السياحة الصحراوية في الجزائر
الجزائر "ادارة التحرير" …. مدينة تمنراست تمثل قبلة السياح الأولى في الجزائر لما تحتويه من معالم طبيعية أهلتها لأن تكون مدينة سياحية من الطراز الأول.
صحراء الجزائر أرض مختلفة، تضم تكوينات بركانية منحوتة بفعل الرياح، مدهشة بأشكالها الغرائبية، كما لو أن الطبيعة تطلق العنان لخيالها الجامح في تلك الجغرافيا السحرية، حتى يخال زائرها أنه على أرض مرّيخية.
تمنراست عاصمة الهقار بالجزائر مدينة تفتخر بعراقة تاريخها وتشهد على ذلك الرسومات والنقوش الحجرية التي تحتفظ بتاريخ المنطقة والتي اكتشفت بطاسيلي الهقار وتيديكلت وهي تمثل اليوم أغنى متحف في الهواء الطلق لفنون ما قبل التاريخ. ولذلك صنفت منطقة اليونسكو الحظيرة الوطنية للهقار ضمن التراث العالمي المحفوظ.
وتشتهر تمنراست بكونها ملحمة الرجال الزرق وهم “الطوارق” أو “أهل اللثام” الذين اشتهروا بكنية “الرجل الأزرق” لتفنّنهم في ارتداء الكوفية والعمامة الزرقاء، ولون بشرتهم اللافح، حيث تحدى هؤلاء منذ قديم الزمان، مصاعب الصحراء الكبرى، وحوّلوها إلى متحف فريد، فأينما توجهت نحو أضلاع السلسلة الجبلية الشهيرة تحس وأنّك تتلمس حضارة العصر الحجري، وأنامل الإنسان الأول في منطقة دلت الحفريات، على تواجد الإنسان بها قبل نصف مليون عام. بحسب العرب
وتقع ولاية تمنراست علي مسافة 1981 كيلومترا جنوب العاصمة الجزائر تحدها من الشمال ولايتا غرداية وورقلة ومن الشرق ولاية أليزي ومن الغرب ولاية أدرار ومن الجنوب النيجر ومالي وهي أكبر الولايات الجزائرية مساحة. ومع أنها تقع في قلب الصحراء إلا أن مناخ تمنراست مختلف يغلب عليه الاعتدال نظرا لتضاريسها الجبلية.
وظلت تمنراست تستقطب اهتمام الشعوب وعرفت انتشار البربر (الطوارق) الذين قدموا من (عزان) وشهدت حركة بشرية جد نشيطة عندما استفر الرومان بشمال أفريقيا وجعلوا منها مسلكا وقطبا تجاريا مهما وتحولت إلى ملتقى قوافل تجارية من أوروبا (روما) وأفريقيا.
وخلال الفتح الإسلامي استقر بها الشرفاء و المرابطون من تافيلالات والساقية الحمراء، وفي فترة الاحتلال الفرنسي شهدت نشوب العديد من المقاومات والثورات الشعبية.
وتعتبر مدينة تمنراست قبلة السياح الأولى في الجزائر من مختلف بقاع العالم لما تحتويه من معالم طبيعية أهلتها بجدارة لأن تكون مدينة سياحية من الطراز الأول، فصحراؤها تبعث في النفس السكينة والهدوء وروح التأمل، ليعود بك التاريخ إلى الأصول الأولى للإنسان.
أجمل غروب
تشتهر المدينة بأجمل غروب شمس وذلك في منطقة الأسكرام التي تتميز بجبالها الفريدة والبديعة في تركيبها حيث يبلغ جبل الأسكرام حوالي 2800 متر ويعتبر هذا الجبل مقصدا مهما للسياح، فمن يزور مدينة تمنراست فلا بد أن لا يفوّت عليه فرصة التمتع بمنظر أجمل غروب على الإطلاق وسط لوحة فنية رائعة تمزج بين شموخ جبالها وصفاء رمالها وروعة سمائها عند الغروب.
وتضم هذه المنطقة كنيسة بناها الأب فوكو الذي عاش في بداية القرن العشرين في تمنراست وهو متعبد مسيحي ترك دياره الفرنسية ليختلي بنفسه في صحارى الجزائر طلبا للعزلة والتأمل والتفكير في شؤون الخلق، حيث أسس قاموسا حول الثقافة الطارقية (الطوارق) التي هي في الأصل ثقافة شفهية، ويعتبر هذا المكان بمثابة حج بالنسبة إلى المسيحيين الذين يتجهون إليه بكثرة.
