أسطورة سقوط جدار برلين في الذكرى 25
القاهرة " المسلة " وكالات … قبل ربع قرن بدأت أول ثورة “ملونة” في أوروبا، عندما ألغت سلطات جمهورية ألمانيا الديمقراطية في 9 نوفمبر تشرين الثاني عام 1989 نظام منع سكان برلين الشرقية من زيارة الجزء الغربي للمدينة. بعد مضي ربع قرن على اختفاء المانيا الديمقراطية من الخارطة السياسية لأوروبا، تحاول سلطات ألمانيا الموحدة، تشويه وتسويد كل ما له علاقة بفترة وجودها.
لم يرفع المتظاهرون في ألمانيا الديمقراطية شعار هدم جدار برلين أبدا، قبل ليلة 9 نوفمبر تشرين الثاني عام 1989. لأن أغلبهم كانوا يعون خطر تأجيج الأوضاع في برلين، حيث تتشابك المصالح السياسية للدول الأعضاء في الناتو وحلف وارسو. كان المتظاهرون يطالبون بحرية التنقل بين شطري برلين من دون حواجز، لأن من حقهم زيارة أقربائهم الساكنين في الشطر الغربي من المدينة.
وكانت قيادة البلاد تشعر بضرورة الإسراع في تنفيذ هذا الطلب، ومع ذلك لم يجر الحديث عن أي ثورة في ألمانيا الديمقراطية، حتى أنه لم يجر أي حديث بشأن إزالتها من الوجود، ولا حتى عن تغير الاتجاه الاشتراكي في تطورها. بدأت أولى الثورات “الملونة” في أوروبا، بعد فتح المنافذ بين شطري المدينة ودخول الآلاف من الشطر الغربي إلى الشطر الشرقي، رافعين شعار ألمانيا الموحدة، رغم هذا بقي الجدار على وضعه دون مساس حتى بعد ذلك، ولم يبدأ بتفكيكه إلا بعد فترة طويلة عام 1991 أي بعد اختفاء جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
ما حدث يوم 9 نوفمبر تشرين الثاني 1989، هو في واقع الأمر سوء تفاهم إداري كانت نتائجه وخيمة. ففي هذا اليوم قررت سلطات ألمانيا الديمقراطية السماح لكل من يرغب بمغادرة البلاد مؤقتا أو بصورة دائمة، بعد أن يبلغ عن ذلك الجهات المعنية، لم يتضمن نص هذا القرار، إشارة إلى اختلاف حدود الدولتين الألمانيتين وإلى الجدار الفاصل بين شطري برلين، وكان هذا هو الخطأ الكبير، لأن وضعهما الدولي مختلف تماما. الخطأ الثاني في نص القرار، هو في أنه لم يحدد موعد سريانه، لأنه عمليا كان يجب أن يسري ابتداء من اليوم التالي لصدوره.
يجب الاعتراف، أنه بعد الأحداث التي وقعت بجانب جدار برلين، بدأت المظاهرات التي كانت تحت تأثير ألمانيا الغربية، تملي شروطها بشأن التطور اللاحق لألمانيا الديمقراطية باتجاه إزالتها كدولة ذات سيادة. بعد مضي ستة أشهر فقط، سقطت حكومة المعارضة التي استلمت السلطة بعد الانتخابات البرلمانية في 18 مارس آذار 1990 ، وأعلن عن توحي شطري ألمانيا دون إجراء أي استفتاء بشأن ذلك.