شركات الطيران الخليجية تتنافس على السوق الإيطالية
بعد أن نقلت شركات الطيران الخليجية ملايين المسافرين عبر مراكزها المحلية باتت تتنافس الآن على السوق الإيطالية التي تراها مواتية للتوسع وتعتبرها مفتاح الدخول إلى سوق الرحلات الطويلة.هذا التنافس سيزيد الضغط على الناقلات الأوروبية البارزة التي تفتقر بالفعل إلى الرحلات القصيرة التي تسيرها الشركات الجديدة للطيران منخفض التكلفة.بحسب جريدة الرآي
ذلك أن إيطاليا هي رابع أكبر سوق للسفر في أوروبا وأحد أبرز المقاصد السياحية في العالم كما يساهم ازدهار قطاع الأزياء والمنتجات الجلدية فيها في تعزيز الطلب على رحلات العمل.
علاوة على ذلك وفي ضوء الصعوبات التي تواجهها شركة الطيران الإيطالية (أليطاليا) تحول الكثير من الرحلات الجوية الطويلة التي تسيرها إيطاليا من المنطقة الصناعية في شمال البلاد إلى مدينتي فرانكفورت وميونيخ الألمانيتين.
ورصدت الناقلات الخليجية هذا النقص في الرحلات الجوية الطويلة وتوسعت لتدخل السوق الإيطالية في وقت تبحث فيه عن رحلات تسير فيها أساطيلها سريعة النمو.
ويؤدي ذلك إلى استقطاب الركاب من «لوفتهانزا» الألمانية و»بريتش ايروايز» و»اير فرانس-كيه.إل.إم» في أوروبا و»دلتا ايرلاينز» و»أميركان ايرلاينز» في الولايات المتحدة.
وقال استشاري الطيران المقيم في فرجينيا جورج هاملين إن «السوق الإيطالية تتمتع بقدر كبير من التجارة في قطاع الأزياء والمنتجات الجلدية لكنها تفتقر إلى مركز حقيقي للطيران وهو ما تريد شركات الطيران الخليجية دخوله.» وأضاف «تثير شركات الطيران الخليجية قلقا بين الناقلات الأوروبية.. وإذا كانت شركات الطيران تحقق ربحا لما ساورها القلق»، مشيرا إلى أن الأوروبيين يعجزون عن خوض حروب الأسعار نظرا لارتفاع هياكل تكاليفهم.
ولطالما شكت الناقلات الأوروبية من افتقارها إلى مزايا تحظى بها الشركات الخليجية التي تتمتع بدعم من حكوماتها الغنية المتطلعة إلى تعزيز قطاعي الطيران والسياحة.
كما أن الشركات الخليجية لا تتعرض لضغوط لإعلان نتائجها المالية الفصلية وتلبية الشروط الأوروبية المتعلقة بالموظفين.
في أكتوبر 2013 صارت شركة طيران الإمارات أول ناقلة في الشرق الأوسط تقل مسافرين على رحلات بين ميلانو ونيويورك.
وتوفر الشركة حاليا نحو مليون مقعد على رحلات طويلة إلى إيطاليا لتأتي في المرتبة الثانية بعد «أليطاليا» التي توافر نحو 2.1 مليون مقعد وفقا لمؤسسة أو.إيه.جي المتخصصة في تقديم بيانات الطيران.
وعززت «طيران الإمارات» مركزها هذا الشهر بتسيير طائرات «ايه 380 السوبر جامبو» الشهيرة من دبي إلى ميلانو.
وسعت الشركة الإماراتية إلى تقديم أسعار لتذاكر رحلاتها بين ميلانو ونيويورك تقل عن تلك التي تقدمها شركات «أميركان ايرلاينز» و»دلتا ايرلاينز» و»أليطاليا» المنافسة لها.
في الوقت نفسه تتبنى شركة الاتحاد للطيران خططا كبرى بخصوص شركة أليطاليا إذ اتففت على الاستحواذ على حصة نسبتها 49 في المئة في الناقلة الإيطالية لتنضم إلى مجموعة حصص الأقلية التي اشترتها الاتحاد في شركات طيران عالمية.
