من أوروبا الشرقية فهى أسواق واعدة وتصدر سياحة بأرقام كبيرة إلى تركيا .. أن فتح مثل هذه الأسواق لتنويع مصادر السياحة يشكل مهمة وطنية فى هذه المرحلة.
> وبشكل واضح فإننى أستطيع أن أرصد اليوم بعضا مما قدمته الحكومة لقطاع السياحة فى أزمته حتى يتعرف القطاع على ما يحدث ويواصل تعاونه سواء مع الحكومة بشكل عام أو وزارتى السياحة والطيران وقطاع البنوك بشكل محدد.
فقد قرر مجلس الوزراء تأجيل مديونيات قطاع السياحة لدى الجهات الحكومية مثل التأمينات والمياه والكهرباء والغاز لمدة 6 شهور دون أى فوائد أو غرامات ثم تقسيطها بدون فوائد على 24 شهرا.
> وفى إطار التنسيق بين وزارتى السياحة والطيران تم الاتفاق بينهما على إعطاء دفعة للطيران الخاص بالتنسيق مع مصر للطيران لتعويض الانخفاض فى حجم الحركة السياحية الوافدة إلى مصر وذلك بالاتجاه إلى نقاط خارجية محددة وتحفيز الشركات المصرية على تسيير رحلات منتظمة من هذه النقاط خاصة من أوروبا الشرقية وبعض الدول العربية إلى مختلف مقاصد مصر السياحية.
> ومن الإجراءات المهمة لمواجهة الأزمة ما قامت به الأجهزة المعنية من تقديم تسهيلات فى إجراءات منح التأشيرات لدول المغرب العربى (تونس ـ الجزائر ـ المغرب) وذلك بتخفيض عدد الفوج السياحى من 5 أشخاص إلى شخصين على أن يتم منح التأشيرات من سفاراتنا بهذه الدول ويتم إثبات اسم الوكيل السياحى أو المنشأة السياحية.. وكذلك تمت الموافقة على منح رعايا دول (الهند ـ باكستان ـ أندونيسيا ـ الفلبين ـ سيريلانكا) القادمين إلى مصر من دول الخليج بغرض السياحة تأشيرات دخول اضطرارية بمواني الوصول المختلفة بشرط حملهم إقامة سارية بالدولة المقيمين بها لمدة لا تقل عن 6 أشهر.. كما تمت فى مجال التأشيرات أيضا الموافقة على مد فترة تأشيرة الترانزيت إلى 48 ساعة بدلا من 24 ساعة بميناء الوصول وذلك لدعم الحركة السياحية.
> وفى مجال تشديد الإجراءات الأمنية فى المطارات وتزويدها بالأجهزة الحديثة فأنه تجرى حاليا تفاهمات مع أكبر شركات عالمية للاتفاق مع إحدى هذه الشركات للاستفادة بخبراتها وتدريبها للعاملين فى المطارات المصرية بحيث تطمئن شركات السياحة العالمية وكذلك الدول المصدرة للسياحة إلى مصر إلى جدية إجراءات التأمين و أنها لا تقل عن الإجراءات المتبعة فى مطارات أوروبا الكبري.
> تبقى الإشارة إلى ما قدمه قطاع البنوك لقطاع السياحة من دعم لعبور الأزمة حيث تقرر تأجيل سداد أقساط القروض وفوائدها لمدة عام مع دراسة كل حالة على حدة .. وكذلك تأجيل سداد فوائد القروض التى حصل عليها العاملون بالقطاع السياحى لمدة 6 أشهر.
> وتعليقا على ما قدمته البنوك لقطاع السياحة وما أثير من ضرورة أن تكون القروض لمدد أطول تلقينا الرسالة التالية من السيد عماد عزيز أحد كبار المستثمرين السياحيين فى شرم الشيخ والتى يوضح فيها عددا من النقاط وهي:
أن أقصى مدة للقروض بالبنوك للمشاريع والشركات بصفة عامة تتراوح ما بين 5 إلى 7 سنوات وهو المتعارف عليه بالمدة طويلة الأجل.
أما عن القروض العقارية التى تمتد من 10 إلى 25 سنة فهذه تمنح لشراء وحدات سكنية ذات قيمة صغيرة مقارنة بالمشروعات الكبيرة، ويتم تمويلها عادة من صناديق مالية مختلفة مثل صناديق المعاشات وخلافه. فمن المخاطرة بأن تقيد البنوك لمدة أكثر من 7 سنوات لأنه يؤثر تأثيرا مباشرا على السيولة النقدية للبنوك، وليس من مصلحة المستثمر أن يقيد نفسه لمدة أكثر من 7 سنوات.. ولكن تكمن المشكلة كما يقول عماد عزيز فى أن البنوك تطلب سداد مبلغ القرض بالكامل فى نهاية المدة وهى ما بين 5 إلى 7 سنوات، مع العلم بأن المتعارف عليه والمعمول به خارجيا أن تكون أول سنة أو سنتين يتم تسديد فوائدها فقط وباقى المدة يتم سداد جزء من القرض وليس القرض بالكامل.
وفى نهاية المدة تتم إعادة التمويل أى منح قرض جديد، حيث انه فى حالة مثل حالات الفنادق فى نهاية المدة لا يزال المشروع قائما بذاته وممتدا إلى مالا نهاية.
أما المشكلة الكبرى والتى تواجه أصحاب الفنادق فهى ارتفاع أسعار الفوائد على القروض بالجنيه المصرى وعامة مما يتسبب فى مشاكل كثيرة وبالتالى الركود الاقتصادي.. ومن المهم تأكيد أهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر فذلك هو الذى سيدعم سعر الجنيه والاقتصاد المصرى كله .. وشكرا.
> لقد أردنا بما قدمناه اليوم من عرض لقرارات الحكومة والبنوك أن يتعرف الجميع خاصة رجال السياحة على هذه القرارات للاستفادة بها حتى يعبر قطاع السياحة أزمته.. ونحن على ثقة فى أن مصر قادرة على تخطى هذه الأزمة ـ بإذن الله ـ بكثير من العمل والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.