تونس.. الإرهاب يشل السياحة ومرافقها
تونس …. محلات مغلقة وممرات مقفرة تلك هي حالة سوق الصناعات التقليدية بضاحية سيدي بوسعيد السياحية، بعد أن غاب عنها روادها من السياح الأوربيين بعد هجوم سوسة ومن قبله هجوم متحف باردو الدامي.
عبد اللطيف، صاحب محل لبيع الهدايا والتحف التذكارية وجدناه مجتمعا مع مجموعة من جيرانه الحرفيين يتباحثون إمكانية غلق محلاتهم مؤقتا لضغط التكاليف ويتبادلون المعلومات حول فرضيات قدوم حافلات سياحية تعيد الحركة لتجارتهم الراكدة.
مكان لركن السيارات كان يصعب أن تجد فيه مكانا شاغرا، يقول عبد اللطيف مازحا إنه يمكن استغلاله اليوم للعب الكرة أمام غياب السيارات والحافلات عنه بحسب سكاي نيوز عربية.
أكثر من نصف سوق محلات الصناعات التقليدية أغلق أبوابه نتيجة لغياب السياح، فتجد من تبقى من أصحاب المحلات متجمعين يطلبون تدخلا عاجلا للدولة لإنقاذ مورد رزقهم.
فبعد هجوم سوسة، كثفت وزارة السياحة من تدخلاتها لإنقاذ النزل والفنادق السياحية من الإفلاس وبقيت الصناعات التقليدية على الهامش دون مساندة مما خلف توترا وتشنجا في العلاقة بين الحرفيين وأصحاب النزل، رغم أنهم كانوا إلى وقت قريب يعملون بالتنسيق فيما بينهم لتلبية طلبات السياح.
يقول مراد، وهو صاحب محل تحف تذكارية إنه اضطر لإخراج معاونيه في إجازة غير مدفوعة إلى أن تعود للسوق السياحية حيويتها.
حالة من الإحباط وجدناها منتشرة بين الحرفيين والتجار في ضاحية سيدي بوسعيد ونقاش بين أصحاب المحلات سرعان ما احتد ليتحول إلى سجال سياسي وينتهي بشجار تطلب تدخل كبارات السوق لفضه، أما سببه فهو تجرأ احد التجار إلى الترحم على الرئيس السابق بن علي وأيامه بل شاطرته مجموعة هامة من التجار الرأي.
بعض هؤلاء التجار يقول أن بن علي رغم أنه كان دكتاتورا وأن أفراد عائلته لم يتركوا قطاعا إلا ونهبوه، ولكن السياحة كانت بخير وأن أوضاعهم المادية كانت أحسن.
"صحيح لم نكن نتحدث بحرية في السياسة والشأن العام لكن جيوبنا ومحلاتنا كانت مملوءة" قال أحدهم، ثم أضاف متسائلا "هل سأطعم عائلتي كيلوغراما من حرية التعبير ورطلا من الشعارات السياسية"؟
آراء سرعان ما أجاب عليها تاجر آخر بأن أحد أصهار بن علي كان ينوي الاستيلاء على السوق برمته وأنه من ألطاف الله أن الثورة أطاحت بهم.
تلك هي حالة الحرفيين و التجار فعوض أن ينشغلوا بطلبات زبائنهم تجدهم يتناقشون ويتشاجرون أمام محلاتهم المهددة بالإغلاق.
مساع حكومية
ويبدو أن أصوات الشجار المتعالية من سوق سيدي بوسعيد وغيرها من الأسواق السياحية قد وصلت إلى مسامع نواب البرلمان، فأقروا تحويرا على مشروع قانون المالية التكميلي لرصد جانب هام من الاعتمادات المالية المخصصة للقطاع السياحي لانعاش قطاع الصناعات التقليدية والحرف الموسمية المرتبطة بالسياحة.
وتعمل الحكومة التونسية على تطمين شركائها الأوربيين والتنسيق الأمني والاستخباري معهم لإقناعهم برفع التحذير من السفر إلى تونس على رعاياها.
وكان وفد تونسي رفيع المستوى قد ذهب الشهر الماضي إلى لندن لإقناع البريطانيين برفع تحجير السفر على سياحها إلى تونس يتقدمه رئيس البرلمان ووزيرة السياحة، إلا أن الوفد التونسي فهم أن الأمر يتطلب أكثر من زيارة مستعجلة لتطمين الحكومة البريطانية وغيرها من الدول الأوروبية على سلامة مواطنيها.
وكانت الداخلية التونسية قد نشرت أكثر من ألف وستمائة شرطي مسلح على الشواطئ والنزل لمنع تكرار ما حدث على شاطئ سوسة وحصيلته الثقيلة التي راح ضحيتها ثمانية وثلاثون سائحا أغلبهم بريطانيون.
و كانت رئاسة الجمهورية قد أقرت بداية من شهر أغسطس التمديد لشهرين إضافيين في العمل بحالة الطوارئ، بعد التحسن النسبي للأوضاع الأمنية في الشهر الأول من العمل بقانون الطوارئ ويمنح هذا القانون صلاحيات واسعة للقوات المسلحة في ملاحقة الجماعات المتطرفة مما مكنها من إيقاف العشرات من المتطرفين في عمليات استباقية وصفتها السلطات بالنوعية.
ويأمل الشارع التونسي أن تعود الأوضاع إلى حالتها الطبيعية سريعا ليستعيد الاقتصاد التونسي حيويته و يخف الضغط على تكلفة المعيشة اليومية.