اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

الحمار والجذور بقلم د.محمد فتحي راشد الحريري

الحمار والجذور 

 

بقلم د.محمد فتحي راشد الحريري
((رئيس جمعية الحمار الأنيق في دولة الامارات العربية المتحدة))
 

 

 

 

 

 

 

الحمار من المخلوقات الجميلة – على الاقل برأيي، ويجب أن نحترم آراء بعضنا – وهو أي الحمار مظلوم، بله يعاني من الظلم المزمن، المتراكم عليه عبر مئات السنين.

وحمار [اسم مفرد]: جمعه أحمرة وحمر وحمر وحمير، مؤنثه حمارة، وتجمع حمائر، وهو حيوان داجن من الفصيلة الخيلية يستخدم للحمل والركوب، ومنه الأهلي والوحشي الذي يكون مخططا باللونين الأبيض والأسود. وتقول العرب: "جاء بقرني حمار" إذا جاء بالكذب والباطل، لأن الحمار لا قرن له، ويصف العرب الرجل الغبي بتقديرهم فيقولون: هو حمار- للرجل المذموم-، ومن تعابيرهم "وقف حمار الشيخ في العقبة" أي: استعصى عليه الأمر، عجز، احتار- وفي شعرهم قالوا:
ولو لبس الحمار ثياب خز. =. =. لقال الناس يا لك من حمار

هذا هو الحمار، كثرت اسماؤه عند العرب، وان كثرتها تدل على مكانته العالية عندهم، فهناك مقالة قديمة عند العرب تقول، إن تعدد الأسماء دليل على شرف المسمى (أو أهميته أو نبله)!

فالحمار هو ابو صابر وابن شنة وابن دلام وابو زياد وهو ايضا الزمال، أو الزمالة و
والحمار هو الجورف والنهاق والعير – والعرد – العكموس – العمكوس – الكسعوم – الكعسوم – المكراف – النخة – الكباص -العلج – القيدار – الجلعد – الاخطب – الصعل – الصلصل – المصلصل – الصلاصل – الهمهيم – الدبل – النهاز – الكندر والكندير والكنادر – القلح – القلو – المعضض -المحلج – المحلاج هل تريدون اسماء اخرى؟ هناك فعلا أسماء أخرى لهذا الأنيق! وأشهر سلالات الحمير شهرة وقدرة على العمل المصري والقبرصي والسنغالي!

فهل اعدنا الاعتبار لهذا الكائن الجميل؟ ام أن لكم رأيا آخر؟ ولكن علينا أن نتذكر:
بأنه يكفي الحمار فخرا:
– أنه ذكر في القرآن الكريم و الكتاب المقدس، فمثلا قال تعالى في سورة لقمان: ((وٱقصد في مشيك وٱغضض من صوتك إن أنكر ٱلأصوات لصوت ٱلحمير)).

– أنه حمل الأنبياء و هم خير البشر علي ظهره وأن آخر خلفاء بني أمية لقب بالحمار لشدة تحمله و صبره علي القتال .. (أو أن العرب تسمي مئة السنة حمارا) وفي الحالتين فيحق له الزهو والفخار! – وليفخر بأنه رافق جحا الفيلسوف الساخر في رحلته على درب الحكمة.
و- أن الأديب الكبير توفيق الحكيم اتخذه رفيقا و ذكره في كتاب خاص له به!

وجود تيار معاد للحمير في الحياة العربية ظهر مجددا! ونؤيد مقالتنا في دواعي إنصافه
والحقيقة عكس ذلك تماما فنحن نعيش في عصر عشق الحميركما أؤكد أنا العبد الفقير لله!

فبالأمس كان يوصف بشديد الغباء كل بغيض، بل يقال له "راضع من حمارة"!

واليوم جاءت الأبحاث العلمية لتقول إن لبن الحمير مفيد لحالات مرضية كثيرة،

وإنه أقرب الألبان للبن الأم ويوصي بعض الأطباء بإرضاعه للأطفال! !

