خل القلعة يتراجع والسياح يغيبون
بعلبك تناشد المهرجانات العودة
بعلبك " المسلة " … تعرض جيهان ما تحتويه محالها في بعلبك من هدايا تراثية كل صباح لتعود وتدخلها مساء من دون أن تبيع منها شيئاً. وينصب المختار خالد الشياخ خيمته على جانب المدخل الرئيسي لقلعة بعلبك عارضاً اللوحات التذكارية والهداية للسياح، ومحتملاً أشعة الشمس الحارقة ظهراً، إلا أنّ غلته في المساء تعادل صفراً. يسحب أحمد جمله وحصانه إلى المربع الخاص به إلى جانب سور القلعة، منتطراً قدوم سائح أجنبي ليغريه بصورة تذكارية على ظهر الحصان أو الجمل، لكنه يعود في مساويات هذه الأيام خائباً.
هذه مشاهد من يوميات بعلبك التي تعيش هذه الأيام ركوداً اقتصادياً يكاد يشل المدينة، وقد خاب أمل البعلبكيين في صيف سياحي. قد يضطر إيهاب رعد إلى إقفال مطعميه في بعلبك لعدم تمكنه من تحمل الخسائر الدائمة، بالرغم من أنه أبقى على ثلاثة من أصل 12 من الموظفين في مطعميه، وبالرغم من تخفيف حجم مصاريفه اليومية.
ويشير رعد إلى أنّ «أعداد السياح العرب والأجانب إلى بعلبك، يكاد يكون صفراً، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا، حيث كانت الشركات السياحية السورية تضع بعلبك ضمن برنامجها السياحي، وقد توقفت الرحلات السورية، وتوقف معها دخول الزوار إلى بعلبك، بينما السياحة الداخلية بمعظمها سياحة دينية». يضيف: «كنّا نأمل أن نشهد بعض الحركة خلال مهرجانات بعلبك الدولية إلا أن نقلها إلى بيروت أفقدنا أي أمل، وقد ترك نقل المهرجان إلى بيروت انطباعاً أمنياً سيئاً عن المدينة التي تعتبر بحق من أفضل المدن أمنيا».
صرخة البلدية :
ينتظر الأدلاء السياحيون في بعلبك خبراً من إحدى الشركات السياحية التي تبحث في الفنادق عن سياح، بغية إغرائهم بزيارة قلعة بعلبك. والأدلاء لم يستقبلوا الأسبوع الماضي سوى 6 سياح تولى أمر إرشادهم دليل واحد. بلدية بعلبك تصرخ من تدني حجم دخل قلعة بعلبك وتراجعها بشكل لم يسبق له مثيل حتى في أصعب ظروف الحرب الأهلية التي مرت على لبنان، إذ بلغ الانكماش السياحي بين الأعوام 2010 والـ2013 ما قيمته نسبة 84 في المئة، فالأرقام تدلّ إلى أنه في العام 2010 بلغ عدد الزوار إلى قلعة بعلبك 153858 زائرا، وقد تراجع العدد في العام 2011 إلى 106937 زائرا وفي العام 2012 تدنى إلى 66324 وحتى نهاية حزيران من العام 2013 تقلص عدد الزائرين إلى 12638. ويعلن رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن أنّ «الوضع السياحي مرتبط بالوضع الأمني في لبنان ومحيطه. وقد تأثرت بعلبك كثيراً، إذ تراجعت نسبة الجباية كثيرا، وذلك بسبب:
1- غياب السائح العربي والأجنبي بعد الإنذارات التي وجهت من جانب الدول الأجنبية والعربية بعدم زيارة لبنان.
2- كنّا نعوّل على زائر الأماكن الدينية وخصوصاً مقام السيدة خولة ومسجد رأس الإمام الحسين حيث تحولا إلى محج ديني خصوصاً بعد توقف زيارت الاماكن الدينية في سوريا، وقد شهدنا طفرة سياحية للأماكن الدينية خلال شهري نيسان وأيار الماضيين. إلا أن سقوط صواريخ على محيط المدينة وتحذيرات دول الخليج من زيارة لبنان، ونقل مهرجانات بعلبك الدولية إلى بيروت، كلها أسباب أعطت انطباعاً سلبياً عن الوضع الأمني في المدينة التي تعتبر بحق من أكثر المناطق أمناً في لبنان».
ويلفت حسن إلى أن «البلدية حاولت نقل وجهة نظر أهل المدينة إلى لجنة مهرجانات بعلبك الدولية التي تسرعت باتخاذ قرار نقل المهرجانات الى خارج بعلبك، وقد بدأت مفاعيل قرارها الخاطئ بتدني مبيعات بطاقات الدخول». ويطالب اللجنة، بالرغم من كل الظروف، أن تحيي ولو حفلة فنية واحدة داخل القلعة لسحب بساط التوتر الامني من التداول، ولعدم تكريس إقامة المهرجان خارج القلعة، و«البلدية والأهالي مستعدون للمساعدة في كل ما ينجح هذا التصور، تجنباً لما يطرحه بعض شباب بعلبك لجهة إنشاء لجنة مهرجانات أبناء بعلبك التي بدا التداول بها عبر صفحات التواصل الاجتماعي».
ويعلن حسن أنّ البلدية تدرس فكرة عقد مؤتمر لإنماء السياحة، وتشجيع الاستثمار السياحي، وقد عمدت هذا العام إلى دعم مهرجان التسوق والسياحة من ضمن فاعليات التنشيط السياحي والتجاري في المدينة. ويناشد حسن وزارات الداخلية والمال والسياحة لتحويل الأموال الخاصة بالبلدية لكي تقوم بواجبها الخدماتي والإنمائي، وتتمكن من معالجة تداعيات النزوح السوري إلى المدينة، والذي فاق 40 في المئة من نسبة سكان المدينة، لا سيما بعد تراجع الدخل الأساسي للبلدية من مردود السياحة في قلعة بعلبك. ففي العام 2010 كان دخل البلدية من القلعة 676 مليون ليرة، وقد بلغ في الأشهر الستة الماضية 73 مليون ليرة. وهذا النقص لا يمكن تعويضه إلا عبر زيادة حصة البلدية من الصندوق البلدي المستقل ودفع المستحقات للبلدية من ضرائب الهاتف الخلوي.
المصدر : سفير