والوصول إلى الأسكرام ليس بالأمر الهين فهو يتم من خلال طريق غير مرصوف على مسافة تقدر بـ 80 كيلومترا، وتستغرق الرحلة أكثر من ساعتين تتخللها مشاهد في منتهي الروعة تشاهد من خلالها أشكال جبلية مختلفة فهناك أشكال تشبه الأسود والفيلة والأسماك وأخرى تشبه إصبع الإبهام، وغيرها كثير.
بالإضافة إلى صخور تزين طول الطريق توحي بأنك على سطح القمر، كما يوجد نهر قريب من الأسكرام تزيد مياهه في فترة الصيف حيث يعتبر فضاء مناسبا جدا للتوقف فيه من عناء السفر للاسترخاء، وأيضا يمكنك رؤية جبل الطاهات، كما تضم المنطقة محطة للأرصاد الجوية.
سحر وعراقة
تمثل سلسلة جبال الطاسيلي الحزام الخارجي للهقار ويتكون من تشكيلات جيولوجية رائعة تعود إلى العصر الجليدي الأول ويضم كل من مودير بالشمال، طاسيلي ناجر في الشرق والجنوب الشرقي، طاسيلي ناهقار بالجنوب، والأسجراد والأهنات في الغرب والشمال الغربي.
ويقع الطاسيلي في هضبة عالية قاحلة ترتفع بـ 1000 متر على سطح البحر. وتمتد هذه الهضبة على شريط يبلغ طوله 800 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب ومن 50 إلى 60 كيلومترا من الشرق إلى الغرب وتوجد بهذه المنطقة قمم صخرية حادة تعبر عن آثار المدن التاريخية القديمة الأولى. وقد نحتت هذه التضاريس تحت تأثير المناخ عبر الزمن. وتوجد بطاسيلي رسومات ونقوشات تطورت عبر الأزمنة حيث عرفت أشكالا ومحتويات مختلفة تتمثل في عمليات الصيد، والرقص والعبادة.
ملكة الطوراق الأولى
تقول الأسطورة إنها امرأة حسناء كانت هوايتها التنقل والترحال لاكتشاف قلب الصحراء العميقة، حيث غادرت مسقط راسها تافيلالات جنوب الأطلس المغربي، متجهة إلى منطقة الهقار بالجنوب الجزائري علي متن ناقة وبرفقة خادمتها ومجموعة من العبيد، وكما تقول الروايات فإنها نجحت في تشكيل تحالف مع قبائل المنطقة لتتحول بذلك إلى امراة يحكي عنها كل سكان المنطقة، فأصبحت بذلك محل إعجاب سكان الطوراق والملكة الأولى لهم، وقد كانوا قديما يحتفلون بذكرى قدومها إلى الهقار.
وكانت تينهينان امرأة مسلمة غير أنه عند وفاتها كانت طريقة دفنها في الضريح لا تتبع العادات الجنائزية الإسلامية، بحيث كان الهيكل نائما على الظهر متجها نحو الشرق ومغطى بقطعة جلد وبرفقته قطع من الحليّ والأشياء الثمينة وذلك عام470 للميلاد حسب ما حدده علماء الآثار. ويقع ضريح تينهينان فوق تل وادي أباليسة بعيدا عن ولاية تمنراست بحوالي 80 كيلومترا في الجهة الجنوبية الغربية لهضبة الهقار، وقد اكتُشِفَ هذا القبر عام 1925 ميلادية من قبل بعثة أميركية فرنسية، ثم نقل الهيكل بعد سنة من اكتشافه إلى مدينة نيويورك، وفي سنة 1934 عرض الهيكل في متحف الإنسان بباريس في إطار معرض حول الصحراء، ثم استقر بمتحف باردو بالعاصمة التونسية.
غابت تينهينان وبقيت آثارها تشهد على أنها امرأة كانت مثل شمس الصباح أشرقت في صحراء الجزائر ذكرها الباحثون والعلماء في كتابات ونسجت حولها قصص وحكايات.