وقال الرئيس التنفيذي للاتحاد للطيران جميس هوغان للصحافيين في ميلانو هذا الأسبوع «إيطاليا..
يا لها من سوق… إنها تتمتع بإمكانات هائلة.»
وأضاف أن الشركة تتوقع أن تساهم أليطاليا في زيادة رحلاتها العابرة للمحيط الأطلسي من ميلانو وروما إلى الأميركتين بالإضافة إلى زيادة رحلاتها الطويلة إلى مناطق أخرى من العالم.
فعلى عكس طيران الإمارات التي تحقق نموا ذاتيا ولا تؤمن بعمليات الشراكة في رأس المال تفوقت الاتحاد للطيران على منافسيها عن طريق الاستحواذ على حصص في شركات أخرى وعمليات مشاركة بالرمز.
واشترت الاتحاد للطيران التي تحظى بدعم من الثروة النفطية في أبوظبي حصصا في ثماني ناقلات من بينها خمس شركات أوروبية هي «اير برلين» و»اير لينجوس» و»اير صربيا» وداروين ايرلاين» وأخيرا «أليطاليا».
واتفقت الشركة على شراء نحو نصف أسهم أليطاليا في أغسطس وتعهدت باستثمار 560 مليون يورو (710 ملايين دولار) في الشركة الإيطالية المتعثرة وإعادتها إلى الربحية بحلول عام 2017.
دواء مر
على غرار المتوقع تحركت شركات الطيران الأميركية والأوروبية المهددة بالخطر بسبب هذه الناقلات سريعة النمو لمنعها من دخول الأسواق.
ورفعت رابطة الطيران الإيطالية اسايريو – وهي رابطة أكبر أعضائها «أليطاليا»- دعوى قضائية تطلب فيها عدم السماح لشركات الطيران غير الأوروبية مثل طيران الإمارات بتسيير رحلات من إيطاليا عابرة للمحيط الأطلسي.
وأيدت محكمة إيطالية دعوى الرابطة في البداية ومنعت طيران الإمارات من تسيير رحلات بين نيويورك وميلانو.
لكن مجلس الدولة الإيطالي قضى بتعليق القرار موقتا وتم السماح للشركة الإماراتية بمواصلة رحلاتها انتظارا لقرار محكمة الاستئناف والمتوقع صدوره بحلول نهاية العام.
وأمام «الاتحاد للطيران» أيضا معارك يجب أن تخوضها إذ ساهمت شركات مثل لوفتهانزا واير فرانس في دفع السلطات إلى فحص حصتها البالغة 29 في المئة في اير برلين ورحلات الرمز المشترك التي تديرها مع الناقلة الألمانية.
لكن التحدي الذي تشكله شركات الطيران الخليجية العملاقة بمثابة الدواء المر الذي ستضطر أوروبا إلى تجرعه في النهاية. ذلك أن عقود العمل مرتفعة التكلفة والطائرات الأقدم عمرا واحتدام التنافس مع شركات الطيران منخفض التكلفة الجديدة قلص من أرباح شركات الطيران وأجبر ناقلات مثل أليطاليا واير برلين على اللجوء إلى شركات الخليج التي تملك سيولة كبيرة لمساعدتها.
وقال مسؤول كبير بإحدى شركات الطيران الخليجية «توضع على مكاتبنا كل أسبوع عشرات العروض المقدمة من شركات طيران تبحث عن أموال وعمليات شراكة كثير منها يأتي من أوروبا أيضا لكننا نضطر إلى اختيار العروض التي تناسبنا.»
وكلفت الإضرابات التي شهدتها اير فرانس ولوفتهانزا في الأسابيع الأخيرة الشركتين الأوروبيتين مبالغ كبيرة.
وفي الوقت نفسه تجتذب الشركات الخليجية المنافسة العملاء بأن توافر لهم خدمات مثل تخصيص ركن للمشروبات ومرافق للاستحمام وموظفين لخدمة الركاب.
وقال نائب رئيس قسم التحليل في تيل جروب لاستشارات الطيران ريتشارد أبو العافية «إحدى المزايا التي تتسم بها شركات الطيران الخليجية هي الخدمة، والناقلات الخليجية التي تقدم مستوى أعلى من الخدمة تشكل خطرا على أوروبا.»