أبوظبي "المسلة"….. عادت الطائرة "سولار إمبلس 2" إلى ابوظبي فجر اليوم معلنة نجاح رحلتها التاريخية حول الكرة الارضية والتي استغرقت 40 ألف كيلومتر طيرانا باستخدام الطاقة الشمسية واستطاعت تحقيق اول إنجاز عالمي في إطار مساعيها نحو تعزيز عملية تبني ونشر تقنيات الطاقة النظيفة.
وحظيت الطائرة بعد هبوطها باستقبال حافل في مطار البطين الخاص والتي انطلقت منه الطائرة لتبدأ مغامرتها غير المسبوقة.
وكان اول المستقبلين ألبير الثاني أمير موناكو و دوريس ليوتار نائبة الرئيس السويسري و الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة ورئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" الشريك الرسمي المستضيف لطائرة "سولار إمبلس 2" و الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة وعدد من المسؤولين اضافة فريق عمل الطائرة وحشد من الاعلاميين.
وأقلعت طائرة "سولار إمبلس 2" لرحلتها الأخيرة من القاهرة في الساعة 3:28 صباحا بتوقيت أبوظبي يوم الأحد 24 يوليو 2016 بقيادة الطيار السويسري بيرتراند بيكارد رئيس مجلس إدارة سولار إمبلس ومؤسس المشروع ..ومنذ أن انطلقت في رحلتها لأول مرة من أبوظبي في شهر مارس من العام الماضي بقيادة أندريه بورشبيرغ الرئيس التنفيذي والمؤسس الشريك للمشروع توقفت الطائرة التي تعمل بالاعتماد كليا على الطاقة الشمسية في 16 مدينة بثماني دول وأربع قارات تناوب الطياران خلالها التحليق بالطائرة ضمن حملتها الرامية إلى حشد الدعم الدولي لتسريع وتيرة استخدام الطاقة الشمسية والتقنيات النظيفة.
وفي كلمته الترحيبية أشاد ألبير الثاني بعبقرية وإبداع مشروع "سولار إمبلس 2" الذي أسهم في نشر الوعي حول إمكانات الطاقة النظيفة والدور المهم الذي لعبته إمارة أبوظبي.
وقال الأمير ألبير الثاني ان طائرة "سولار إمبلس 2" استطاعت أن تنشر رسالة الأمل إلى الناس في كافة أرجاء العالم وستسهم في دفع وتيرة الابتكار في القطاع وتطوير الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وتطبيقها على أرض الواقع ..مشيرا إلى أن الصور الرائعة للطائرة أسرت مخيلة الملايين من الناس حول العالم خاصة وهي تحلق فوق معالم عالمية معروفة مثل تمثال الحرية في نيويورك وأهرامات مصر.
من جانبها قالت دوريس ليوتار إن الشجاعة والابتكار والمعرفة هي الكلمات التي سيتردد صداها إلى الأبد في سويسرا هذا العام فعقب احتفالنا بتدشين نفق "جوتهارد" أطول وأعمق نفق في العالم أثبتت سولارإمبلس للعالم أنه من خلال الاستثمار في التعليم والطاقات المستدامة يمكن أن تصبح كل أحلامنا حقيقة ..وقد تبين هذا بوضوح من خلال الدور الفعال الذي لعبته الجامعات السويسرية في هذه المغامرة ومن أبرزها مدرسة البوليتكنيك الفيدرالية فيلوزان التي مثلت تقنياتها خطوة كبيرة نحو تعزيز تقنيات الاتصال العالمية والاستدامة وعززت الأمل عند شبابنا.
وحول مساهمة دولة الإمارات و"مصدر" في المشروع قالت اننا نشهد اليوم فكرة تكونت في سويسرا لتكتمل في دولة ونتطلع لأن نشهد غدا ولادة فكرة مبتكرة من دولة الإمارات لتكتمل سويسرا ..ولأننا نؤمن بهذا التعاون إلى جانب إيماننا بالابتكار كانت سويسرا من أولى الدول التي سجلت مشاركتها في معرض إكسبو دبي 2020.
من جانبه أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر اهتمام دولة الإمارات بدعم الابتكارات الاستثنائية وتشجيعها وذلك في ظل التوجيهات السديدة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة و الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي و محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وأوضح أن هذا المشروع حظي بمتابعة ودعم وتشجيع كبير من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مما ساهم في اختيار أبوظبي لتكون نقطة انطلاق وختام هذه الرحلة التي سجلت علامة فارقة في تاريخ الطيران فضلا عن ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة والاستدامة.
وقال " يسرنا الترحيب بعودة بيرتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ إلى أبوظبي بعد النجاح المميز الذي حققاه في التحليق حول العالم بالاعتماد على الطاقة الشمسية فقط.. ونهنئتهم على هذا الإنجاز الذي يرسخ موقعهم ضمن رواد قطاع الطيران العالميين ويؤكد الدور المهم للطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة العالمي .. وتماشيا مع التزام "مصدر" بتطوير المشاريع المبتكرة في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة فإننا حريصون على دعم مثل هذه المبادرات الطموحة التي تسهم في إلهام الأجيال الشابة والتأسيس لمستقبل أكثر استدامة".
وأشار إلى أن سولار إمبلس أضافت بعدا مهما لتطبيقات الطاقة الشمسية فضلا عن توفير بيانات قيمة من شأنها إحداث تحسينات كبيرة في مجالين رئيسيين هما تخزين الطاقة وتعزيز كفاءتها ..وتتطلع "مصدر" إلى الاستمرار في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية ولعب دور رئيسي في دفع عجلة التقنيات الجديدة والانتقال بها إلى مزيد من التقدم.
من جانبه أكد عدنان أمين مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" – التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها -.. أن طائرة "سولار إمبلس 2" غيرت المفاهيم السابقة حول الطاقة الشمسية خاصة في ما يتعلق بقدرتها على تزويد إمدادات طاقة موثوقة ومستمرة ليلا ونهارا.
وأضاف ان سولار إمبلس أكدت قدرتها على رفع مستوى الوعي حول مستقبل الطاقة المتجددة الواعد وأهميتها ودفع حدود التقنيات النظيفة قدما عن طريق إثبات أن تلك الطاقة يمكن أن توفر مصدرا موثوقا ومستداما اليوم وأنه يمكن للحلول المبتكرة أن تفتح المجال لآفاق أكثر في المستقبل.
وخلال رحلتها حول العالم حلقت الطائرة فوق دولتين ساهمت "مصدر" في تنفيذ مشاريع خاصة بالطاقة المتجددة بهما في إطار سعيها إلى تعزيز الوصول لمصادر الطاقة المستدامة وخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتنويع مزيج الطاقة في تلك الدول.
ورمزت إحدى الصور المميزة للطائرة وهي تحلق فوق محطة خيماسولار للطاقة الشمسية المركزة في جنوب إسبانيا والتي تعد "مصدر" شريكا فيها إلى قدرات أول طائرة تجوب أرجاء العالم ليلا ونهارا بالاعتماد كليا على الطاقة الشمسية خاصة أن محطة خيماسولار نفسها هي أول محطة طاقة شمسية من نوعها في العالم تستطيع إنتاج الطاقة على مدار 24 ساعة في اليوم.
وعلاوة على ما سبق استعرضت "سولار إمبلس 2" إمكاناتها التقنية الحديثة والمواد خفيفة الوزن وتقنيات تخزين الطاقة واستخدام الطاقة وكفاءتها وهذه المميزات جميعها من شأنها أن تقلل التكاليف بشكل كبير وتخفض الانبعاثات الكربونية في حال تطبيقها على نطاق واسع كما أن تلك الميزات تماثل تماما استثمارات "مصدر" في الابتكار بمجال الطاقة النظيفة.
وقال الطيار بيرتراند بيكارد رئيس مجلس إدارة سولار إمبلس ومؤسس المشروع.. ان سولار إمبلس تجسد روح التقنيات النظيفة من خلال إعادة تصميم وهيكلة جوانب متعددة في حياتنا لتجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ..مؤكدا إمكانية دمج الطاقة المتجددة في كل مكان بحيث تكون ذات جدوى تقنية واقتصادية ..مشيرا إلى أن هذا الانجاز الذي حققته الطائرة ليس فقط الأول في تاريخ الطيران بل إنه أيضا وقبل كل شيء الأول في تاريخ الطاقة.
