ممثل منظمة الصحة العالمية :«صفر» نسبة وصول «إيبولا» للحج بعد احترازات المملكة
الرياض "المسلة"…. قال لـ "الاقتصادية" الدكتور حسن البشري ممثل منظمة الصحة العالمية في السعودية، نسبة وصول فيروس "إيبولا" للسعودية في موسم الحج ضئيلة جداً، ونظرياً تعتبر صفرا في المائة، مشيراً إلى أن الإجراءات الاحترازية من قبل السلطات السعودية بدأت عبر منع تأشيرات الحج للحجاج القادمين من الدول الموبوءة، وقال إن هذا الإجراء أكبر إجراء فعال بحد ذاته ولن يشمل مواطني تلك الدول القادمين من دول غير موبوءة شريطة أن يكونوا لم يزوروا تلك المناطق لأكثر من 21 يوما، بعد تفقد جوازاتهم والتأكد من ذلك.
وتحدث الدكتور البشري عن عدة إجراءات تم الاتفاق عليها بين منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السعودية ونحو 20 نشاطاً ستقوم بها المنظمة في السعودية خلال الفترة القادمة، وذلك من خلال حوار أجرته معه "الاقتصادية" ، فإلى تفاصيل الحوار:
ما الخطوات التنسيقية بين منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السعودية لمنع وصول فيروس "إيبولا" للسعودية في هذه الفترة مع دخول موسم الحج؟
ما زالت المنظمة مستمرة في اجتماعاتها عبر ممثليها في السعودية ومندوبين من الفرع الرئيس في جنيف مع مسؤولي وزارة الصحة السعودية وعقدت عدة اجتماعات تداولية مطولة لمناقشة الإجراءات والترتيبات الواجب أن تقوم بها وزارة الصحة لمنع وصول المرض للسعودية أو انتشاره في حال تسرب بعض الحالات خاصة في موسم الحج.
وتم مناقشة كثير من الترتيبات مما يتعلق بالمسافرين ووضع اللوائح الصحية الدولية ووضع الدلائل الإرشادية وتدريب الأطباء والعاملين الصحيين في المراكز الصحية الواقعة في مناطق الحج والتأكد من تجهيز المختبرات الطبية وتؤكد المنظمة دعمها التام لكل الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة لتفادي انتشار المرض في موسم الحج.
ما أبرز الإجراءات الوقائية التي تم الاتفاق على اتخاذها مع وزارة الصحة في المطارات لمنع وصول "إيبولا" للسعودية أو انتشاره خلال موسم الحج؟
الإجراءات بدأت عبر منع السلطات السعودية تأشيرات الحج من المناطق الجغرافية الموبوءة بالإيبولا، وهو أكبر إجراء فعال بحد ذاته، لأن المرض لا ينتشر بالهواء وينتقل من مريض لآخر من خلال الدم أو الإفرازات والسوائل، فإذا منع المرضى أن يأتوا من هذه البلدان، فأنت بذلك تمنع وصول المرض وانتشاره بنسبة 99 في المائة لأن هذا المرض في بؤر معينة في العالم، كما أن المنع ليس ضد جنسيات معينة، حيث إنه بإمكان أي شخص من الدول الموبوءة الحج إذا كانوا قادمين من دول أخرى، بشرط أن يكون لم يزر هذه المناطق الجغرافية لأكثر من 21 يوما حيث إنها أطول فترة حضانة ممكنة للمرض.
ومن ضمن الإجراءات سوف تقوم السلطات الصحية وسلطات مطار الملك عبد العزيز في جدة ومطار المدينة المنورة بمراقبة الحالة العامة للقادمين في المطارين وملاحظة ظهور إعياء أو علامات مرض على المسافرين أو عند وقوفهم أمام موظفي الجوازات، وأي شخص تدل هيئته على معاناته من مرض سيتم الكشف عليه ومراقبته وعزله حتى يتم التأكد من خلوه من أي أمراض معدية.
كما سيطلب من المسافرين القادمين من مناطق غرب إفريقيا والمناطق القريبة من بؤرة المرض تعبئة نماذج في المطارات تشرح تواجدهم خلال الثلاثة أسابيع الماضية، وهل زاروا خلالها إحدى الدول الموبوءة، وسيقوم موظفو الجوازات بتفقد جوازاتهم للتأكد من ذلك، وإذا اكتشف مرور أحد الركاب بهذه الدول، سيتم اتخاذ عدة إجراءات احترازية معه.
وما الإجراءات التي سوف تتم خلال بداية موسم الحج ومتابعة الحالة العامة للحجاج والتأكد من عدم تسجيل حالات "إيبولا" أو غيره من الأمراض المعدية؟
نحن بصدد الترتيب لاجتماع خلال الأسابيع القادمة في مدينة جدة مع رؤساء بعثات الحج الطبية للدول ذات أعداد الحجاج الكبيرة، للتأكد من تنسيقهم التام مع سلطات الصحة السعودية والتأكد من قيامهم بالترصد والمراقبة الوبائية لبعثاتهم وإعداد تقارير يومية خلال موسم الحج، وتقارير آنية إذا دعت الحاجة عن الإيبولا وباقي الأمراض المعدية.
