قصة على بابا والأربعين حرامى أصلها مصرى قديم
القاهرة : د. عبد الرحيم ريحان
"المسلة" …. أكدت دراسة أثرية للدكتور محسن نجم الدين أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة عنوانها " المباغتة وإعمال عنصر المفاجأة فى الحروب فى مصر القديمة " ألقاها ضمن فعاليات المؤتمر السابع عشر للاتحاد العام للآثاريين العرب الذى انعقد بمقر الاتحاد الجديد بمدينة الشيخ زايد فى الفترة من 1 إلى 3 نوفمبر أن قصة على بابا والأربعين حرامى الشهيرة أصلها مصرى قديم.
وتحكى قصة على بابا حكاية أخوين شقيقين الأكبر اسمه قاسم والأصغر على بابا وكان والدهما من أعيان التجار وقد استولى قاسم على ثروته الكبيرة وترك على بابا فقيرا وقد شاهد يوما مجموعة فرسان يقتربون من صخرة قائلين لها " افتح يا سمسم " فانفتحت الصخرة ودخل الفرسان وقائدهم ثم انغلق الباب خلفهم ومكثوا فى الكهف فترة ثم قال قائدهم " أغلق يا سمسم " فانغلق باب الكهف وبعد مغادرتهم كرر على بابا ما فعلوه ودخل الكهف ووجد كنوزاً من الذهب والأحجار الكريمة فأخذ ما أخذ وخرج إلى منزله وطلب منها استعارة مكيال من أخيه قاسم ليكيل به الذهب وقامت زوجة قاسم بوضع عسل فى قاع المكيال لتعلم ماذا يكيل على بابا وعرفت أنه الذهب وأخبرت قاسم بذلك فذهب إلى أخيه على بابا وألح عليه حتى كشف السر وذهب صباحا دون علم أخيه للصخرة ودخلها وجمع كماً كبيراً من الذهب ولكن أثناء خروجه نسى كلمة السر " افتح يا سمسم " وظل الكهف مغلقا وكشف اللصوص أمره فقتلوه ووضعوا جثته على باب الكهف وعند عودتهم لم يجدوها فعلموا أن له شركاء فعزموا أمرهم على قتل على بابا .
وابتكر اللصوص حيلة لقتله فأعدوا أربعين جرة بكل جرة يختبئ لص بسلاحه وهناك جرة ملئت بالزيت وتم إغلاق الجرار بإحكام وحمّلها قائد اللصوص على عربة كبرى يجرها حصان وتنكر فى زى تاجر غريب وذهب لمنزل على بابا فاستضافه وتم وضع الأربعين جرة فى فناء المنزل وكان بالمنزل جارية زكية تدعى مرجانة اكتشفت هذه الحيلة ووضعت الزيت المغلى بكل جرة حتى تخلصت من الجميع ثم قتلت رئيس اللصوص .
ويشير الدكتور محسن نجم الدين لأصل هذه القصة فى مصر القديمة وقد أدرك المصرى القديم منذ فجر التاريخ مدى أهمية وضع الخطط الحربية للجيش وتعديلها وفقاً لمجريات المعركة وقد اعتمد فيها على وسائل وتكتيكات أبرزها الحيل التى تقوم على عنصر المفاجأة وتعتبر بردية هاريس 500 بالمتحف البريطانى شاهداً على ذلك الابتكار .
ويحكى د. محسن قصة سجلت على ظهر هذه البردية أثناء حروب الجيش المصرى فى بلاد كنعان (فلسطين) إبان حكم تحوتمس الثالث والذى عهد لأحد قواده ويدعى جحوتى بمهمة فتح المدينة بسبب خوضه لمعرك أخرى أشد ضراوة.
وقد استعصى أمر هذه المدينة على جحوتى فعمد لإيجاد حيلة ينفذ من خلالها داخل القلعة فادّعى أن الملك تحوتمس الثالث قد أمره بأن يبلغ قائد المدينة بأن عليه أن يهنأ ويأمن داخل مدينته مما يوحى بأنهم صرفوا النظر عن فتحها ولكن بشرط قبول هدايا الملك دون أن يخبره ما بداخلها وكانت عبارة عن 500 سلة من سعف النخيلة (قفة) وقد وضع بداخل بعضها جنود أقوياء يحملهم جنود آخرين وعند وصول السلال للقلعة يقوم الجنود الحاملين للسلال بتحرير زملائهم داخل السلال وفتح بوابات القلعة والقبض على زعماء المدينة وتم فتح المدينة بهذه الحيلة.
وقد تبقى موروث هذه الحيلة فى المأثورات الشعبية ومنها قصة على بابا والأربعين حرامى