مشروع عربي ألماني لتشجيع اندماج الثقافات بين الشعبين
برلين"المسلة" … كثيرا ما تستخدم الأمثال للدلالة على معنى معين، لذا فتعلّم أي لغة يستدعي التعرف على أمثالها، وقد اختارت مؤسسة «الدار» في برلين المقارنة بين الأمثال الألمانية والعربية في إطار مشروع يهدف لتشجيع اندماج العرب في المجتمع الألماني.
هنالك أمثال كثيرة يتداولها العرب في حياتهم ولغتهم اليومية مثل «عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة» و»مطرب الحي لا يطرب» أو «إذا كان بيتك من زجاج لا تقذف الناس بالحجارة»، لها مقابل بنفس المعنى في اللغة الألمانية وإن اختلفت الصياغة اللغوية.
وكانت تلك المقاربة بين الأمثال العربية والألمانية موضوع هذا الشهر من مشروع الاندماج العربي الألماني الذي تشرف عليه مؤسسة «الدار» في برلين، وهي مؤسسة تهدف إلى رعاية الأسر العربية وتعمل في المجال الاجتماعي والثقافي منذ ما يقارب الثلاثين سنة.
مشروع ثقافي
وتقول رئيسة مؤسسة «الدار» رينيه أبو العلا عن هذا المشروع لـ دويتشه فيلله: «لقد اخترنا موضوع الأمثال لأنها تعبر عن المواقف الاجتماعية، فالمشروع هو مشروع ثقافي يُعرّف كلا من الألمان والعرب عن جوانب في ثقافة الآخر».
عرض الأمثال تم باللغتين العربية والألمانية، وهو ما أبرز التشابه الكبير بين الأمثال في كلتا الثقافتين. فعلى سبيل المثال المثل العربي القائل: «عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة» له مقابل ألماني على النحو التالي «عصفور في اليد أفضل من حمامة على السطح».
وقالت ميساء سلامة فولف -التي عرّفت المشاركين الألمان في هذا المشروع على المقابل العربي للأمثال الألمانية- إن «المشروع لا يقتصر على حي واحد في برلين وإنما يقام في أحياء أخرى»، ويسعى المنظمون للوصول إلى أكبر عدد من المهتمين بالثقافة العربية، وكسب مهتمين جدد.
وعبر أحد المشاركين بالعرض -وهو المحامي الشاب كريستيان، والذي يعمل بوزارة الداخلية الألمانية- عن أهمية المشروع بالنسبة له كألماني بقوله «أنا مهتم بالثقافة العربية، ومثل هذه اللقاءات تساعدني في التعرف أكثر على هذه الثقافة التي أحب».
بالإضافة للبعد الثقافي لهذا اللقاء، فإنه يشكل أيضا فرصة للتقارب الاجتماعي بين الألمان والعرب، إذ تكون مناسبة لدحض بعض الأحكام الجاهزة التي يشكلها كل طرف عن الآخر، إذ شكلت الأمثال مدخلا لنقاش آخر يتعلق بالعادات المشتركة أو المختلفة بين العرب والألمان. وتشرف مؤسسة الدار على سلسلة من المشاريع، ولها أكثر من مجال عمل وتقول رئيسته الفلسطينية رينيه أبو العلا «مثلا إذا كان للمرء سؤال معين نساعده في الإجابة عنه ونخفف من غربته».
وتضيف موضحة «مجال آخر نعمل فيه متعلق بالدورات التدريبية وهي دورات الغرض منها ليس الحصول على شهادات وإنما تعطي فرصة للكثيرين في التعلم، إذ ننظم دروسا بسيطة في اللغة الألمانية أو دروسا في مبادئ الكمبيوتر والإنترنت، أو الخياطة أو الطبخ وغيرها».
وتتابع أبو العلا: «هذه وسائل وليست أهدافا تعليمية بحد ذاتها. نحن نساعد الإنسان ليصل إلى هدفه ويعرف قيمته كإنسان».
مجالات متعددة
مجال آخر للعمل في المؤسسة يشمل أطفال المدارس من العرب، ولكن العمل يتم خارج المدرسة، إذ يقومون بمجموعة من الأنشطة كالموسيقى والرسم والأعمال اليدوية، و»الهدف هو أن يعبروا عن مشاعرهم ويتمكنوا من التعامل معها» كما تقول أبو العلا التي راكمت تجربة في العمل الاجتماعي على مدى ثلاثة عقود.
تتردد أبو العلا في استخدام بعض المصطلحات الدارجة في الإعلام أو الحياة اليومية كمصطلح «اندماج» مثلا، إذ تقول «البعض يسمي ما نقوم به اندماجا، لكن المهم بالنسبة لنا ليس التسمية ولكن المضمون، فليس هدفنا أن يتغير الإنسان، ولكن أن نفتح له مجالا للمعلومات التي لم تكن متاحة له في السابق وهو يختار من خلال شخصيته وثقافته وبيئته أي طريق يناسبه أكثر».
ويتم جزء هام من العمل مع العائلات العربية، عن طريق المشرفين الاجتماعيين المتخصصين والأخصائيين النفسيين كما تخبرنا المشرفة على المؤسسة، والتي تعد المؤسسة العربية الوحيدة التي لديها اتفاقية مع مكتب رعاية الشباب والطفولة في برلين.
واستخلص المشاركون في آخر اللقاء -بعد نقاش بشأن الأمثال العربية والألمانية- أن تشابه الأمثال يعبر عن ثقافة إنسانية مشتركة ومتشابهة في معظمها، وهو الأمر الذي يجعل من الحوار والعيش المشتركين إمكانية أكيدة، إذ مهما اختلفت جنسية وثقافة الإنسان، فإن مجموعة من الأعراف والتعاقدات الاجتماعية تظل واحدة في الأخير.