كما ستقوم منظمة الصحة العالمية خلال شهر شوال وشهر ذي القعدة بتقديم دورات تدريبية تتعلق بالعدوى في المستشفيات خاصة المستشفيات المرتبطة بالحج، وسيقوم استشاريون من المنظمة بزيارة لـ 16 مختبرا عاملة في مناطق الحج، وتم بهذا الصدد عمل تقييم لخمسة مختبرات إقليمية منها، ويجري الآن عمل دراسة لـ 11 مختبرا للتأكد من قدرتها على تشخيص الأمراض الوبائية ومن إجراءات السلامة وحفظ العينات وأخذها بالطريقة الصحيحة، حيث سيتم إرسال بعض العينات المشتبه بها للمختبرات المرجعية لمنظمة الصحة العالمية للتأكد من تشخيص المرض.
وسوف تتأكد المنظمة من عدم وجود نقص في الملابس الوقائية للتعامل مع الحالات المرضية المعدية في المستشفيات وطبعت دلائل إرشادية لكيفية استعمالها وتدريب مستمر للتأكد من استعمالها بالطريقة الصحيحة لجميع العاملين الصحيين.
وكل الترتيبات تتم بصورة جيدة، ويعتبر الوضع العام مطمئنا ولا يوجد ما يستدعي القلق، مضيفاً أن الأوبئة تتواجد في كل بلدان العالم لكنها تختلف في قدرتها على الاكتشاف المبكر لها والاستجابة للأوبئة بالطريقة الصحيحة.
هل ظهرت حالات لمرض "إيبولا" في مناطق السعودية والخليج؟ وهل توجد احتمالات لظهور حالات خلال موسم الحج؟
حتى الآن لم تظهر حالات "إيبولا" في منطقة السعودية والخليج، ولكن توجد أمراض مشابهة في أعراضها للإيبولا مثل حمى الخمره النزفية وهي محصورة في منطقة الخمره في السعودية وبعض حالات حمى نزفية مرتبطة بالماشية، وتعد نسبة ظهوره في المنطقة خلال موسم الحج ضئيلة جداً ولا تذكر لكنها تظل موجودة، ونظريا صفر في المائة، لكن وجود احتمال ولو كان ضئيلا جداً فلابد من توفير كل الإجراءات بصورة تضمن أن المرض يكتشف بصورة مبكرة ويحتوى حيث لا ينتشر من شخص لآخر.
فيما لو تم اكتشاف حالات خلال موسم الحج، هل يمكن السيطرة عليها من خلال هذه الإجراءات؟
في هذه الحالة يأتي دور التدريب المستمر والمتكرر والإشراف على تنفيذ هذه الإجراءات والملاحظة من قبل المسؤولين الصحيين والمتابعة مع منظمة الصحة العالمية، وفي حال تطبيق هذه الإجراءات بشكل صحيح فإنه سيكون احتواؤه في أصغر نطاق والسيطرة عليه.
أيهما أكثر خطورة.. "إيبولا" أم "كورونا"؟
خطورة الإيبولا تكمن في أن احتمال الوفاة أعلى من "كورونا"، لكنه أقل انتشاراً من "كورونا" وإذا نجحت الإجراءات 100 في المائة قد لا يتعدى المرض الحالات التي اكتشف فيها، أما "كورونا" فتكمن خطورته في سرعة انتشاره من شخص لآخر والتخوف من حصول تزاوج بين فيروس "كورونا" وفيروسات أخرى خلال موسم الحج، ما قد ينتج عنها ولادة فيروس جديد يمتلك قدرة على الانتشار في الهواء وهنا تكون المشكلة أكبر، لذلك نحن نكرر تحذيراتنا لمنع انتشار "كورونا" والأمراض التنفسية وحصرها في أقرب وأضيق عدد ممكن من الناس.
ما الإجراءات المتخذة مع مصابي "إيبولا"؟
لا يوجد علاج فعال للمرض مثل مضاد أو غيره، ويعطى للمريض تعويضا لما يفقده من سوائل أو دم أو مساعدته في مشاكل التنفس، واحتمال بسيط أن يشفى المريض والأغلب أنه يفارق الحياة، وهو من الأمراض الفتاكة ومعظم المصابين يموتون وتعتمد نسبة الشفاء على التشخيص المبكر وعلى الحالة الصحية للمريض وتوفير الأدوية والأجهزة التي تساعد المريض على الحياة أطول فترة ممكنة لكنه لا يوجد علاج.
وقاعدتنا مع إيبولا "نريد وعياً ولا نريد ذعراً" ونريد من الناس أن يعرفوا أنه يوجد مرض خطير اسمه "إيبولا" يسبب حمى ونزيفا، ويجب على أي شخص يشعر بتلك الأعراض الابتعاد عن الآخرين وتبلغ السلطات الصحية وهم من يجيدون التصرف معه، وأن يبتعد القريبون منه عن الاقتراب منه.
