Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

الاحتلال الإسـرائيلي دمَّر آثار غزة التاريخية

الاحتلال الإسـرائيلي دمَّر آثار غزة التاريخية

لا يمكن للعدوان «الإسرائيلي» إلا أن يترك بصمته البشعة على كل مناحي الحياة في غزة، من خلال استهداف الحجر والشجر والإنسان فيها، وقتل روح الحياة، وطمس وجه المدينة الجميل؛ ولم تستثن الحرب التي شنتها «إسرائيل» على القطاع الساحلي الصغيرة فجر الثامن من تموز (يوليو) الماضي واستمرت لـ 51 يوماً، المباني الأثرية والتاريخية التي تعمد الاحتلال استهدافها بشكل مباشر ما أدى إلى تدميرها كلياً أو جزئياً.

 

 وكما ذكر موقع فلسطينيو 48 الذي أورد التقرير فإن قيمة أثرية لا تقدر بثمن كانت هدفاً «إسرائيلياً» لمحو عقود كاملة من ماضي فلسطيني عريق، وهي مسجد «المحكمة»، الذي يعتبر معلماً إسلامياً قديماً يعود تأسيسه إلى فترة الحكم المملوكي لفلسطين عام 859 هجري المواقع 1455 ميلادية.

غاب مسجد المحكمة بعد ستة قرون بقي فيها شاهداً على ارض غزة ونضال أهلها، متربعاً على مشارف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والذي استخدم كمدرسة عرفت قديماً باسم مدرسة (الأمير بردبك الدوادار)، ومن ثم أصبح مقرا للمحكمة الشرعية الدينية في الفترة العثمانية، غير أن مئذنته الرئيسة ما زالت شامخة لم تسقط، فهي أكثر ما يضيف جمالاً على المسجد رغم تقادم السنين عليها، وإن بدا تأثير القصف المباشر عليها واضحاً في بعض الأجزاء، تلك المئذنة الواقعة إلى الجزء الغربي من المسجد والتي يبلغ طولها 19 متراً والتي صدحت بالآذان على مدار 600 عام، ظل خلالها المسجد عامراً بالمصلين قبل أن يحيله العدوان «الإسرائيلي» إلى أكوام متناثرة من الحطام، بقيت المئذنة صامدة رغم الدمار.

 

ولم يكن مسجد المحكمة حالة فردية، وإنما هو حلقة من معركة كبيرة على الهوية والقيم والتاريخ، فقد واصل المحتل جرائمه، ليزيح وجه غزة الحضاري، والمتجسد بالمساجد الإسلامية التي تعود للعصر المملوكي ومقامات الأولياء والآثار اليونانية والكنائس البيزنطية والمقابر الإنجليزية أيضًا.

ومن هذه المقامات التي تعرضت للتدمير، مقام «الشيخ المنطار» الذي يقع ضريحه على رأس تله تشرف على خربة المنطار، الواقعة على الحدود مع الأراضي المحتلة العام 1948 إلى الشرق من مدينة غزة، والذي غابت ملامحه ولم يتم التعرف على مكانه بعد انسحاب الآليات «الإسرائيلية» التي كانت متوغلة في المنطقة أثناء الحرب على غزة، حيث تعمد جيش االاحتلال القضاء على كل معالم المكان، فقد هدم البيوت وجرف الأراضي الزراعية وخرب الطرق وحتى استهدافه للاماكن الأثرية.

 

كما تسبب القصف بأضرار في الأرضية الفسيفسائية وفي جدران مقام إبراهيم الخليل الواقع داخل مسجد «خليل الرحمن» بمنطقة عبسان في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وهو من آثار العصر المملوكي، ويعد من أهم المقاصد الصوفية قديماً، إضافة إلى مقام الخضر الذي يعود للعصر اليوناني في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ومقام النبي يوسف شرق جباليا والذي يعود للفترة العثمانية.

 

المسجد العمري في جباليا هو الآخر قيمة تاريخية كبيرة، تعرض للقصف المباشر من قبل طائرات الاحتلال، ويقع في قلب بلدة جباليا القديمة، ويعرف بين السكان باسم (المسجد الكبير)، بني على الطراز المعماري المملوكي، حيث أدى القصف لتدمير الضريح التاريخي المجاور للمسجد وقبة الضريح, إضافة إلى انهيار الجدران الأثرية الشرقية للمسجد وانهيار في سقف العقود المتقاطعة في الجهة الشمالية الشرقية وتهدّم جزء كبير من السطح.

 

وفي الوقت الذي حاول سكان قطاع غزة التعايش مع الواقع الذي فرضته عليهم الحرب على غزة، بعدما دمرت العديد من الأماكن والبيوت والمساجد، كانوا يقيمون الصلاة على أنقاض المساجد المدمرة تعبيرا عن الصمود الذي لا تكسره الصواريخ ولا المدافع.

 

أما عن الاستهداف غير المباشر والأضرار الجزئية فقد حدث نتيجة القصف تصدعات في الجدران الأثرية والأسقف في مسجد «الظفردمري» المملوكي الذي يعد أحد أبرز المعالم الأثرية الإسلامية في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.

 

تؤكد هيام البيطار رئيسة قسم الآثار بوزارة السياحة والآثار أن «إسرائيل» انتهكت بشكل فاضح ما جاء في البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في أوقات النزاع المسلح والموقعة في آذار العام 1999 والذي ينص على أنه (عندما يكون أحد أطراف النزاع المسلح غير مرتبط بالاتفاقية، يظل الطرف الآخر مرتبط به في علاقته بالدولة طرف في النزاع).

 

وتقدر البيطار مجموع المواقع الأثرية المستهدفة خلال الحرب على غزة بما يزيد على 74 موقعا اثريا، حيث استهدفت قوات الاحتلال كل شيء من دون أي رادع، معمدة الإضرار بالبنية التحتية والاقتصادية، ومحاولة طمس الهوية الثقافية والأثرية لقطاع غزة، وهذا ما يسعى إليه منذ احتلاله فلسطين سواء بالسرقة والتزييف والسرقة أو بالتدمير كما حدث مؤخرا في غزة.

 

ويقول جمال أبو ريدة لـ الدستور إن القطاع الأثري والسياحي في قطاع غزة تعرض لخسائر فادحة، وصلت لأكثر من مليون دولار، نتيجة الاعتداءات «الإسرائيلية» المباشرة وغير المباشرة للمنشآت السياحية والمباني الأثرية خلال العدوان على القطاع، بخلاف الخسائر الناتجة عن توقف النشاط السياحي والتي تصل إلى أكثر من 18 مليون دولار.

 

وأشار أبو ريدة إلى أن وزارة السياحة والآثار قدرت الخسائر المباشرة وفق إحصاء رسمي إلى ما يزيد عن 711 ألف دولار، وذلك بعد تدمير أكثر من موقع بشكل كلي وسبعة مواقع دمرت بشكل جزئي، إضافة إلى خسائر تقدر بـ 300 ألف دولار جراء تضرر عشرة مواقع في عمليات قصف غير مباشرة.

 

وارتباطاً بخسائر المنشآت التابعة لوزارة السياحة، يقول أبو ريدة إن الخسائر المباشرة التي تعرض لها قطاع السياحة تجاوزت 6 ملايين دولار، بينما الخسائر غير المباشرة فقدرت بأكثر من 4 ملايين دولار، وذلك كإحصاء أولي وفق تقديرات الوزارة.

 

ولفت إلى أن الاحتلال استهدف 106 منشآت سياحية، منها ما تعرض للتدمير الكامل مثل مدينة بيسان الترفيهية ومنتجع النورس.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله