استحواذ إيراني على السياحة الدينية في العراق
النجف " المسلة " … يعتمد كثير من أهالي كربلاء والنجف ومدينة الكاظمية في بغداد، وسامراء بمحافظة صلاح الدين -وهي مدن مقدسة لدى المسلمين الشيعة لوجود مراقد الأئمة فيها- على السياحة الدينية وخاصة بالنسبة للزائرين القادمين من إيران ودول الخليج العربية وشرق آسيا.
إلا أن شركات عراقية وأصحاب فنادق متخصصة بالسياحة الدينية يتذمرون من سيطرة شركة شمس الإيرانية على معظم النشاط السياحي في العراق. ووصف أحد أصحاب الفنادق نفسه ونظراءه بالخدم لدى "شمس"، بسبب الامتيازات الكبيرة التي تتمتع بها، وسيطرتها على السياحة الدينية في البلاد، مؤكدا أن العراقيين لا يجنون الأرباح رغم وفود الملايين سنويا إلى مدنهم من أغلب دول العالم.
سيطرة وامتيازات
وتستقبل كربلاء -97 كم جنوب غرب بغداد- آلاف الزائرين الإيرانيين والخليجيين والآسيويين أسبوعيا، حيث يمكثون فيها أياما، ثم ينتقلون إلى مدن النجف والكاظمية وسامراء لزيارة العتبات.
وقال أبو منتظر -وهو صاحب فندق رفض الكشف عن اسمه كاملا أو اسم فندقه خشية سحب عقده مع شركة شمس الإيرانية- إن الشركة تسيطر على السياحة الدينية في العراق منذ سقوط النظام السابق، وتتمتع بامتيازات لا تتمتع بها أي شركة عراقية.
ويضيف للجزيرة نت "أن شركة شمس تفرض علينا تلقي مبالغ زهيدة لقاء إسكان الزائرين الإيرانيين وغيرهم ممن يأتون عن طريقها، كما أنشأت مطابخ في مدينتي النجف وكربلاء للتحكم بإطعام الزائرين وجبتي الغداء والعشاء، بينما تفرض على الفنادق وجبة الإفطار، كما تكون في الفندق أكلات محددة وألبان غالبيتها إيرانية، ما يقلل من أرباحنا ويجعلنا مثل خدم لدى الشركة".
ويؤكد أبو منتظر "أن عائدات الفندق من الزوار الإيرانيين بالكاد تغطي أجور العاملين ونفقات الخدمات الأخرى، إذ إن أجور المبيت لليلة الواحدة تتراوح بين عشرين وثلاثين دولارا عن كل زائر. وأشار إلى اعتماد الفنادق في أرباحها على الزوار الخليجيين الذين "يختلف التعاقد معهم عن شركة شمس الإيرانية".
انتهاك للسيادة
ومن جانبه اتهم مقرر لجنة السياحة والآثار في البرلمان العراقي حسين الشريفي شركة شمس الإيرانية بانتهاك سيادة العراق، بسبب سيطرتها على السياحة الدينية في البلاد.
وحمّل -في تصريح للجزيرة نت- وزارة السياحة والآثار مسؤولية الأعمال والإجراءات التي تقوم بها الشركة منذ سقوط النظام السابق، داعيا الوزارة إلى فتح منافذ أخرى مع بقية الدول وعدم الاعتماد على شركة شمس.
ويرى الشريفي ضرورة أن تكون وزارة السياحة والآثار هي المسيطرة على السياحة الدينية في العراق وليس شركة تابعة لدولة أخرى تتحكم بمقدرات هذا الجانب من الاقتصاد العراقي، مؤكدا "إمكانية مساهمة السياحة الدينية في حل جزء من أزمة العراق الاقتصادية إذا ما استثمرت بشكل صحيح".
إجراءات تنظيمية
ونفى أحد مندوبي شركة شمس في كربلاء (باقر بهتاني) سيطرة الشركة على السياحة الدينية في العراق، معللا إجراءات الشركة بأنها تنظيمية، وأشار إلى قلة الخدمات التي كانت تقدم سابقا إلى الزوار الإيرانيين.
وقال للجزيرة نت "إن معظم الفنادق والمطاعم العراقية تفتقر إلى النظافة المطلوبة، لذلك اعتمدنا على أنفسنا بعد الاتفاق مع الجهات المعنية بإنشاء مطابخ مركزية في المدن الدينية لضمان تقديم وجبات أفضل للزوار الإيرانيين.
ولفت بهتاني إلى أن الضوابط التي وضعتها الشركة للفنادق في مدن كربلاء والنجف والكاظمية أسهمت برفع مستوى الخدمات المقدّمة للزوار الإيرانيين.
وأوضح مدير عام المجاميع السياحية في وزارة السياحة العراقية، محمود الزبيدي أن "الشركة الإيرانية تمتلك نحو خمسمائة فرع معتمد في منظمة الحج والزيارة الإيرانية وليس لدينا الحق في التدخل بشؤونها".
وأضاف للجزيرة نت "أن الشركة عندما دخلت إلى العراق تعاقدت مع شركات عراقية تدير الفنادق وشؤون النقل، وحمّل الشركات العراقية مسؤولية قلة أرباحها لتوقيعها على عقود مع الشركة الإيرانية دون الرجوع إلى وزارة السياحة.