Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

البحث عن المخرج.. مصر التوجه نحو المستقبل يقلم : الدكتور خالد عزب

البحث عن المخرج.. مصر التوجه نحو المستقبل

 

 

 

يقلم : الدكتور خالد عزب

 

رئيس قطاع الخدمات والمشروعات المركزية بمكتبة الاسكندرية

 تمثل التطورات المتلاحقة في مصر مثالاً حول السياسات الواقعية والأحلام الواهية، فمرور الوقت يدمر أحلام جماعة الإخوان المسلمين في العودة إلى السلطة مرة أخري، في الوقت الذى يكسب فيه النظام الحالي تعاطفًا متزايدًا نتيجة للتهديدات الأمنية من جانب، والنجاح الاقتصادي النسبي على جانب آخر، لكن يبقي له مشكلة المعضلة السياسية التي سيحل جانب كبير منها بانتهاء الانتخابات البرلمانية. 


 إن التساؤلات المستمرة في الشارع المصري على كافة أصعدته حول مستقبل مصر، تكشف عن ضرورات ستغير وجه مصر خلال السنوات القادمة على رأسها إجراء تعديلات على الدستور الحالي بمصر، لينتقل نظام الحكم إلى الرئاسي مرة أخري مع الحد النسبي من صلاحيات الرئيس لصالح رئيس الوزراء والبرلمان، وتقييد سلطة البرلمان نسبيًا في اختيار الوزراء إلى التصويت على الثقة في الحكومة ككل. 


 هذه التعديلات ستتيح استقرار سياسي كبير في مصر في ظل ضعف القوي السياسية في الشارع خلال المرحلة الراهنة. 


 على الجانب الآخر تشهد جماعة الإخوان المسلمين أزمة شرعية وأزمة وجود وأزمة صراع، وتأتى المشكلة في السنوات القادمة من أنها لن تواجه النظام السياسي لكي تعود مرة أخرى للعمل العام، إن أزمتها هي مواجهة عدم قبول الشارع المصري لها، فخطاب العنف والتحريض من عدد كبير من أعضاء الجماعة جعل العنف والإرهاب قرين لها، فضلاً عن أن تصاعد أعداد الضحايا يجعل فكرة المصالحة تزداد صعوبة يومًا بعد يوم. 


 إن التحدي الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين في المرحلة القادمة هو تحدى بقاؤها من عدمه، إذ أن وجودها لا معنى له في ظل أنها كيان هلامي غير محدد الملامح، وعليه فلن تعود كما كانت، بل إن المتوقع هو انشقاقات حادة ستحدث مع طرح فكرة المصالحة الجدية، إذ أن التشدد المفرط من قبل الجماعة يجعل الطرف الآخر في مأزق شديد مع أنصاره أيضًا، كما أن قيادات الجماعة حتى لو نادت بالمصالحة في مأزق مع أنصارها. 


 إن عدم وضع تعريف محدد لجماعة الإخوان المسلمين، حول ماهيتها، يجعلها بمثابة دولة داخل الدولة، وهو أمر غير مقبول على صعيد تطور نظم الحكم وفي الدول بمفهومها المعاصر، لذا فإن حل هذه الجماعة، هو الحل المثالي لمستقبل المشروع البديل للمنهجية الغربية، خاصةً مع نجاح مفرط لنماذج بديلة كالنموذج الصيني وطرح تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في الغرب. 


 هل يمكن أن تعيد الجماعة بناء طبيعتها وتطور آليات تفكيرها؟، في حقيقة الأمر لا، لأن هذه الجماعة نشأت وظلت مغلقة على نفسها، وبالتالي لم تستطع مع الأزمات المتلاحقة التي مرت بها الجماعة منذ الخمسينيات وحتى الآن أن تعيد بناء نفسها بصورة تجعلها كيانًا له قبول عام يعد جزءًا من المجتمع والدولة، وليس هو بديل الدولة التي يسعى للسيطرة عليها. 


 يبرز ذلك ابتداءًامن فكرة وجود مرشد للجماعة، هذا المنصب الوهمي الذي يعادل لدى الجماعة "الخليفة" في النظام السياسي الإسلامي، وهو نظام يستدعى بمقولات تاريخية سقطت مع اغتيال آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، وفي نفس الوقت يغفل هؤلاء عدم تعارض نظم الحكم المعاصرة مع مقاصد الحكم في الشرع الإسلامي، خاصةً أن فكرة الخلافة تستدعى في الذهنية أبدية الحاكم على كرسي الحكم لوفاته، وهي فكرة لم تعد مقبولة في مصر بعد انتهاء حكم مبارك الذي استمر ثلاثين عامًا.


 على الجانب الآخر فإن مصر ستشهد خلال العشر سنوات القادة تغييرات جذرية في بنية السلطة، إذ أن المرحلة الحالية تعد مؤسسة للمستقبل، حيث سيتصاعد دور النقابات المهنية والمجتمع المدني في الحياة العامة، كما أن اصلاحات جذرية ستؤدى إلى انتخاب العمد ورؤساء الأحياء والمدن مع توسع في سلطات المحليات والدور الرقابي للمجالس المحلية، مما يؤشر على صعود أجيال جديدة من السياسيين المخضرمين، هذا كله سيقود إلى تغير المشهد السياسي في مصر.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله