اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

العيد والشعر والجذور … بقلم محمد فتحى الحريرى

العيد والشعر والجذور
 

 

 

 

بقلم د محمد فتحى الحريرى

العيد من الجذر الثلاثي (ع و د) أو (ع ي د) وتكلمنا في الجذرين في مناسبة قديمة، واليوم نستذكر بعضا من معاني ودلالات العيد، نستعيدها مع ثلة من شعرائنا وأدبائنا، ولاسيما أن العيد هو السرور العائد، والفرح المتكرر بما يحمله من دلالات دينية وتراثية.

العيد يأتي عادة تتويجا لمرحلة عبادة عاشها المؤمن، وفيه إشارات لهويته وهوية الأمة، فليس هو تقليدا ولا تمثلا بقوم أو تشبها بهم، وقد ذكرت لفظة العيد مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة المائدة.


وقد عرف العرب قبل الإسلام كثيرا من الأعياد التي ألغاها الإسلام وأبدلهم بيومي الفطر والنحر، منها عيد اسباسب، وقد ذكره النابغة الذبياني في مدحه الغساسنة فقال:

رقاق النعال طيب حجزاتهم *** يحيون بالريحان يوم السباسب

تحييهم بيض الولائد بينهم *** وأكيسة الإضريج فوق المشاجب

يصونون أجسادا قديما نعيمها *** بخالصة الأردان خضر المناكب

ولا يحسبون الخير لا شر بعده *** ولا يحسبون الشر ضربة لازب

حبوت يها غسان إذ كنت لاحقا *** بقومي وإذ أعيت علي مذاهبي

ومن أعياد يثرب قبل الإسلام عيد بعاث ويوم الفجار وغيرهما …

وفي العهد الإسلامي شكلت المناسبات االدينية مادة خصبة للشعراء منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، وتفاوت إحساسهم به قوة وضعفا، عبادة وعادة، وأخذ هذا الاهتمام مظاهر عديدة، ومن هذه المناسبات، -إن لم يكن من أهمها- ​​مواسم رمضان والحج والعيدين؛ فهي تتكرر كل عام مع اختلاف الظروف والأحداث التي قد تمر بالشاعر خاصة أو تمر بالأمة الإسلامية عامة، وقد تفاعل الشعراء مع الأعياد تفاعلا قويا ظهر في أغراض شعرية منوعة منها، كما يذكر الأديب الفاضل (عز الدين فرحات) في مقالة رائعة له نستميحه العذر باقتطاف شيء منها:

1- تحري رؤية الهلال والاستبشار بظهوره:

يقول ابن الرومي:

ولما انقضى شهر الصيام بفضله *** تجلى هلال العيد من جانب الغرب

 كحاجب شيخ شاب من طول عمره *** يشير لنا بالرمز للأكل والشرب


وقول ابن المعتز:

أهلا بفطر قد أضاء هلاله **** فالآن فاغد على الصحاب وبكر

 وانظر إليه كزورق من فضة *** قد أثقلته حمولة من عنبر

2- حقيقة معنى العيد:

وينبه أبو إسحاق الألبيري إلى حقيقة معنى العيد؛ فيقول:

ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك *** لا أن تجر به مستكبرا حللك

 كم من جديد ثياب دينه خلق *** تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك

وأما الشاعر محمد الأسمر فيقول في المعنى:

هذا هو العيد فلتصف النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا

 أيامه موسم للبر تزرعه *** وعند ربي يخبي المرء ما زرعا

 فتعهدوا الناس فيه: من أضر به *** ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا

 وبددوا عن ذوي القربى شجونهم *** دعا الإله لهذا والرسول معا

وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:

بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر

 وموكب العيد يدنو صاخبا طربا *** في عين وامقة أو قلب منتظر


3- تهاني الشعراء للملوك بالعيد:

من هذه القصائد رائية البحتري التي يهنىء بها الخليفة العباسي (المتوكل) بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة:


 

بالبر صمت وأنت أفضل صائم *** وبسنة الله الرضية تفطر

 فانعم بعيد الفطر عيدا إنه *** يوم أغر من الزمان مشهر

وقال المتنبي مهنئا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان الفضيل:

الصوم والفطر والأعياد والعصر *** منيرة بك حتى الشمس والقمر

ويهنئ سيف الدولة بالعيد فيقول:

هنيئا لك العيد الذي أنت عيده *** وعيد لكل من ضحى وعيدا

 ولازالت الأعياد لبسك بعده *** تسلم مخروقا وتعطي مجددا


4- الشكوى والتفجع:

ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أو أهله وقد عبر كن ذلك كثير من الشعراء في قصائد خلدها التاريخ، يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:

عيد بأية حال جئت يا عيد *** بما مضى أم بأمر فيك تجديد

 أما الأحبة فالبيداء دونهم *** فليت دونك بيدا دونهم بيد

وأرى أنه ما من بيت شعري كتب له الذيوع والإنتشار في العيد مثل هذا البيت، ولاسيما أنه في التفجع وندب الحال والتشكي، وقد كثرت الفواجع في هذه الأمة، فواجع تجعل الولدان شيبا، تتلوها فواجع ونكبات:

فواجع في الشام والعراق واليمن ومصر وليبيا و و … حتى نسينا الفاجعة الأولى فلسطين.


وكأن الشام واليمن التي قيل فيها: (بارك الله في شامها ويمنها)، تحولت إلى نزف دماء وقتل وتشريد وخراب بيوت !!!

وما شكوى المعتمد بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد:


 

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللذات معمورا

 وكنت تحسب أن العيد مسعدة *** فساءك العيد في أغمات مأسورا

 ترى بناتك في الأطمار جائعة *** في لبسهن رأيت الفقر مسطورا

 معاشهن بعيد العز ممتهن *** يغزلن للناس لا يملكن قطميرا

 أفطرت في العيد لا عادت إساءته *** ولست يا عيد مني اليوم معذورا

 وكنت تحسب أن الفطر مبتهج *** فعاد فطرك للأكباد تفطيرا


ويحكى أن ابنته الأديبة المشهورة (بثينة) كادت أن تباع في سوق النخاسة جارية، لولا أنها قدمت من الوثائق ما يثبت حريتها ونسبها الملكي، ويا ​​لرسول الرحمة القائل هنا:

(ارحموا عزيز قوم ذل).


5- العيد خلف قضبان السجن:

الشاعر عمرو خليفة النامي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون:

يا ليلة العيد كم أقررت مضطربا *** لكن حظي كان الحزن والأرق ..

وأخيرا أقدم التهاني إلى الزملاء الكتاب والكاتبات والقارئين والمتابعين، والله ولي التوفيق، وتقبل الله من الجميع ،،، كل عام وأنتم بخير.



 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled