عرض ابداعات 13 قرنا من الفنون الاسلامية بمتحف فيكتوريا والبرت في لندن
لندن "المسلة" …. بعيدا عن ضوضاء وسط العاصمة البريطانية لندن وشوارعها المزدحمة بمحبي التسوق ولا سيما في هذا الوقت من العام حيث تتهيأ المدينة للاحتفالات باعياد الميلاد والسنة الجديدة يجد رواد المعارض وعشاق الفن ضالتهم في المتاحف على اختلاف تخصصاتها والتي تشكل جزءا مهما من الحياة الثقافية لعاصمة الضباب.
وستكون الوجهة لمن يفضلون هذا النوع من النشاط الثقافي والفكري حتما نحو منطقة (ساوث كينسينغتون) التي تحتضن عددا من المتاحف وصالات العرض الشهيرة ابرزها متحف (فيكتوريا والبرت) الذي أسس عام 1852 وهو اكبر متحف للفنون الزخرفية والتصاميم في العالم ويحتل المركز 11 عالميا من حيث عدد رواده الذين قاربوا العام الماضي 3ر3 مليون زائر.
ويقحم هذا المعلم الثقافي العريق الزائر في رحلة عبر الزمن تعود به الى ثلاثة الاف سنة من التاريخ العريق لمختلف الثقافات العالمية القديمة حيث تتنوع المعروضات التي يفوق عددها 6ر4 مليون قطعة من زخارف وأثاث وأزياء وزجاجيات ومجوهرات وتحف معدنية وصور فوتوغرافية ومنحوتات ومنسوجات بالإضافة الى لوحات فنية وتماثيل رخامية من شتى الاحجام والأنواع بحسب كونا.
وفي خضم هذا التزاحم الثقافي العالمي في جنبات هذا الصرح التراثي الغني وبين جدران وواجهات القاعة رقم 42 تصطف معروضات خاصة لثقافة اخص واكثر غنى وثراء بتنوع أعراقها وتمددها الجغرافي والزماني وتأثيرها اللامحدود على ثقافات وشعوب منها ما اندثر وأكثرها لا يزال حاضرا الى اليوم في حضارة الغرب.
وفي هذه القاعة التي تحمل اسم (رواق جميل) تأريخ مادي للثقافة الاسلامية العريقة بقطع زخرفية وخشبية ومنسوجات ومصاحف نادرة وأوان فخارية وزجاجية وسيوف صنعت بأنامل عربية ومسلمة من الأندلس وافريقيا والمغرب العربي ومصر وتركيا والشام والجزيرة العربية وايران وبلاد الهند وما وراءها.
وتعكس هذه القطع كلها ذلك التنوع الثقافي الكبير للشعوب التي جمعت وتوحدت تحت راية واحدة جعلت تعابيرها الفنية والجمالية تبدو وكأنها صنعت وخطت بيد واحدة.
ويلحظ الزائر عبقرية القائمين على الرواق ولمساتهم الديكورية المميزة من خلال استعانتهم بأجود القطع وأجملها وأكملها وعرضها في وجهات زجاجية جميلة فيما يخيم على القاعة نور خافت يميل الى الظلمة كي يزيد المكان اناقة وسحرا ويضفي عليه مسحة من الهدوء والسكون.
وللرواق الذي افتتح عام 2006 مداخل عدة تؤدي كلها الى وسط القاعة حيث المربع الزجاجي الضخم الذي يحوي (سجادة اردبيل) التي تعد "مفخرة" اسلامية يعتز بها المتحف من ضمن ما يحتويه على 19 الف قطعة متصلة بالإبداعات الاسلامية لتنطلق بك من دروب القرن السابع الميلادي الى تشعبات الحياة في القرن العشرين.
ويعتقد ان (سجادة اردبيل) التي صنعت بمدينة أردبيل في شمال غرب ايران عام 946 للهجرة (1539 للميلاد) كما هو مسجل عليها أكبر سجادة أثرية في العالم بمساحة تبلغ 50ر10 متر طولا و34ر5 متر عرضا واستغرق نسجها حوالي أربعة اعوام وكلفت المتحف مبلغ ألفي جنيه استرليني عندما اقتناها في عام 1892 وصرف عليها مبالغ اخرى لإصلاحها وتنظيفها لاحقا.
وتفتخر صالة العرض ايضا باحتضانها منبر السلطان المملوكي قايتباي والذي يعود تاريخه الى القرن ال15 ميلادي مع انه يظهر وكأنه صنع من فترة غير بعيدة حيث يقف بعلوه الكبير في زاوية قريبة من "حصن" سجادة اردبيل.
ويستهوي الزوار من هواة التحف والتاريخ الاستمتاع بتأمل جمال كل هذه القطع النادرة المعروضة في الصالة ومجموعها نحو 400 قطعة مختلفة الأشكال والأحجام والزمان والجغرافيا والى جانب كل عمل فني بطاقة تبين تاريخه وموطنه.
اما باقي التحف فتتوزع على قاعات عرض كثيرة ومنها القاعتان 123 و125 حيث اختيرت مصنوعات اسلامية لتوضع جنب قطع اخرى من ثقافات مختلفة بهدف توضيح تأثر الحضارات ببعضها البعض.