ألا يكفيهم أعداء المجتمع الحماري خجلا من أنفسهم بعد هذا؟

ويكفيك عزيزي المتابع الكريم بأنك لو أردت وصفا لإنسان بارع ماهر في صناعته

لقلت عنه "فنان" مع العلم بأن الفنان، اسم من أسماء الحمارالوحشي! واليك قصة جميلة في هذا المقام تشي بأمرين هما، ظلمنا للحمار ومصداقيته المتناهية، وهذه القصة من أدبيات جمعيتنا (جمعية الحمار الأنيق في دولة الإمارات) والتي أشرف بتأسيسها ورئاستها:

أراد قاضي ان يعرف أين يذهب شباب أهل المدينة كل يوم فعرف أن أحدهم قد فتح خمارة

خارج المدينة بعد ان طرد منها ..فاهتدى القاضي الى وسيلة لكشف الأمر وإثبات الفعلة

على صاحب الخمارة ..فأطلق الحمير التي كان الشباب يكترونها عند ذهابهم الى الخمارة

فوصلت إلى هناك بفعل تكرار كرائها الى هناك .. ولكن عندما واجه صاحب الخمارة

بالدليل الحماري الدامغ هذا، قال الرجل: ماذا تقول عنكم العرب، إن عرفوا انكم رضيتم بشهادة الحمير؟

! فأطلق القاضي سراحه واكتفى بغلق الخمارة.

قصة تثبت لكم أن الحمير مغبونة في محاكمنا.
 

حتى ولو كانت أصدق فعلا من سفهائنا وكثير من عقلائنا! ومن الأدلة على روعة الحمار.
 

 

أن من علامات رضا الحمير تباعد اذنيها، ومن علامات حكوماتنا تباعد آرائها!

إن للحمار عينين تعبران عن أقصى ماتتصوره من اللامبالاة، وكذلك حكوماتنا!

ونعود للجذور بعد أن نأى بنا البحث عنها قليلا، فالحمار حيوان أهلي، جمعه حمير، وأحمرة. أنثاه سموها: الأتان و (الحمارة) وتجمع على ((آتن)). ولفظ ((الحمار)) يطلق على الذكر والأنثى. بينما ((الأتان)) و ((الحمارة)) لا تطلق الا على الأنثى خاصة وصغير الحمار: حمير .. ومن كناه ما قدمنا ​​آنفا، وهو – دائما في خدمة الإنسان، والحمار شديد الصبر على الكد في العمل. صوته. ((النهيق)). يضرب به المثل في البلادة للأسف، وفي واقع الأمر فهو: حيوان ذكي، يتعلم، ويفهم، ويتحمل الإنسان الذي يظلمه دائما .. وتقول العرب: ((استأتن الحمار)) أي ((صار أتانا)). وهو مضرب المثل في أكثر من موقع من الحياة، فقولهم: ((كان حمارا فاستأتن)) أي ((صار أتانا))، يضرب به المثل للرجل (يهون بعد العز) .. وذكرني تأتن الحمار باستنواق البعير، وتخنث الزعماء، وتسوق (او تسوقن / من السوقة والسفلة) القادة واختلاط الحابل بالنابل، بان اصالة الحمار ظلت ثابتة، حتى لو استأتن، فلقد حافظ على عرفه الجميل وشفتيه اللمياوين، وقده الأهيف ولم يفسده الهمبرجر والبيتزا، بل ظل وفيا للتبن والبرسيم و …….. .. الخ صفاته التي اكرمه الله بها وسجاياه الرائعة، وحين ذمه الله في كتابه العزيزكما يتوهم بعضهم، اقول له ان الله ذم فيه الصوت وعدم الانتفاع بما يحمل من كتب واسفار ومتاع فقط، ولم يذمه بالمطلق بحال!

وهنا أقول: أليس الكثيرون منا لا ينتفعون بما يملكون؟!

من الذميم اذن؟ ومن الأحق بوصف الذم؟!

وتقول العرب للمرأة الرعناء: ((الأتان)) على سبيل التشبيه بالأتان .. ويقولون للحمارة: ((أم نافع)) و ((أم تولب)) و ((وأم جحش​​)) و ((أم وهب))، ويكون وحشيا فيقال له: ((حمار وحش)) و ((حمار الوحش)) و ((الحمار الوحشي)) وهو الفنان كما قدمنا​​، والجمع أحمرة، وحمر، وحمير، وحمور، وحمرات، ومحموراء .. والعرب تكني بالحمار في بعض أنحاء الكلام فتقول: ((قد حل حماره بمكان كذا)) وهي تقصد: ((إذا أقام فيه وتمكن))، ومن الأمثلة في مصر الشقيقة "اربط الحمار مكان ما يقول صاحبه" والعرب أيضا تقول لحمار الوحش: ((اليحمور)) أما ((الجحش) ) فهو ولد الحمارالأهلي و الحمار الوحشي معا، و ((الحمارة بتشديد الميم)): أصحاب الحمير في السفر، والحمار مصطلح شائع عربيا يضارع قولهم جمال وهجان وخيال، ومثلما تسابق العرب على الخيول والإبل فقد تسابقوا على صهوات الحمار، أو ليأذن لي أعضاء جمعيتنا أن أولد مصطلحا جديدا، وهو السباق على "نهقات الحمار" مقابل صهوات الخيل ..

