تنشيط السياحة بين تفعيل القوانين وتوفير الأماكن السياحية
تعتبر السياحة في عالم اليوم النشاط الاقتصادي الأكثر أهمية، وعنصر من عناصر التنمية الرئيسية المستدامة، وبحسب الدراسات والمعطيات الاقتصادية الحديثة تُعد السياحة واحداً من أهم مصادر الدخل القومي التي يعتمد عليها لتحقيق التنمية المستدامة، من هنا تحرص غالبية بلدان العالم على جعل سياساتها وإجراءاتها لتنمية السياحة، وباتت العلاقة بين السياحة والتنمية المستدامة واضحة وجلية.
وقد أدركت كثير من البلدان اليوم أنه لايمكن الاعتماد على المعادن ولا المخزون النفطي، حيث أكدت الدراسات العلمية أن هذا المخزون سينفذ بعد فترة ولايمكن التعويل عليه، ولابد من البحث عن مصادر بديلة مستدامة، ومن هنا جاء تحديد قطاع السياحة كقطاع ذو أولوية من قبل الحكومة القطرية وتم إنشاء هيئة مستقلة مختصة (الهيئة العامة للسياحة ) في العام 2007 لتأخذ على عاتقها هذا الدور، يساعدها في ذلك ماتمتلكه الدولة من مقومات سياحية ربما فريدة من نوعها في كثير من البلدان.
وفًرت الدولة ولازالت توفر مافيه الكفاية من بنى تحتية بإمكانها خدمة هذا القطاع وفي كافة المجالات، سواء من حيث المعالم الرياضية الكبيرة، أو المجمعات التجارية، والمطاعم والفنادق وقاعات المؤتمرات المزودة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية ووسائل الاتصال وغيرها بالاضافة إلى توفير أماكن ترفيهية تشمل الحدائق والمنتزهات وغيرها وبناء طرق سريعة ومطار دولي كبير لاستقبال أعداد كبيرة من المسافرين حتى اصبحت قطر واحدة من أهم العواصم الخليجية الجاذبة للاستثماروالسياحة، وتعتبر كتارا واللؤلؤة وسوق واقف نماذج مشرفة للسياحة في قطر بحسب جريدة البدع.
وتولت الهيئة العامة للسياحة الاستثمار أيضا في البنى التحية التابعة لها وتنظيم الأحداث السياحية والمؤتمرات وإقامة المعارض التي تنعكس إيجابا على صورة البلد، هذا اذا ما استثنينا نقطة أساسية لازالت تشكل عائق كبير وهي عدم توفر فنادق ثلاثة نجوم بما فيه الكفاية، والتركيز فقط على الفنادق الخمسة نجوم وهو ما يشكل تحدي كبير للسياح اصحاب الدخل المتوسط خاصة أيام المناسبات والاحتفالات التي تستقطب أعدادا كبيرة من السياح القادمين من البلدان المجاورة.
ورغم أهمية توفير البنية التحتية اللازمة للقطاع السياحي، إلا انها ليست كافية إذا لم تتخذ إجراءات مصاحبة كإصدار قوانين وتفعيل أخرى من شأنها خدمة هذا القطاع، وقد تم إصدار بعض القوانين حتى لايتم التلاعب بشأن تنظيم القطاع السياحي، حيث نصت المادة (20) من القانون رقم (6) لسنة 2012 بشأن تنظيم السياحة أنه “يحظر ممارسة مهنة الإرشاد السياحي الا لمن كان حاصلا على ترخيص بذلكمن الهيئة، ومقيّداً بسجل المرشدين السياحيين بها، وتبين اللائحة التنفيذية طريقة التسجيل واجراءات تقديم طلب الترخيص واصداره وتجديده.”.
كما نصت المادة (18) من نفس القانون على أن ” تُصنّف المنشآت الفندقية والسياحية إلى درجات، ويتم تحديد الدرجة المناسبة لكل منها طبقًا للقواعد والأحكام المنصوص عليها في دليل التصنيف الذي يصدر به قرار من الرئيس بناء على اقتراح الإدارة المختصّة”.
ولتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات السياحية فقد سمحت الدولة بالحصول على التأشيرات عند الوصول لمنافذ الدولة لرعايا حوالي 33 دولة، وتتيح هذه الخدمة للمسافرين والفنادق تقديم طلب الحصول على التأشيرة إلكترونيا قبل موعد الوصول.
وقامت الدولة مؤخرا بتوجهات جديدة لدعم القطاع الخاص باعتبار الدور التكاملي الذي يلعبه إلى جانب الحكومة، فاجتمع رئيس الوزراء بممثلي القطاع الخاص لدراسة العوائق والمشاكل التي يواجهها هذا القطاع في ظل منافسة الدولة وإعطاء المشاريع لشركات أجنبية غير محلية وعدم وضوح الرؤية لدى القطاع الخاص في كثير من المشاريع التي تنفذها الدولة بسبب عدم التنسيق وتخلي الدولة عن وظيفتها الأساسية وهي المراقبة والإشراف على القطاع الخاص ودعمه، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
فهل سينعكس الاهتمام الجديد بالقطاع الخاص على الاستثمار في المجال السياحي؟
وهل يصاحب المشاريع السياحية القائمة اهتمام بتشريعات على نفس المستوى؟
وهل تعتبر القوانين السياحية التي تم اتخاذها كافية؟ أم لابد من إصدار المزيد؟