قيادة أكبر طائرة في العالم.. متعة على الأرض
دبي " المسلة " … الطيران حلم يراود الإنسان منذ قديم الزمان، ومع التقدم التكنولوجي الحديث أتيح للمرء اقتحام عُباب السماء والتحليق من خلال الطائرات والمناطيد، بل والوصول إلى الفضاء والقمر والكواكب الأخرى بالصواريخ والمسبارات وغيرها. واليوم يمكن أن تعيش أجواءً أكثر متعة وتشويقاً، ويمكن أن تتحول من مجرد راكب للطائرة، إلى قائدها، تطير حول البلدان المختلفة، وتشق سماءها في تجربة ومغامرة ترفيهية وتعليمية في نفس الوقت، تقودك لعالم جديد، وأنت على الأرض.
«السميليتور» أو جهاز المحاكاة، تجربة جديدة اكتشفناها بأنفسنا من داخل أكبر مركز تسوق تجاري في العالم، فبمجرد الدخول إلى «دبي مول» وتحديداً بالقرب من حلبة التزلج الموجودة داخله وبالقرب من مدخل منطقة «ذا فيليدج»، يتيح لك الجهاز قيادة أكبر طائرة في العالم من طراز «إيرباص A380».
تجربة محاكاة حقيقية للطيران وكأنك بالفعل تقود طائرة وتتحكم بكل شيء بنفسك، استحدثتها شركة «طيران الإمارات» الشركة الأكبر والأهم في الدولة، منذ مدة واختارت «دبي مول» وبمجرد الدخول للجهاز تشعر وكأنك بالفعل داخل كبينة القيادة، وهي الثانية في العالم بعد الموجودة في لندن بنفس الشكل والتي لاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً.
البداية تكون بالحجز المسبق عبر الموقع الإلكتروني من خلال المتجر الرسمي لشركة الإمارات للطيران، وتحديد اليوم والساعة، ويمكنك أيضاً الحجز عند الوصول لمكان الجهاز ولكنك لن تتمتع ببعض المميزات أهمها الحصول على خصم 15% من الهدايا التذكارية المباعة بالمتجر الموجود إلى جوار الجهاز داخل مركز تسوق «دبي مول».
بعد الحجز، يتعين عليك الوصول قبل وقت الرحلة بنحو 15 دقيقة، لتجهيز نفسك لتلك المغامرة الرائعة والتي تستوقف العديد من الأشخاص أمامها للتعرف إليها وما يدور بداخل هذا الجهاز الخيالي بحسب الموجودين. وبمجرد أن يحين الوقت للدخول يجب أن تتهيأ تماماً وتكون جاهزاً لبعض الإرشادات من الكابتن أو قائد الطائرة الذي يدربك ويعطيك بعض الدروس الخاصة بالطيران وتعريفك بأزرار التحكم الكثيرة الموجودة أمامك لمدة لا تتجاوز ربع الساعة بعيدة تماماً عن زمن الرحلة المخصص لك.
بعد الوقت المخصص لتعلم القيادة ومعرفة كل ما هو موجود بلوحة التحكم، تبدأ الطائرة في الإقلاع وإلى جوارك «الكابتن» للمساعدة وإرشادك لطريقة الإقلاع، لتستقر بعدها في الجو بشكل مستقيم، ويطلب الكابتن آنذاك أن تحضر لعملية الهبوط بشكل صحيح، وبهذا يكون الشخص أصبح جاهزاً للإقلاع والهبوط والسير في السماء دون عناء، وهنا ينتهي دور الكابتن تماماً لتبدأ أنت في تجربتك بنفسك لقيادة أكبر طائرة في العالم «إيرباص A380».
تستطيع الآن بعد المرور بكل هذه المراحل، أن تقود الجهاز وتقلع به مع أحد الأصدقاء، ليكون مساعد الطيار، ويعرّفك إلى الارتفاع والسرعة المطلوبة وتحديد الاتجاهات والسير بشكل صحيح في مسار الرحلة، الذي تحدده قبل الإقلاع، ومن ثم تعيش لحظة الهبوط والإقلاع والطيران في سماء الدولة التي تختارها وجهة لك، إذ تتيح التجربة 12 مطاراً عالمياً للهبوط والطيران منها، وفي الأغلب يختار الركاب بلدهم كوجهة لهم، لتجربة الطيران في سمائها.