ومن الطريف رغم كل ما قدمنا ​​من مناقب للحمار الأنيق أنهم في البلاد العربية لا يزالون يعتبرون لفظ ((حمار)) من الشتائم السوقية التي يوصف بها كل غبي! وفات هؤلاء أن العرب قد أسمت الحمار حمارا لسبب آخر!

وهذا نمط في التسمية يدل عند العرب جذوريا، على أمرين هما الشدة والأناقة حسب قواعدهم في التسمية، فالعرب تطلق لقب الحمرة والأحمر على الدواهي والموت والمصائب الشديدة، وكل جميل وحسن تسميه أحمر أو بشيء من هذا القبيل …

ونختم بحثنا هذا بهذه القصة الطريفة لبشار بن برد على لسان حماره النافق:
رأيت حماري البارحة في النوم فقلت له: ويلك ألم تمت؟

قال الحمار: أنسيت أنك ركبتني يوم كذا وكذا، وأنك مررت بي على باب الاصبهاني فرأيت أتانا (حمارة) عند بابه فعشقتها حتى مت بها كمدا، ثم أنشدني:
سيدي مل بعناني === نحو دار الاصبهاني
إن بالدار أتانا === فضلت كل أتان
تيمتني يوم رحنا بثناياها الحسان ===
وبغنج ودلال === سل جسمي وبراني
ولها خد أسيل مثل خد الشيفراني ===
فبها مت ولو عش = ت إذن طال هواني
قيل: ولما سئل بشار عن الشيفراني (أو الشوقراني)؟ قال: هذه من مفردات الغزل الحميري ولا يعرفها إلا الحمير!

 

————————
الحميراء لا علاقة لها ببحثنا ابدا، وهي في اللغة تصغير الحمراء،، ويطلقه بعض المتمجهدين على سيدتنا عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وارضاهما وحشرنا معهما تحت لواء سيدنا محمد وآله الاطهار وصحابته جميعهم المنتجبين الاخيار، وهو اطلاق لا اصل له ابدا، وجاء من حديث لا علاقة له بالحديث وهو قولهم:

((خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء، وأشار الى السيدة البتول الصديقة عائشة رضي الله عنها)) ..وفي لفظ شطر دينكم.

واول من جاء بالحديث الموهوم هذا انما هو ابن الاثير الجزري في النهاية (مادة / ح م ر) ولم يذكر مرجعه الذي نقل عنه والمظنون انه من الفردوس بلفظ (ثلث دينكم) ودونما اسناد ايضا، وقد جزم الحافظ ابن كثير رحمه الله بانه موضوع لا اصل له حيث سأل عنه حماه الحافظ المزي والذهبي فلم يعرفاه (وينظر المقاصد الحسنة للسخاوي برقم 432) ص 209) ولم يشر اليه العجلوني في كشف الخفاء، وينظر النهاية في غريب الحديث والاثر لابن الاثير الجزري ج 1 ص 438-439 وذكر ان الحميراء قد تكرر والمراد به عائشة عليها السلام – مصغر الحمراء – ويراد بالوصف البيضاء،

واهل المصطلح مجمعون تقريبا على الطعن بالحديث من عدة وجوه غير الاسناد ابرزها ان الوصف له عدة اعتبارات فهو الحمراء وتطلق على السنة الشديدة وشدة الظهيرة والعجمة والموت الزؤام، كما تطلق على الخمرة والذهب والزعفران و ……. ورسول الله منزه ان يصف الصديقة بوصف يتطرق اليه الاحتمال فما بالك بالاحتمالات؟!

وينظر فردوس الاخبار للحافظ الديلمي ج 1 ص 359 برقم 2650 بلفظ ((خذوا ثلث دينكم من بيت عائشة)) والقاموس المحيط للفيروزابادي مادة (ح م ر) وبالله التوفيق وشكرا …

 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled