استضافتها "مبادلة لصناعة الطيران"
وشارك فيها أكثر من 1500 شخصية عالمية من صناع القرار والمسؤولين التنفيذيين في مجال صناعة الطيران العالمية
اختتام أعمال الدورة الثانية للقمة العالمية لصناعة الطيران فى أبوظبى
أبوظبى "المسلة"… تحت رعاية الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، اختتمت يوم أمس الثلاثاء فعاليات الدورة الثانية للقمة العالمية لصناعة الطيران، التي استضافتها العاصمة أبوظبي يومي 7 و8 أبريل بمشاركة ما يزيد عن 1,500 مسؤول تنفيذي يمثلون 425 شركةً عالمية عاملة في مجال صناعة الطيران في 56 دولة حول العالم.
وخلُص المشاركون في جلسات اليوم الثاني من القمة إلى ضرورة أن تعمل قطاعات الطيران التجاري وصناعة الطيران والدفاع والفضاء على توفير التقنيات الجديدة والمبتكرة لتحفيز الأجيال الشابة، خاصةً في سن مبكرة، إذا ما رغبت في استقطاب أفضل وألمع العقول ضمن قواها العاملة.
وتم تسليط الضوء على هذه القضية خلال الجلسة الافتتاحية لليوم الثاني، والتي ألقى الكلمة الرئيسية فيها رائد الفضاء المعروف باز ألدرين أمام حشد كبير من الحضور. وقد أشار العديد من الحضور من قادة وممثلي قطاع صناعة الطيران إلى أن الخطوات الأولى التي خطاها السيد/ ألدرين على سطح القمر منذ 45 عاماً كانت الحافز الذي ألهمهم للالتحاق بمجالات مرتبطة بصناعة الطيران.
وشاركت الوفود المشاركة في فعاليات اليوم الثاني بمجموعة واسعة من جلسات الحوار والنقاش، التي تناولت عدداً من القضايا الهامة والتحديات التي تواجهها قطاعات الطيران التجاري، وصناعة الطيران، والدفاع والفضاء. وتكررت بصورة واضحة خلال هذه الجلسات قضيتان رئيستان وهما الصعوبات التي تواجه عملية استقطاب وتدريب واستبقاء أفضل الخريجين، إلى جانب الفرص التي يمكن اغتنامها من عمليات التصنيع الناجحة.
وفي هذا السياق، أشار جان برنارد ليفي، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي في شركة "تاليس" فى بيان تلقت "المسلة" نسخة منه ، الى أن العالم يشهد حالياً نقلة نوعية في التركيز على مجال التصنيع، قائلاً: "لن نتمكن من تحقيق معدلات نمو وفيرة في الاقتصادات الغربية، ولكننا سنحقق الكثير من النمو في الشرق. عندما يكون لدى شركة مثلنا أكثر من 90% من قواها العاملة في الدول الغربية، فهذه دلالة واضحة على أننا بحاجة لإعادة التنظيم، لاسيما وأنه يعد أحد التحديات الرئيسية أمامنا. يجب أن نعيد ترتيب تواجدنا الصناعي في المناطق التي سنحقق فيها معدلات النمو المنشودة".
وأيَّد كثير من المتحدثين من الأسواق الدولية هذه الفكرة، حيث قال إيفور إيشكوفيتز، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمجموعة "باراماونت جروب"، أكبر شركة خاصة في قطاع الدفاع وصناعة الطيران في أفريقيا: "من خلال تواجدنا في المنطقة الجنوبية لأفريقيا، نرى أن لدينا مجموعة من أفضل الإمكانات والقدرات في قطاعات الدفاع وصناعة الطيران على مستوى العالم. هناك اعتقاد خاطئ بأنه إن لم تكن من أوروبا أو الولايات المتحدة، فإنك لن تقدر أن تكون لاعباً رئيسياً في هذا المجال. ولقد أثبتنا بالفعل عدم صحة هذا الاعتقاد".
وأوضح محرم دورتكازلي، الرئيس والمدير التنفيذي في الشركة التركية لصناعات الفضاء، أن هذه الصناعات قادرة على أن تشكل حافزاً لنمو الناتج المحلي الإجمالي، قائلاً : "إنّ متوسط قيمة الكيلوجرام الواحد من صادراتنا في قطاعات الدفاع وصناعة الطيران أكبر من متوسط قيمة الصادرات التركية بحوالي 16 ضعفاً. وتستخدم هذه الصناعة العناصر الحيوية لجميع شركائنا في المجتمع كهيئات التعليم والشركات الصغيرة والمتوسطة، كما أنها تضيف قيمة حقيقية إلى الناتج المحلي للدولة".
من جهته علق داتو/ وان هاشم، المدير التنفيذي لهيئة تطوير الاستثمار الماليزية، أن الحصول على القوى العاملة الماهرة يُعدَ أمراً حيوياً لهذا القطاع، قائلاً: "يُنظر الآن إلى قطاع الطيران على أنه محور استراتيجي سيأخذ مجال التصنيع في ماليزيا إلى آفاق أكثر رحابة في المستقبل، فالاستثمار في صناعة الطيران محفز أساسي للنمو في ماليزيا. إنّ مصدر القوة الأول في الصناعة الماليزية هو رأس المال البشري الذي تم تدريبه وتأهيله جيداً. ليس لدينا أدنى شك في أن ماليزيا ستصبح المركز الرئيسي المقبل لصناعة الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
بدوره أشار بدر العلماء، الرئيس التنفيذي لشركة "ستراتا"، إلى أن هذه الصناعات قدّمت العديد من الفرص للجميع. وقال: "لقد بدأنا برؤية محددة واستراتيجية تندرج تحت رؤية أبوظبي "2030". الأجواء هنا حارة ورطبة وترابية، ولم يكن أحد يسمع من قبل عن عمليات التصنيع في قطاع الطيران، أما الآن تصل نسبة المواطنين الإماراتيين ضمن القوى العاملة لدينا إلى 40%، كما أن السيدات يشكلن 80% من إجمالي هذا العدد. السيدات هنّ من يصنعن المنتج، وهنّ قصة النجاح الحقيقية".
من جانبها أكدت الدكتورة كريمة مطر المزروعي، مدير إدارة المناهج بمجلس أبوظبي للتعليم، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة توفر برامج هدفها التواصل مع الأجيال الشابة. وقالت في هذا الصدد: "يشكل برنامج "المهندس الصغير" فرصة رائعة لطلابنا الناشئين. وسوف يشجعهم البرنامج على الاستمتاع بالعملية التعليمية، كما سيزودهم بفهم أفضل حول احتياجات دولة الإمارات فيما يتعلق بالقوى العاملة وكذلك الفرص التي سيحظون بها في المستقبل".
وتابعت قائلة: "لاحظنا أنّ الطلاب عندما يتفاعلون مع القوى العاملة الحالية، فإن ذلك يساعدهم في تطوير اهتماماتهم بهذه الصناعات والمسارات المهنية التي سيلتحقون بها مستقبلاً. وقد حقق برنامج المهندس الصغير نجاحاً ملموساً اليوم، فعندما تواصلت معنا شركة مبادلة في بداية الأمر لإطلاق البرنامج، كان هدفنا الحصول على 50 طالباً تتراوح أعمارهم بين 10أعوام إلى 12عاماً، ولكن تمكنا من جذب 150 طالباً في نهاية المطاف".
واستطاع المشاركون في جلسات اليوم الثاني للقمة تحديد عدد من الفرص لرفع مستوى الاهتمام بقطاعات الطيران. وقال وليام إف ليون، مدير قطاع استراتيجية البحوث والتطوير العالمية، في شركة "بوينج" للبحوث والتكنولوجيا: "يعمل قطاع صناعة الطيران على تحقيق الهدف الأسمى المرتبط برغبة الأشخاص في التواصل مع بعضهم، واستكشاف العالم مع الآخرين. أرى أن ذلك الهدف سيمتد للوصول إلى الفضاء والقيام بعمليات الاستكشاف المتواصلة التي لا تقتصر فقط على عالمنا، بل إلى المجموعة الشمسية أيضاً".
واتفق مع هذا الطرح رائد الفضاء باز ألدرين الذي أشار إلى أهمية الدخول في شراكات لتحقيق هذا الحلم. وأوضح قائلاً: "لديّ قناعة بأهمية وجود تعاون دولي في هذا الشأن، فهذا هو الوقت المثالي ليجتمع فيه العالم سوياً خلف هدف واحد للعمل في الفضاء. وأرى أن هذا الأمر سيعود بالنفع على الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول العالم، والوقت الحالي هو الأنسب للقيام بشيء حيال هذا الأمر. وأرى أيضاً أن تطوير القطاع التجاري سيلعب دوراً محورياً في مستقبل صناعة الفضاء".
من جانبه أشار سوجيت سامادار، المدير والرئيس التنفيذي لشركة "شينماويا" للصناعات بالهند، إلى وجود الكثير من الفرص القريبة من أجواء الأرض، وقال: "في عام 1903 شاهدنا 20 ثانية فقط ورحلة مداها 130 قدماً، أما الآن فتقطع الطائرات مسافة 8,000 ميل. إنني أتساءل هنا عن النقلة النوعية المقبلة في صناعة الطيران. ولأن عامل الوقت مهم للغاية، أعتقد أن مستقبل هذا القطاع قد يكمن في الطيران فوق الصوتي. حتماً ستحتل قضية السلامة أهمية قصوى، ولنضمن سلامة هذه الرحلات، فإن ذلك سيتطلب ما هو أكثر بكثير من القدرات البشرية".
وبما يليق بمكانة الفعالية التي أقيمت في المدينة المضيفة لسباقات الفورمولا1، قال نيك سيل، مدير العمليات التنفيذي في شركة "تاتا للتكنولوجيا"، أن الشركات الرائدة في الإبداع قد تتعلم الكثير من هذه الرياضة. وأوضح قائلاً: "يمكننا أن نتعلم الكثير من سباقات الفورمولا1، فالفرق المشاركة فيها تعكف حالياً على تطوير منتجات جديدة وسيتم طرحها في غضون يومين لتحقيق الميزة التنافسية".