تحدثنا إلى كاسيا غبريال أو «الكابتن»، كما يُلقبه الركاب، وهو المسؤول عن شرح وتعليم من يريدون تجربة «السميليتور» وتزويدهم بكل متطلبات الرحلة، وماذا عليهم فعله. يقول: «من الأساسيات قبل الإقلاع أو الهبوط، الجلوس مع الشخص وإعلامه بكل ما تتطلبه الرحلة، وبالفعل هذا الشرح هو ما درسناه من قبل في كلية الإمارات للطيران، فالجهاز لا تقوم فكرته فقط على الترفيه أو اللعب مثل باقي الأجهزة، وليس مقتصراً على الأطفال بل من الصعب أن يتفهم الصغار بعض الأشياء لأنها بالفعل تجربة طيران حقيقية ويتعلم منها الشخص أشياءً ولو بسيطة عن الطيران وطبيعة عمل قائد الطائرة ومساعده، إلى جانب أنه أيضاً معرفة بعض الأشياء بلوحة تحكم الطائرة والتي يراها البعض أنها معقدة إلا أنك بمجرد تجريب الجهاز يتضح لك أنها عادية جداً وسهلة بعض الشيء».
ويضيف غبريال: «يجب أن أعرف من الكابتن الجديد أو القائد الذي سيقود الطائرة طلباته، من الظروف الجوية التي يريدها خلال الرحلة، سواء كانت ممطرة أو حارة أو بها غبار، وأيضاً موعده المفضل في الإقلاع صباحاً أم مساءً، وبعض الأشياء الأخرى أهمها الوجهة التي يريد الهبوط فيها خصوصاً وأنه سيكون الكابتن وأنا مساعده في أول إقلاع وهبوط مع الشرح أثناء القيادة».
وبسؤاله عن كيفية عمل كل هذا وطبيعة النظام الذي يقوم عليه جهاز المحاكاة يقول: «معي جهاز التحكم أضبط من خلاله كل شيء عند وصول من يريد التجربة، وتدوين كل ما يريدونه في رحلتهم ومن ثم أبرمج الجهاز على الإقلاع وبمجرد الاستقرار في الهواء واستعدادنا للهبوط أعود مرة أخرى لبرمجة الجهاز على الهبوط وهكذا، فالعديد من التحكمات الفنية يكون من خلال هذا الجهاز».
وعن نوعية الأشخاص الذين يزورون المكان وأكثر ما لفت انتباهه فيهم، يقول غبريال: «الجنسيات غير محددة فنجد المواطن وكل جنسيات الأجانب، لكن أكثر ما يلفت الانتباه هو أنني أرى دائماً العديد من الطيارين الحقيقيين هم من يأتون إلى الجهاز ومعهم عائلاتهم، وآخرهم كان أحد الطيارين في طيران الإمارات وأراد أن يخبر زوجته بطبيعة عمله وماذا يفعل إلى جانب تعليمها أيضاً، وأن تعيش معه مغامرة الطيران وكأنها إلى جواره في الكبينة، إلى جانب أيضاً العديد من الطيارين، فكثيراً ما رأيت طيارين ومعهم أولادهم وعائلتهم بالكامل لتجربة تلك المغامرة على أكبر طائرة في العالم، خصوصاً أن جهاز المحاكاة يجعلك تعيش بالفعل وكأنك في الهواء وتمر ببعض لحظات الخوف أثناء الإقلاع والهبوط خصوصاً لو شعرت أنك أخطأت في شيء وأنت في الهواء».