وأكد أنه في غضون 10 سنوات سنرى الطائرات الكهربائية التي تقل 50 راكبا في رحلات لمسافات قصيرة ومتوسطة ..ولكن هذا لا يكفي إذ إن التقنيات المستخدمة في سولار إمبلس يمكن تطبيقها على أرض الواقع في حياتنا اليومية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بطريقة مجزية في عالمنا اليوم.
من جانبه قال أندريه بورشبيرغ الرئيس التنفيذي والمؤسس الشريك للمشروع وأحد قائدي الطائرة إن التحليق رحلة واحدة بنوع جديد تماما من الطائرات يعد صعبا ولكن أن تحلق بتلك الطائرة حول العالم فهذا هو التحدي الحقيقي ..موضحا أن هذا الإنجاز يحمل أكثر من دليل على قدرة التقنيات النظيفة وأنه تأكيد على أن هذه التقنيات يمكن الاعتماد عليها والثقة بقدراتها.
وأضاف أن الطيران بالاعتماد على التقنيات النظيفة لم يعد مسألة قابلة للتساؤل بعد الآن انها فقط مسألة الإقدام على التنفيذ فسولار إمبلس باتت تشبه شبكة الطيران الذكية من خلال إنتاج وتخزين وتوزيع الطاقة بطريقة فعالة ..وبما أننا تمكنا من تنفيذ ذلك في طائرة فإننا بلا شك قادرون على العمل في مدننا ومجتمعاتنا بطريقة مماثلة.
وأعرب قائدا الطائرة عن سعادتهما بالعودة إلى أبوظبي والاستقبال الحافل الذي حظيا به في الإمارات ..مشيرين إلى أن دعم إمارة أبوظبي وشركة "مصدر" كان جزءا رئيسيا من الرحلة المحطمة للعديد من الأرقام القياسية ..وإذا استطاع المبتكرون حول العالم التعاون مع بعضهم البعض بالروح نفسها التي أظهرها فريق عمل سولار إمبلس وشركاؤه فسوف نكون على موعد مع مستقبل أكثر استدامة للجميع.
وكانت سولار إمبلس شهدت كذلك مرافقة الشاب الإماراتي حسن الرديني لرحلة فريق العمل حول العالم ممثلا عن دولة الإمارات.
وقال الرديني تعليقا على إتمام الطائرة رحلتها.. انه يشعر بالفخر والاعتزاز لتمثيل دولة الإمارات ضمن فريق يتألف من مجموعة من الخبراء الدوليين استطاعوا تحقيق إنجاز جديد في عالم الطيران والطاقة المتجددة ..مشيرا إلى أن رحلة سولار إمبلس قد أثبتت أن سعينا وراء الاستفادة من مصادر الطاقة المستدامة يمكنه أن يسد الفجوة بين الثقافات.. وإننا ننظر إلى هذه الصفحة التاريخية من مسيرة قطاع النقل الجوي الحديث والطاقة بصفتها مصدر إلهام لنا وكونها ترمز لعبقرية الإنسان ..ويجدر بنا أن نتذكر أيضا بأن سولار إمبلس هي مجرد وسيلة لتحقيق هدف أسمى.
يذكر أن طائرة "سولار إمبلس 2" بدأت رحلتها التاريخية من أبوظبي في مارس 2015 وتوقفت خلالها في عدة محطات شملت دولا مثل عمان والهند وميانمار والصين واليابان والولايات المتحدة وإسبانيا ومصر.
وتمكنت الطائرة في رحلتها من تحقيق 19 رقما قياسيا عالميا على الأقل منها أطول رحلة طيران في العالم بالاعتماد على الطاقة الشمسية.. من ناحية الزمن "117 ساعة و52 دقيقة".. ومن ناحية المسافة "8.924 كيلومترا" ..كما أكملت الطائرة أكثر من 500 ساعة طيران محلقة على ارتفاع وصل إلى 9 آلاف متر وبسرعة وسطية تراوحت بين 45 – 90 كيلومترا في الساعة.