ما مسببات مرض "إيبولا" وأسباب انتشاره؟
المرض تم اكتشافه في مناطق معينة في إفريقيا وينتشر في زائير وأقصى حدود جنوب السودان، ودائما يظهر في نفس المناطق الجغرافية وعادة باختلاط سكان هذه المناطق مع القرود والغابات، وينتقل من فصائل القرود المختلفة مع الإنسان، وهذه المرة اختلف بانتشاره في أكثر من دولة إفريقية في وقت واحد وكانت الإجراءات الطبية التي طبقت في هذه الدول ضعيفة لذلك المرض انتشر وزادت عدد الحالات بشكل مقلق.
هل يتم تطبيق نفس إجراءات التعامل والوقاية بين مرضى "إيبولا" و"كورونا"؟
الإجراءات تختلف من مرض لآخر وفي الإيبولا مشددة أكثر لأننا نريد أن نتأكد تماماً من عدم انتشار المرض لأشخاص داخل أو خارج المستشفيات ومن يشتبه تعرضهم لحالات مرضية يتم وضعهم تحت مراقبة لصيقة جدا وعن كثب حتى يجتازوا فترة الحضانة ويؤخذ منهم عينات للتأكد ولو لدرجة بسيطة أنه حصل عدوى أو غيرها.
ومرض الإيبولا تختلف إجراءات التعامل معه وتعامل الكوادر الصحية مع المرضى به، كما تختلف الغرف المخصصة لمرضاه والتجهيزات والأدوات المستخدمة معهم، بما يتناسب مع طبيعة انتشار المرض، ولن يتم جمع بين مرضى المرضين في نفس المراكز الصحية.
ما أبرز الأنشطة التي ستقوم بها منظمة الصحة العالمية في السعودية خلال الفترة القادمة؟
تعكف المنظمة على القيام بأكثر من 20 نشاطا في السعودية تضم أهم عشر أولويات للسعودية وأغلبها حول "كورونا" لتساعد المملكة في الوقت الحاضر على كل ما يتعلق بصحة الإنسان، ومنها اجتماعات متعلقة بكورونا ولجان ستصل للسعودية وبرامج حيال التطعيمات وحوادث الطرق، وبرامج تتعلق بصحة المواطنين والأمراض المعدية والمزمنة، وتدريب الكوادر الصحية السعودية على الإجراءات الطبية الجديدة والتعامل مع أحدث الأجهزة الطبية، وعقد لجان علمية مشتركة وبرامج عن صحة وسلامة المختبرات وعدوى المستشفيات، وعقد اجتماعات مع الوفود الصحية الطبية المرافقة مع بعثات الحج والعمرة، وتبادل المعلومات حول وجود أمراض معدية في بعض الدول القادم منها رحلات للسعودية.
وستقوم المنظمة بالتقصي المرضي للحالات المرضية والترصد الوبائي لها وإعداد اللوائح الصحية الدولية والبحوث والمعلومات التي تجمع من المرضى في السعودية ويعاد تحليلها لمعرفة كيفية انتقال المرض والعوامل التي ساعدت في ذلك والعوامل المناسبة لمنع انتشاره وفترة حضانته وهل انتقل من حيوانات أو إنسان، ومراجعة بعض الإجراءات ومناسبتها، وترتيبها لجمع الدروس المستفادة منها.
كيف ترون الأوضاع الصحية في السعودية؟
السعودية انتقلت إلى حد كبير جداً من دائرة الأمراض المعدية إلى دائرة الأمراض غير المعدية، ولم تعد الأمراض المعدية تشكل هاجسا في السعودية لارتفاع مستوى المعيشة وتوافر صحة البيئة والقضاء على نواقل الأمراض، وتوافر التغذية والعلاج والخدمات الصحية، وهذه ساعدت كثيرا في تقليل المشاكل الصحية العامة، والآن تواجه مشاكل مع الأمراض غير المعدية مثل السمنة الزائدة والأمراض المرتبطة بقلة الحركة، من الترهل والسكري والضغط واختلاف نمط الحياة وزادت الحالات التشخيصية، وظهرت أمراض أخرى مرتبطة بالشيخوخة والأمراض النفسية وحوادث ووفيات الطرق، مشيراً إلى أن الفكرة العامة هي أن الأمراض لا تنتهي وإنما تتبدل.
هل نحتاج إلى التوجه لزيادة أعداد المراكز الصحية المتخصصة في الطب النفسي والتأهيلي لإصابات الحوادث؟
يوجد في السعودية أكثر من 2600 مركز صحي وتحاول الحكومة تقديم الخدمات الصحية للمواطنين في أقرب نقطة لأكبر تجمع سكاني، وفيه ارتقاء في الخدمات الصحية والعلاجية والوقائية والتوعوية وفيه برنامج قوي جداً الآن يسعى لإيجاد طبيب الأسرة الذي يتعرف على كل بيت وملفات المرضى ويقدم لهم الرعاية دون الحاجة لمراجعة المستشفيات الكبرى، إلا إنها تحتاج إلى وقت كاف لتطبيقها ووعي كامل لدى المواطنين بهذه الخدمات.