وبالتحدث مع أحد الأشخاص الذين عاشوا متعة القيادة، اتضح أنه بريطاني اسمه توماس، ويعمل بطاقم طياري طيران الإمارات، يقول: «بالفعل إنها تجربة فريدة من نوعها خصوصاً لي، فشعرت للحظات كثيرة بأنني قائد لطائرة حقيقية خصوصاً وكل شيء خاص بأجهزة التحكم وكل زر موجود في الجهاز هنا موجود أيضاً على الطائرة الحقيقية، حتى الطرق وشكل الطائرة لحظة الهبوط أو الإقلاع مشابهة تماماً، وأكدت هذا بالفعل لزوجتي أثناء القيادة بل وجعلتها هي الأخرى تقود وعلمتها شخصياً كل المراحل من الإقلاع، والاستقرار في الجو وحتى الوصول إلى الواجهة المختارة والهبوط».
ويضيف: «أرادت زوجتي أن تعلم طبيعة عملي خصوصاً وأنها لم تصاحبني ولو لمرة واحدة أثناء الطيران، وبالتالي لا تعلم ماذا يحدث وكيف يقود كابتن الطائرة وما هي المتطلبات، إلى أن سنحت لنا الفرصة هنا داخل دبي مول لتجربة الموضوع، وهي المرة الرابعة لي، لأن زوجتي أحبته كثيراً وتريد من حين لآخر تجربته، وسبق أن جربناه في لندن منذ عام ونصف العام».
الصيني يوهان سونج، الذي كان موجوداً في زيارة سياحية لدبي مع وفد كبير من بلده، قرر أن يخوص التجربة بنفسه، واشترى التذكرة الخاصة به وجهز نفسه تماماً لخوض تلك المغامرة. يؤكد أثناء قيادته أنه تعلم الكثير من تلك التجربة. ويضيف: «هناك العديد من الأشياء بعيدة عن الجانب التقني والفني في القيادة لم أكن أعلمها وكنت أعتقدها مجرد أنوار وإضاءات ليس أكثر، إلا أنني تعلمت أنها مهمة جداً مثلما عرفت من كابتن جهاز المحاكاة. وتعلمت كيفية الهبوط والإقلاع، وكان تجربة ممتعة بكل ما يحمله المعنى، وسأنقلها لأصدقائي الذين أتوا معي إلى دبي لتجربتها، ولكل أصدقائي الآخرين عند العودة إلى الصين وبعد انتهاء الإجازة».
تامر رشوان، مصري، يتحدث عن تجربته في جهاز المحاكاة، قائلاً: «اندهشت جداً من هذا الجهاز وقررت أن أخوض تلك التجربة خصوصاً مع الأصوات التي كنت أسمعها من بعض الموجودين في الداخل، فشعرت بأن الموضوع يستحق التجربة، خصوصاً بعد أن علمت مدى الاستفادة من التجربة في تعلم أسس الطيران. لكنني أرى أنه يجب إطالة مدة الرحلة لساعة على الأقل».
ويضيف: «المرة المقبلة حين أزور المول سيكون أول شيء أفكر فيه أنا والأولاد هو تجربة هذا الجهاز والذي يختلف كثيراً عن شبيهه في كيدزانيا، إذ أعتقد أن الفرق شاسع خصوصاً أن كيدزانيا لا تعتمد على أي شيء وتعتبر أداة ترفيهية فقط ولعبة للأطفال».
أما الأردني ياسر بوزيد، والذي يتردد على «دبي مول» كثيراً بحكم عمله، يقول: «جربت جهاز المحاكاة مرة من قبل مع أصدقائي، وسعدوا جدا بالفكرة، وشاهدنا معالم دولتهم القريبة من المطار الذي هبطنا فيه بإيطاليا وأكدوا لي أن تلك المعالم مثلها مثل الحقيقة وانبهرت كثيراً من الموضوع وأتمنى أن أجربه مرة أخرى».
ويضيف: «اخترنا أن نقلع من مطار دبي متجهين إلى مطار عمّان في الأردن لنرى معالم دولتي قبل أن يزورها، وبعد الهبوط الأول في عمّان أردنا أن نقلع ثانية متجهين إلى مطار ميلانو بإيطاليا وقبل عملية الهبوط أخبرني أصدقائي بمعالم دولتهم التي ظهرت لنا وأكدوا أنها قريبة من الحقيقة بنسبة 95% على الأقل».
الخليج